توقيت القاهرة المحلي 03:13:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معرض الكتاب والتطلع للدورة الـ 50

  مصر اليوم -

معرض الكتاب والتطلع للدورة الـ 50

بقلم - محمد سلماوي

 أول ما يلفت النظر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية الـ 49 هو ذلك التطور الهائل الذى لحق به فجعله يعود بؤرة إشعاع ثقافى اتسع مداها هذا العام لتصبح هى البؤرة الأولى فى البلاد، وذلك بعد سنوات الاضطراب التى مرت علينا وفرضت على المعرض تراجعا لم يكن يملك القائمون على المعرض حياله شيئا، بل لعلى أقول إنه اليوم يثبت أنه مركز الإشعاع الثقافى الأول فى الوطن العربي، فقد زرت على مدى السنوات معارض الكتاب العربية كلها دون استثناء، كما شرفت بالمشاركة فى الكثير من الأنشطة الثقافية الكبرى التى أصبح يزخر بها الوطن العربى فى السنوات الأخيرة من شرقه إلى غربه، لكنى أقول إن مثل هذا التنوع والانتشار الذى يشهده معرض القاهرة الدولى للكتاب لا يوجد فى أى محفل ثقافى آخر، فأولا من ناحية الانتشار ليس هناك معرض آخر تؤمه هذه الملايين من البشر. إن عدد من دخل المعرض فى العام الماضى وصل الى أربعة ملايين شخص، وهو أكثر من تعداد بعض الدول كاملة العضوية فى الأمم المتحدة، وتشير كل الدلائل إلى أن العدد سيتزايد كثيرا هذا العام، حيث وصل عدد من دخلوا المعرض حتى كتابة هذه السطور ونحن مازلنا فى أيامه الأولى مليونا وسبعمائة وخمسين ألفا، وهذا يزيد على عدد الزوار فى الوقت نفسه من العام الماضى بنسبة 35 بالمائة، وفى ذلك فإن معرض القاهرة يتفوق على المعارض الأجنبية الكبري، مثل معرض فرانكفورت ومعرض لندن ومعرض تورينو، وغيرها من المعارض التى زرتها أو شاركت فيها، كما دعيت كضيف شرف فى بعضها مثل صالون مونتريال للكتاب فى كندا، وهو يعتبر واحدا من أهم معارض الكتب فى القارة الأمريكية. إن الكثير من هذه المعارض - ومنها معرض فرانكفورت - هى معارض متخصصة، غالبية من يرتادونها هم من الناشرين الذين يطلعون على أحدث الإصدارات، ويعقدون اتفاقيات النشر أو الترجمة، أما معرض القاهرة فهو معرض جماهيرى أيضا يقصده من الجماهير العريضة أضعاف ما يقصده من الناشرين، لما يمثله من فرصة لرواده لاقتناء الكتب بأسعار أقل من بقية العام، لكنهم يقصدونه أيضا لما به من أنشطة ثقافية أخرى تميزه عن بعض المعارض الأخري، وتأتى فى مقدمتها الندوات الفكرية المتنوعة والتى ينتظرها الناس من السنة للسنة، والتى تشغل حيزا من نشاط المعرض لا يوجد فى بعض المعارض الأخري.

والحقيقة أن المعرض فى دورته الحالية يمثل طفرة واضحة فى كل هذه الجوانب، فقد وصل عدد الأجنحة إلى 1200 جناح لـ 850 ناشرا مصريا وعربيا وأجنبيا، وتزايدت الأنشطة الثقافية المصاحبة والتى يأتى فى مقدمتها هذا العام خيمة الفنون، والمسرح المكشوف الذى لا يتوقف طوال ساعات اليوم.

على أن ما بهرنى فى أنشطة المعرض هذا العام هو جناح الأطفال الذى احتل ألفى متر مربع من مساحة المعرض لم تقتصر فقط على عرض كتب الأطفال مثل كل سنة، وإنما ضمت الكثير من الأنشطة الفنية مثل الرسم والألعاب وصناعة الفخار، بالإضافة إلى المسرح الحي، ومثل هذا الاهتمام بالأطفال وبهذا المستوى لم أجده فى السنوات السابقة، كذلك توقفت طويلا عند خيمة حلايب وشلاتين واستمتعت بما تقدمه لأول مرة لجمهور المعرض من فنون هذه المنطقة الواقعة أقصى الجنوب، والتى نكرر ليل نهار أنها جزء لا يتجزأ من الوطن، لكنا لا نسعى للتعرف على تراثها الأصيل وفنونها الشعبية المميزة، ولا يفوتنا مغزى تقديم هذا التراث لمرتادى المعرض الذين يغلب عليهم قطاع الشباب، كما توقفت عند ألفى متر أخرى خصصتها إدارة المعرض للأزهر الشريف، متمنيا أن تكون قد استغلت فى نشر الاستنارة الدينية التى تسهم فى تحديث الخطاب الدينى الذى مازال الأزهر متخاذلا فى تحقيق أى تقدم فيه حتى الآن.

أما الظاهرة اللافتة للنظر حقا فهى حجم المتطوعين من الشباب والذين بلغ عددهم هذا العام خمسمائة متطوع ما بين شاب وفتاة معظمهم من طلبة الجامعات الذين يقوم بعضهم بإرشاد زوار المعرض لمختلف الأجنحة، وبعضهم من طلبة الإعلام يسهمون مع إدارة المعرض فى المهام الإعلامية للمعرض، بينما أقام البعض الآخر من طلبة الفنون خيمة لكتابة لوحات الخط العربى لزوار المعرض.

والحقيقة أن هناك هذا العام اهتماما ملحوظا من جانب المعرض بالشباب، وسيشهد المعرض خلال الأيام القليلة القادمة مسابقة للمبادرات الشبابية تمنح فيها الجوائز المالية الكبرى لأصحاب أنجح المبادرات التى قام بها الشباب فى مختلف المجالات الفنية والثقافية والتكنولوجية.

إن علينا أن نتوقف بالشكر والتقدير لكتيبة العاملين بالمعرض والذين يعدون له منذ انتهاء الدورة السابقة، وعلى رأسهم الدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب المنظمة للمعرض والذى أعرف أنه يوصل الليل بالنهار منذ شهور مضت قبل افتتاح المعرض، وهو صاحب الكثير من الأفكار التى نفذت بنجاح وساهمت فى تميز الدورة الحالية، ولا يصح أن نغفل الرعاية التى وفرها الوزير السابق حلمى النمنم للمعرض والعقبات التى ذللها، ولولا ذلك ماجاء المعرض فى دورته الحالية بهذا المستوي، وهذا يجعلنا نتطلع للعام القادم الذى يجب أن يشهد دورة خاصة ومختلفة تحت رئاسة وزيرة الثقافة الحالية الفنانة إيناس عبد الدايم بما نعرفه عنها من رؤية ثقافية راقية، وحسن إدارة مشهود له، فالدورة القادمة ستشهد مرور نصف قرن على انطلاق المعرض فى أرض المعارض بالجزيرة برئاسة الدكتورة سهير القلماوي، وهى نفس الأرض التى أقيمت عليها دار الأوبرا التى كانت الدكتورة ايناس أنجح من أدارها، لذلك نتطلع لتكون الدورة القادمة ذروة لنجاح المعرض فى جميع دوراته السابقة، وهو ما يستوجب الإعداد له من الآن، ليس فقط على المستوى المحلى والعربي، وإنما أيضا على المستوى الدولي.


نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معرض الكتاب والتطلع للدورة الـ 50 معرض الكتاب والتطلع للدورة الـ 50



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon