توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لوجو المتحف بلا روح ولا معنى

  مصر اليوم -

لوجو المتحف بلا روح ولا معنى

بقلم-خالد منتصر

فى مناخ اللغط والفتاوى وهستيريا «القلش» المصرى، تصاعد الهجوم على لوجو المتحف المصرى الذى سيكون أكبر متاحف العالم، وأنا شخصياً أحسست بنفور منه وعدم تفاعل، ولكننى كنت أريد تبريراً علمياً لهذا النفور، لعل السبب هو تأثير تعليقات الأصدقاء ووسائل التواصل على انطباعى، لذلك كنت حريصاً على معرفة رأى فنان خبير هو أحمد اللباد، الامتداد الفنى والبيولوجى وريث أعظم من علمنا معنى الثقافة البصرية فى سلسلة «نظر» وهو الفنان العظيم محيى اللباد، رأيه كان مهماً ويا ليت المسئولين يستمعون إليه، يقول الفنان أحمد اللباد:

«اللوجو» ليس شعاراً «بيروقراطياً» أو تزويقياً معلقاً فى الفراغ كملمح زخرفى مُكمل، بل هو فى حد ذاته رسالة تختصر وتكثف معانى، وتقوم بمهام لا يستطيع أى تفاعل آخر فى أى وسيط القيام بمهمتها؛ لأنه ببساطة إن حدث ذلك القصور، فاللوجو سيعتبر خارج مبرر وجوده.

يرتبط نجاح «اللوجو» بمدى بلاغته فى عرض منتجه وسمته وبيئته وثقافته، وبنفاذه، واختراع زاوية تصميمه، ومدى ذكائها وحدة فرادتها.. ومجموع التوفيق فى تحقيق كل العوامل السابقة، وبصيغة تشكيلية عميقة الاختصار، هو ما سيمنحه حجم حضوره فى عقل المتلقى، ويحدد قدر المساحة الزمنية التى سيبقى فيها حياً فى وجدانه.

تصميم اللوجو نفسه اعتمد على خط عربى شديد الخفة (وكأنه تمرين أولى سريع).. واضح فيه بجلاء قلة البحث الكافى، ويوحى بأن خطاطه أو رسامه متأثر بأفدح أنواع الخطوط الاستهلاكية، وعلاقته المعرفية منعدمة تقريباً بمعنى الخط العربى، وبما يحمله من خصائص عاطفية وثقافية وجمالية، حتى ولو قُدم هكذا فى صيغة حرة مستحدثة وعصرية.

جسم اللوجو اختار الشكل شبه المنحرف (المسقط الرأسى الهندسى لمساحة المتحف) ليكون هو الجسم الأساسى للتصميم، وقدمه على محور مائل سيشعر المتفرج بالقلق بشكل مجانى غير مبرر أبداً، خصوصاً فى وجود زواياه الحادة المهددة!

الفنط أو شكل الحروف الإنجليزية المختارة شديد الفقر والانتشار، بما يضيف سيولة أكثر فى الخصوصية البصرية، بل يوحى باستقراب مؤسف فى الاختيار، حتى المساحات البينية بين الحروف تُركت للـ«ديفولت» الكمبيوترى الدارج دون أى تدخل، فزاد -بلا مبرر- زمن المشاهدة.

هناك أيضاً اعتبار بديهى الأهمية: وهو المجال الحيوى لحجم الفراغ المناسب المحيط بأى لوجو، ليستطيع أن يتنفس فيه.. وتكون العين المتفرجة مرتاحة لرؤية اللوجو داخله دون تشويش من أى عناصر أخرى بجواره، هذا المجال هو حيز وهمى غير محدد ببراويز أو خطوط مثلاً تصنعه عين المتفرج، وهو حتمى الوجود للتعامل مع أى منتج بصرى، هذه المساحة تحددها حصافة تكوين التصميم وحذقه.. هنا فى هذا اللوجو المشار إليه، ونتيجة لتفتت عناصره، وحركتها المتعددة (الشكل الهندسى المائل، والخط العربى الحر بعدم وجود تماثل للرأسى أو للأفقى فيه، بالإضافة لتعدد سطور الجملة الإنجليزية)، تشعرك بأن اللوجو يحتاج إلى مساحة ضخمة لتستوعب هذه العين المتفرجة التصميم، وتستطيع الإلمام به كاملاً.. ما أن تكوّنها (العين) حتى تجد أن حجمه أصبح ضئيلاً والاتصال به صار مرهقاً جداً.

النقطة المقبولة الوحيدة فى اللوجو هى اختيار اللون البرتقالى.. واختصار ألوان اللوجو فى لونين فقط.

لكن هذا اللوجو بالإضافة لأنه لا يوحى للمتلقى بأى رسالة معبرة إطلاقاً، فهو أيضاً منقوص تماماً معرفياً، وجرافيكياً، ووظيفياً للأسف الشديد.

الحقيقة أننا لا يجب أن نرمى بكل الثقل النقدى هنا على جهة التصميم فقط، لأن الظاهر بوضوح من التصميم النهائى أنه لم يمر بخطوات أساسية عديدة، على رأسها الخطاب الشارح التوجيهى الكافى Briefing، أو تعامل معه الطرفان بتخاذل مؤسف!! وهو الخطاب الذى يشير بدقة للمصمم من القائمين على العمل عن الهدف والغرض المطلوب له التصميم، بما فيها الموانع أو الاعتبارات (غير الفنية) التى لا يلم بها المصمم، أو لا يعلمها.. والذى سيكون فاصلاً أصلياً فى الحكم على العمل وقبوله أو رفضه بعد الانتهاء منه.. وقد يكون المصمم أو الجهة التى تقوم بالتصميم مستخفاً، أو لا يملك الاحترافية الكافية ليعلم بديهية هذه الخطوة وأهميتها، إن لم يقدمها الطرف الطبيعى بنفسه، أو ليناقش المعلومات الناقصة وينتزع هذا «البريف» انتزاعاً للأسف من أصحاب الشأن فى مؤسساتنا التى تعادى الاحترافية، وتكره أساسياتها، وتعتبر متطلباتها البديهية مجرد رذالة.. وتلك للحق عثرة أساسية، وفى معظم الأحيان تكون سبباً فى فشل التصميم ونقطة ضعفه.

يضاف إلى ذلك بالمناسبة طريقة إجازة التصميم، بطريقة: «آه كويس.. لأن شكله حلو!».. أو: «دا ممتاز لأنه شبه اللوجو الفلانى!»، أو تأجيل المناقشات الجدية، والتدخل من أولى الأمر فى التصميم فى مراحله النهائية، وتحميله بأفكار أو تعديلات نظرية خارج فكرته الأساسية.. باختصار فإن الجو المحيط بالتصميم وظروف إنتاجه، يكون فى أحيان كثيرة فى بلادنا هو السبب الأساسى فى خروج التصميم متهافتاً مفككاً بلا روح ولا معنى.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لوجو المتحف بلا روح ولا معنى لوجو المتحف بلا روح ولا معنى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon