توقيت القاهرة المحلي 19:54:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفاهة أو تسخيف

  مصر اليوم -

تفاهة أو تسخيف

بقلم - سمير عطا الله

أصدرت «دار الساقي» مؤخراً الترجمة لأحد أشهر الكتب، لإحدى أشهر المحاكمات، لإحدى أشهر كاتبات الغرب: «إيخمان في القدس، بقلم حنة أرندت». العام 1961 أرسلت مجلة «نيويوركر» المفكرة الألمانية حنة أرندت إلى القدس، لتغطية محاكمة أدولف إيخمان، النازي الذي خطفته إسرائيل من مخبئه في الأرجنتين، لكي تقدمه للمحاكمة بتهمة القتل الجماعي لليهود الألمان في ظل هتلر. كانت إسرائيل تتوقع - وهذا ما حدث إلى حد بعيد - أن تثير المحاكمة تعاطف العالم واستنكاره للهولوكوست من خلال شهادة إيخمان، المتهم الوحيد الذي حكم في إسرائيل بالإعدام ونفذ فيه الحكم.

غير أن رسائل أرندت ذهبت في اتجاه آخر: لم تبرئ إيخمان من القتل الجماعي وأفران الغاز، لكنها قالت إن بن غوريون أعد المحاكمة بحيث تكون صوراً مشهدية مثيرة، أما إيخمان نفسه، فإنسان عادي، أحياناً أقل، وتافه الشخصية. مهما كان الذي ارتكبه فهو لم يكن عبقري الشر؛ بل مجرد شرير عادي، لبّى الأوامر المعطاة له من دون أي تفكير أو تأمل.

أثارت كتابات أرندت الجالية اليهودية في أميركا. وحرّم بعضهم كتابها الذي ضم تلك المقالات. ورأى فيها البعض أنها «مجرد يهودية تكره ذاتها». أي تعاني من كره الذات. ووظفت 4 مؤسسات يهودية أفرقاء من الباحثين لمراجعة الأخطاء في الكتاب مهما كانت ثانوية. وانتقد كثيرون وصفها للمحاكمة بأنها مشهدية، أو استعراضية. وفي فرنسا تساءلت مجلة «النوفيل أوبسرفاتور» بعد عرض الكتاب: «هل أرندت نازية»؟

وقال ناقد إسرائيلي مهاجر حديثاً من أميركا، إن أرندت تحمل السم ضد اليهود؛ سواء في أوشفتز وفي القدس. ولم تصدر في إسرائيل أي ترجمة كاملة للكتاب. وصدرت كتب ومقالات كثيرة تقول إن كراهية أرندت مولودة، بدليل علاقة الحب التي ربطتها بأستاذها النازي الكهل مارتن هدغر، الذي كان متزوجاً وأباً لولدين.

صدرت ترجمة «دار الساقي»، الممتازة والمدققة كما هو معهود، تحت عنوان فرعي هو «تفاهة الشر». غير أنني أعتمد - ربما مخطئاً - «تسخيف الشر». وقد شغلني هذا الأمر سنوات عدة، وأعتقد أن هذا ما قصدته أرندت التي ترى فظاعة بطلها في «عاديته» لا في تميزه مثل القتلة العتاة الذين يعيشون بيننا، ويركبون إلى جانبنا في الحافلة، باحثين عن الكلمة المناسبة في شبكة الكلمات المتقاطعة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفاهة أو تسخيف تفاهة أو تسخيف



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 18:07 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 11:02 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

دور الاستثمار العقاري الخارجي في التنمية الاقتصادية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

دار "اسكادا" تعلن عن عطرها الجديد "سيلبريت ناو"

GMT 23:36 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

هدى حسين تسعى للخروج عن الموضوعات المكرّرة

GMT 18:23 2022 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ممارسة الرياضة صباحًا هي الأفضل لصحة القلب والأوعية الدموية

GMT 01:29 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

"واشنطن" تدعو "فيسبوك" و"تويتر" لتعليق حسابات قادة إيران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon