توقيت القاهرة المحلي 13:56:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ألستم أنتم الذين أحرقتم البيت الأبيض؟

  مصر اليوم -

ألستم أنتم الذين أحرقتم البيت الأبيض

بقلم - منار الشوربجي

الاتصال الهاتفى الذى أثار عاصفة فى واشنطن وأوتاوا، الأسبوع الماضى، ألقى بالضوء على واحدة من أهم الوقائع فى تاريخ أمريكا، وسلط الأضواء على أداء الرئيس الأمريكى.

فبسبب التعريفات الجمركية التى فرضتها الولايات المتحدة على حليفتها الشمالية، وصل التوتر فى العلاقة بين الولايات المتحدة وكندا إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً أن إدارة ترامب استخدمت لفرض تلك التعريفات نصاً قانونياً نادراً ما يتم استخدامه، يعطى الرئيس الأمريكى صلاحية فرض تعريفات جمركية إذا ما كان ذلك من أجل ردع «تهديدات للأمن القومى» الأمريكى، وهو ما أثار حفيظة الكنديين، حتى إن رئيس الوزراء الكندى اعتبر التوصيف «غير مقبول»، ويمثل «إهانة» لبلاده، التى ظلت دوماً حليفة لجارتها الجنوبية. ووسط تلك الأجواء المتوترة أصلاً، اتصل رئيس الوزراء الكندى بالرئيس الأمريكى. وعندما استنكر «ترودو»، أثناء المحادثة، كيف يمكن لأمريكا أن تعتبر كندا تهديداً «للأمن القومى»، إذا بترامب يجيب: «ألستم أنتم الذين أحرقتم البيت الأبيض؟!».

والحقيقة أن كندا ليست المسؤولة عن إحراق البيت الأبيض، فالواقعة التى أشار إليها ترامب جرت فى عام 1814، ووقتها لم تكن كندا موجودة أصلاً!، فقد كانت عبارة عن مجموعة من المستعمرات البريطانية، ولم تكن «الدولة» التى نعرفها اليوم. وقد جرت واقعة حريق القصر الرئاسى الأمريكى فى خضم الحرب التى أعلنتها أمريكا عام 1812 على بريطانيا، فبدايات القرن التاسع عشر كانت تشهد ما يُعرف بـ«الحروب النابليونية» فى أوروبا، وكانت حرب 1812 فى أمريكا الشمالية أحد تجلياتها، فتلك الحروب الأوروبية التى أجّجت الصراع الفرنسى البريطانى ألقت بآثارها على المستعمرات، فالحصار البحرى الذى فرضه نابليون على التجارة البريطانية فى جل الموانئ الأوروبية أدى ببريطانيا إلى اتخاذ إجراءات انتقامية أثرت بالسلب على تجارة الولايات المتحدة، التى أعلنت فى عام 1812 الحرب على بريطانيا لهذا السبب، إلى جانب دعم بريطانيا لسكان أمريكا الأصليين، الذين كانوا يقاومون وقتها الحروب الأمريكية لاجتياح الغرب الأمريكى واقتلاعهم من أراضيهم. وبعدما أُعلنت الحرب، غزت الولايات المتحدة كندا، التى صارت بذلك مسرحاً مهماً للحرب الأمريكية البريطانية. ولأن أغلب الجيش البريطانى كان يحارب نابليون فى أوروبا، فقد تطوع مدنيون كنديون وشكَّلوا ميليشيات لمساعدة جيش بريطانيا على صد الغزو الأمريكى، وشاركهم أيضاً- فى صف بريطانيا- السكان الأصليون لكندا.

غير أن القوات الأمريكية قامت خلال غزوها لكندا بإحراق المبانى الحكومية فى المدينة، التى صارت تُعرف اليوم باسم «تورونتو»، فكان الانتقام البريطانى بدخول العاصمة واشنطن وإحراق منشآتها، بما فى ذلك قصر الرئاسة، الذى كان يسكنه فى ذلك الوقت الرئيس ماديسون. بعبارة أخرى، البريطانيون هم الذين أحرقوا البيت الأبيض وليس الكنديين. وبعد أن انتهت الحرب جرت محاولات ترميم القصر الرئاسى الأمريكى، فتم طلاؤه أكثر من مرة، ومع ذلك ظلت آثار الحريق بادية، إلى أن تم طلاؤه بالرصاص الأبيض فى عام 1818. ومنذ ذلك التاريخ صار عامة الأمريكيين يطلقون عليه اسم «البيت الأبيض»، لكن الولايات المتحدة ظلت لعقود بعدئذ تطلق عليه «قصر الرئاسة»، ولم يتم اعتماد اسم «البيت الأبيض» رسمياً إلا بعد أن وصل الرئيس تيودور روزفلت إلى الحكم، حيث كان أول مَن استخدم ذلك الاسم فى مكاتباته الرسمية. باختصار، كندا لم تكن وراء حريق البيت الأبيض، وأجواء التوتر بين كندا وأمريكا لا تساعد على أن نعتبر أن ترامب قال ذلك على سبيل المزاح!.

المصدر :المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألستم أنتم الذين أحرقتم البيت الأبيض ألستم أنتم الذين أحرقتم البيت الأبيض



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه

GMT 05:48 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

جوني ديب يقرر الزواج من راقصة روسية

GMT 13:34 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي لدول المتوسط يصنّف الأفضل لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon