توقيت القاهرة المحلي 08:26:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لقطات: الرقم الأصعب فى معادلة الأمن القومى

  مصر اليوم -

لقطات الرقم الأصعب فى معادلة الأمن القومى

د. جودة عبد الخالق

أعزائى القراء، ربما انتظرتم منى أن أتحدث عن التعديل الوزارى الأخير. و هذا منطقى. لكنى أعتذر إن خيبت ظنكم و انصرفت عن ذلك إلى ما هو خير و أبقى.- أقصد الأمن القومى لأم الدنيا. ما هو الرقم الأصعب فى معادلة أمننا القومى؟ قد يتصور البعض أن هذا الرقم مرتبط بمكافحة الإرهاب. و فى هذا بعض الصواب. و قد يرى أخرون أنه متصل بالأمن المائى. و هذا أيضا صحيح. فكل هذه أرقام صعبة فى المعادلة. لكن الرقم الأصعب فى رأيى هو الأمن الغذائى. أكرر: الأمن الغذائى هو أصعب الأرقام فى معادلة الأمن القومى للمحروسة. و يتفرع عن ذلك أن إنتاج القمح يرقى إلى مستوى الأمور الاستراتيجية بامتياز. و هنا، فإن المساحة المزروعة و إنتاجية الفدان هما بيت القصيد. لذلك أزعجنى جدا تصريح منسوب إلى وزير الزراعة (الأهرام 5/1/2018) بأن إجمالى المساحة المزروعة قمحا حتى تاريخه بلغت 2.8 مليون فدان. و توقع سيادته أن تصل إلى 3.25 مليون فدان حتى نهاية الموسم!

لماذا انزعجت جدا؟ ببساطة، لأنه يبدو أن قضية الأمن الغذائى ليست من أولوياتنا رغم أنه ركيزة الأمن القومى. و أسوق عدة دلائل على ذلك. الأول، أن الوزير المسئول لا يعرف مساحة القمح على وجه الدقة حتى بعد إنتهاء موسم زراعته. و الثانى، أن وزارة الزراعة لا يمكنها تدبير تقاوى عالية الغلة إلا لحوالى 30% فقط من مساحة القمح، مما يرغم المزارعين على استخدام تقاوٍ من إنتاج العام الماضى (التى تكون بطبيعتها أقل الغلة). و الثالث، أن الفلاح يتعرض للاستغلال بسبب إنفلات سوق توزيع مستلزمات الإنتاج و فساد الجمعيات الزراعية. فمثلا، الجمعية تقدم للفلاح كمية سماد يوريا غير كافية بسعر 150 جنيها للشيكارة فيضطر لشراء الباقى من السوق بسعر حوالى 200-250 جنيه للشيكارة. و الرابع، أن الحكومة لم تعلن سعر شراء القمح حتى الآن و بالتالى اضاعت فرصة استخدام السعر لتحفيز الفلاحين. و بالمقارنة، عندما كنت وزيرا، كنا نعلن السعر قبل بداية موسم الزراعة مع مراعاة أن يكون أعلى من السعر العالمى لتحفيز الفلاح. فزادت مساحة القمح زيادة ملموسة، و زاد إنتاجنا من القمح.

إن مصر هى أكبرمستورد للقمح فى العالم. و هذا يجعلنا عرضة للضغوط من جانب الدول المصدرة و يهدد أمننا القومى. و لنأخذ كمثال الولايات المتحدة، شريكنا الاستراتيجى كما يقول مسئولونا. ففى الخمسينيات عرقلت إنشاء السد العالى: سحبت عرضها بالمساهمة فى التمويل، و حرضت إثيوبيا و السودان للاعتراض على المشروع. و فى الستينيات أوقفت شحنات القمح المتعاقد عليها معنا. و كان الهدف فى الحالتين هو الضغط على مصر لتغيير سياساستها الداخلية و الخارجية. إن استمرارالاتجاه الحالى فى التركيز على العقارات و مستثمريها و إهمال الزراعة و منتجيها، و بالذات فى مجال القمح، يحمل مخاطر عظيمة على أمننا القومى. و فى هذا السياق، فنحن بحاجة ماسة لاسترجاع دروس تاريخنا و العمل بناء على ذلك لحماية أممنا. لذلك خاب أملى عندما لم يمس التغيير الوزارى الأخير قطاع الزراعة- على الأقل بتعيين نائب للوزير للأمن الغذائى. و أنا هنا ألح قى هذا الطلب كضرورة لحماية أمننا القومى.

لكن يمكننا تحويل مركزنا فى سوق القمح من نقمة إلى نعمة. و أستدعى بهذه المناسبة تجربتنا فى استخدامه كورقة ضغط لمصلحة مصر. ففى عام 2011 أوقفت روسيا دخول البطاطس المصرية بإدعاء أنها مصابة بالعفن البنى. و كنت وقتها المسئول عن استيراد القمح بصفتى وزير التموين بعد ثورة 25 بناير. فدعوت الممثل التجارى لسفارة روسيا فى القاهرة، الذى كنت قد تعرفت عليه أثناء حفل موسيقى. بدأت اللقاء بحديث عن إهتمامنا المشترك، وهو الموسيقى. ثم تعمدت أن أذكر له أننى كنت أسأل أحد أقاربى من الفلاحين الغلابة عن أحوالهم. و أضفت أن قريبى إشتكى من بؤسهم بعد إنهيار سعرالبطاطس نتيجة وقف الروس إستيرادها. و قلت لضيفى أننى كوزير مسئول فى موقف حرج: فأنا أعقد صفقات هائلة لشراء القمح منكم وأنتم تمنعون دخول البطاطس المصرية. قصدت التلويح بورقة القمح مقابل ورقة البطاطس، تطبيقا لنظرية المصالح المتبادلة فى السياسة الدولية. شرب الرجل القهوة، و فهم الرسالة. فبعد عدة أيام إتصل بى ليخبرنى أنهم إكتشفوا خطأِ فى قراءات المعامل الخاصة بعفن البطاطس. و أضاف معتذرا: أهلا بالبطاطس المصرية!
حكمة اليوم
الويل لآُمَّةٍ أكلت خبزا لم تزرعه،
و لَبِسَت ثوبا لم تصنعه.
(جبران خليل جبران)

 

 

عن الاهالي القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقطات الرقم الأصعب فى معادلة الأمن القومى لقطات الرقم الأصعب فى معادلة الأمن القومى



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس

GMT 14:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب يطلب زيادة تذاكرة في مواجهة غانا

GMT 20:56 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تودع 2017 من دون خسارة وتحلم بنيل كأس العالم

GMT 10:06 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي يدخل السباق الرمضاني بمسلسل كوميدي

GMT 19:16 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على سلحفاة ضخمة نافقة على أحد شواطئ بلطيم

GMT 23:56 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الأميركية روفينيلي تمتلك أكبر مؤخرة في العالم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon