توقيت القاهرة المحلي 12:48:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مرشحون صامتون

  مصر اليوم -

مرشحون صامتون

بقلم - محمد المنسي قنديل

من يمكن أن ينفق ملايين الجنيهات، ويبذل الجهد الخارق ويتحمل ما لا يطاق من الإهانات من أجل معركة يعرف أنه سوف يخسرها بالتأكيد؟ هذا هو حال الانتخابات الرئاسية في مصر، معركة انتحارية يمكن أن تدفع بالشخص خارج الساحة السياسية وربما الاجتماعية أيضا، وهو ماحدث مع المرشح السابق حمدين صباحي الذي خرج مهزوما في المعركة السابقة، ولم يستعد توازنه أو يعود لمكانته حتى الآن، لقد كانت نهاية حزينة لزعيم شعبي صعد من وسط الجماهير دون عون من أي مؤسسة حكومية وتحمل عنت الأمن وبرودة السجن، وقد أثبتت تجربته أن العمل في السياسة خاصة عندما تكون معارضا واحدٌ من أشق الأعمال في بلدان العالم الثالث ويكاد يكون مستحيلا في بلد قبضة الأمن فيه قوية مثل مصر. ليس غريبا إذن ألا نجد مرشحا منافسا في الانتخابات القادمة، وفي كل يوم نسمع صوتا عاليا يعلن استعداده للترشح، ثم ينخفض الصوت حتى يتلاشى تماما، والمرشحون الذي يصمدون بعض الشيء سرعان ما تتكشف نقاط ضعفهم وتوجه لهم الاتهامات بل ويخرج من يطالب بنزع الجنسية عنهم، أفعال إرهابية ترتفع فجأة في وجه كل من تسول نفسه أن يمارس حقه الدستوري علما بأن نصوص الدستور لم تطبق في كثير من الأمور فكيف لها أن تطبق في أمر خطير لا يسمح بتداوله كما هو الحال في حكم مصر، ويبدو هذا واضحا في حالة المرشح الكلاسيكي أحمد شفيق. يعاني هذا العسكري السابق من مشكلة في الحديث، لا يستطيع أن يعبر بوضوح عن أفكاره، وعندما يبذل جهدا إضافيا ليتحدث إلى وسائل الإعلام يقول كلاما غير مفهوم، لذا فالآخرون يتحدثون عنه أفضل منه لأن من السهل أن يوقع نفسه في المتاعب، الآخرون أيضا هم الذين أصروا على ترشيحه، وأفهموه أنه سيعود من الإمارات إلى مصر كبطل منتصر، وهم أيضا الذين كانوا أول من تخلوا عنه عندما أوقع نفسه في المتاعب مع قناة الجزيرة، وعاد شبه مطرود من دولة الإمارات، هذا هو حال أقوى المرشحين حظوظا فما بالك ببقية المرشحين؟ مأزق عدم القدرة عن الكلام هو حال كثير من العسكريين الذين عرضوا أنفسهم للترشح، لقد دفعهم الذين يحيطون بهم دفعا لهذا المنصب الخطير وهم أبعد ما يكونون عنه فكرا وتعبيرا، اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات السابق كان كذلك، فرض عليه منصبه الصمت، وعندما تحرر منه وأصبح نائبا للرئيس ظل صامتا، لم يقل إلا جملتين، الأولى واحدة من أسوأ الجمل في التاريخ: "الشعب المصري غير مستعد للديمقراطية"، والثانية كانت من أفضل الجمل في التاريخ: "قرر الرئيس مبارك التنازل عن الحكم"، وانزوى بعد ذلك بعيدا عن أي منصب، ولكن لسبب ما تم دفعه للترشح لمنصب الرئاسة وتواصل صمته رغم ذلك، لم نرَ له إلا صورة وحيدة لم تتغير، وبعدما تم رفضه من قبيل لجنة الانتخابات لسبب تافه لم نسمع عنه أي اعتراض، وسار إلى نهايته بطريقة غامضة تليق بحياته السرية، فقد مات أخيرا دون أن نعرف عنه شيئا، وحتى الكتب التي صدرت عنه كانت تافهة لا تحمل أي معلومات، الأمر كذلك بالنسبة للمرشح المسكين الذين يحاولون الآن دفعه للترشح للانتخابات الحالية وهو الفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق، وقد قفز اسمه في الترشيح في الانتخابات الماضية قبل أن يتراجع، والأرجح أنه سيتراجع هذه المرة أيضا، وخلال ذلك لم نسمعه يتحدث عن أي قضيه، لم نعرف حتى نبرات صوته، أو إن كان يفكر بشكل صحيح أم لا، لقد كان يحتل مركز الرجل الثاني في حكم مصر في يوم من الأيام، ومع ذلك لم يتدخل في أي نقاش، وظل وجهه جامدا، مليئا بتجاعيد الأمر والنهي التي ربما لا يعرف غيرهما، ومع ذلك هناك من يريده أن يترشح لمجرد أن له خلفية عسكرية، البعض تفتنه الرتبة الموضوعة على الاكتاف ولا يبحث عما تحتويه العقول. وعلى العكس من ذلك، هناك أكثر من مرشح له القدرة على الكلام بإفراط، يتحدث بلغة أشبه بالهذيان رغم أن الصمت أفضل بالنسبة له، مرتضى منصور أعلن عن ترشيحه مؤخرا، مستخدما اللغة الوحيدة التي يجيدها، لغة الشتائم والتطاول والتلميح أن لديه أسرار الفضائح الخفية، وكعادته يخلط حديث السياسة مع الكرة مع خلافاته الشخصية التي لا تنتهي، وهو يكشف دون أن يدري عن سذاجته السياسية وضحالته الفكرية، الغريب مع كل هذا، ومع أن حالته العقلية مكشوفة أمام الجميع فهو يحصل على أعلى الأصوات، حصل عليها في انتخابات مجلس النواب وفي انتخابات النادي الرياضي رغم أنه يوقعه دائما في المشاكل، بالطبع لم ينحط هذا المنصب الرفيع لهذه الدرجة، فالشيء المؤكد أنه سيتراجع عن الترشيح كما يفعل دائما، فهو يخاف من أي سلطة ولا يجرؤ على تحديها، وقد نافق نظام مبارك وتغزل في ابنه، وما زال يتغزل في النظام الحالي. ولكن بعيدا عن هذا السفه يوجد صوت متفرد هو خالد على المحامي المدافع عن الحقوق المدنية، الوحيد بينهم الذي لديه ما يقوله، والوحيد الذي يدفع يوميا ثمن معارضته للنظام ويعاني من مضايقات رجال الأمن ومن تلفيق التهم، ومع ذلك يجد الكثيرون أنه لا يستحق هذا المنصب لأنه شخص مدني يحاول أن يقتحم منصبا هو حكر على العسكريين حتى الآن، كما أنه لم يقدم من الإنجازات ما يؤهله له، رغم أنه الوحيد بين كل راغبي الترشيح الذي يملك تاريخا في العمل العام وله مواقفه الوطنية المعروفة، وهو أكثر شهرة من كثير من الذين تولوا منصب الرئاسة لم نكن نعرف عنهم شيئا ولم يحققوا شيئا قبل أن يظفروا بالأغلبية، بعضهم اخترع له تاريخا بعد أن أصبح حاكما. حملة الرئاسة لا تحتاج فقط للكلمات ولكنها تحتاج إلى كمية كبيرة من الأموال، فقد أنفق في الانتخابات التي تلت الثورة مباشرة قدرا كبيرا منها، وساعتها قال الفريق شفيق في صراحة يحسد عليها: لا أحد من مرشحي الرئاسة أنفق قرشا واحدا من جيبه، وقيل بالفعل إن إحدى شركات الإنتاج السينمائي قد قامت بالصرف على حملته، وقد أفلست هذه الشركة وخرجت من السوق تماما، ولم يفز شفيق ولم يستطع أن يعوضها، ولعل السبب الواقعي لانسحابه السريع من الانتخابات هو أنه لم يجد من ينفق عليه، فقد عاد بعد غيبة السنوات الخمس ليجد أن كثيرا من الأمور قد تغيرت، الكثير من رجال الأعمال أصبحوا أكثر ارتباطا مع الإدارة الجديدة، والكثير من المصالح التي يحرصون عليها، وهو الأمر الذي سيواجهه كل من يجرؤ على الترشح، لن يجدوا من يتحمل أعباءهم المالية، وعليهم أن ينفقوا الأموال من جيوبهم، في الانتخابات الأولى أنفق المرشح أبو الفتوح بسخاء بالغ على الدعاية، وكانت إعلاناته موجودة دائما على شاشة التلفزيون، ولم ينافسه في الصرف إلا عمرو موسى، واعتقد كل منهما من شدة كثافة الدعاية أنهما الأوفر حظا، ولكن النتيجة النهائية للانتخابات جاءت لتطيح بهما معا. واقع الانتخابات الجديدة مختلف تماما، وهناك إدارة تمسك كل خيوط اللعبة، وقد أرسلت العديد من الإشارات التي يفهم منها أنها تفضل أن يكون الأمر مجرد استفتاء، دون الدخول في تعقيدات العملية الانتخابية وفي حقيقة الأمر أيا كان عدد المرشحين أو نوعيتهم فالأمر لن يخرج عن كونه مجرد استفتاء.

 

 

نقلا عن موقع  صحيفه التحرير القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرشحون صامتون مرشحون صامتون



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس

GMT 14:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب يطلب زيادة تذاكرة في مواجهة غانا

GMT 20:56 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تودع 2017 من دون خسارة وتحلم بنيل كأس العالم

GMT 10:06 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي يدخل السباق الرمضاني بمسلسل كوميدي

GMT 19:16 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على سلحفاة ضخمة نافقة على أحد شواطئ بلطيم

GMT 23:56 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الأميركية روفينيلي تمتلك أكبر مؤخرة في العالم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon