توقيت القاهرة المحلي 10:41:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلاح يثير أسئلة صعبة «عن الواقع والمستقبل»

  مصر اليوم -

صلاح يثير أسئلة صعبة «عن الواقع والمستقبل»

بقلم - محمد صابرين

محمد صلاح ملأ الدنيا وشغل الناس، وبقدر البهجة التى أشاعها فى نفوسنا، فإنه أثار «اسئلة صعبة» عن واقعنا ومستقبلنا، والسؤال الأهم: لماذا يفشل «الأذكياء» وتختفى المواهب ـ أو تموت كمدا ـ وتنجح هناك فى بلاد الغربة، وبرغم أهمية السؤال إلا أنه يتولد منه سؤال عن «طبيعة المجتمعات العربية» ذاتها والسؤال الأبرز من رحم التساؤلات: هل يكفى صلاح وحده؟، وهل تكفى «الهواية» فى زمن الاحتراف؟، وهل الفرد أقوى من دولة المؤسسات؟ وأحسب أن التفكير فى لحظات البهجة قد يعين على إصلاح أحوالنا. والبداية مع الكاتبة اللبنانية كوليت خورى «أنا التى تعبت من العيش فى بلادي... وما استرحت فى البعد عنه»، وهذه حال الذين رحلوا لأن الآخرين اتعبوهم، وذهب صلاح وأحمد زويل ومجدى يعقوب ونجحوا، ولكن آخرين كجمال حمدان أحد عباقرة الزمن لم يكن حظهم جيدا، فحمدان ونجيب سرور أحدهما انتحر أو قتل والآخر مات مجنونا،والنقطة الثانية تتعلق بأحوال المجتمعات العربية، وهنا فإن الكاتب اليابانى نوبواكى نوتوهارا الذى عاش مع العرب 40عاما، قدم لنا كتابا بعنوان «العرب وجهة نظر يابانية» فى 2003 وفى هذه الرؤية الواسعة بعض النقاط المثيرة فهو يقول «العرب متدينون جدا وفاسدون جدا، حين يدمر العرب ممتلكاتهم العامة يعتقدون أنهم يدمرون ممتلكات الدولة لا ممتلكاتهم، مازال العرب يستخدمون القمع والتهديد والضرب خلال التعليم ثم يتساءلون: متى بدأ القمع؟، المجتمع العربى عامة ليس عنده استعداد ليرى المواهب ويقويها، المجتمع العربى مشغول بفكرة النمط الواحد على غرار الحاكم الواحد، لذلك يسعون لتوحيد أفكارهم وملابسهم، الدين هو أهم ما يتم تعليمه، لكنه لا يمنع وجود الفساد، وتدنى قيمة الاحترام، مشكلة العرب أنهم يتصورون أن الدين منحهم كل العلم، فقد عرفت شخصا لمدة عشرين عاما لم يكن يقرأ إلا القرآن، لقد بقى هو ذاته لم يتغير». والسؤال هنا هو كيف نتحرر من الجمود، وأن ننفتح على العالم؟.. وتجربة محمد صلاح خير مثال. ويقودنا ذلك إلى مسألة «الفرد فى مواجهة الفريق» ونشهد حاليا من فرط الحماسة المبالغة فى دور «محمد صلاح» وهو أمر أشبه بالمبالغة فى دور عبد الناصر والسادات فى الحالة السياسية، إلا أن التجربة علمتنا أن «الفرد وحده لا يكفي»، فلقد انهارت التجربة الناصرية بحرب اليمن وفشل الوحدة مع سوريا وهزيمة 67، أما السادات فانتهى «مغدورا» بأيدى جماعات العنف والموت التى أخطأ باحتضانها، ومازال المجتمع يدفع الثمن حتى الآن رغم نصر أكتوبر المجيد. وتقدم لنا هزيمة 67 وانتصار 73 الفارق ما بين «اللعب الفردي» و«لعب الفريق»، فقد قيل وبحق إن المعارك لا يكسبها الجنرالات، بل الجنود المشاة، «وهكذا ساعد الجنود المتعلمون» والذين استوعبوا الاسلحة المتطورة جنرالات الجيش الشاذلى والجمسى ورفاقهما فى الانتصار واستيعاب الخطة المحكمة، وإذا عدنا لكرة القدم، فها هو صلاح ليس موجودا... فترى ماذا عن حالة الفريق، علينا الانتظار لنحكم، إلا أن الأمر يحتاج بناء حياتنا حول فكرة اللعب الجماعى ودولة المؤسسات القوية، وحوار الأفكار وصولا للرؤية الأصوب لا «الرأى الأوحد».

ـ.ـ وأحسب أن تجربة صلاح تجبرنا على تأمل مسألة «الاحتراف فى مواجهة الهواة»، «والعلم فى مواجهة الفهلوة أو المهارة الفطرية»، لم يعد ممكنا أن يذهب «الهواة» إلى بعيد أو تكفى «المهارات الفردية»، فى مواجهة أداء منظومة احترافية، والمثال الأبرز خسارة البرازيل المذلة على أرضها لكأس العالم لصالح ألمانيا 1/7. وإذا ابتعدنا سوف نجد أن«الجزيرة» تتفوق بأكاذيب فى قالب احترافي، والإعلام الصهيونى على الهواة وأصحاب الحناجر الزاعقة، كما أن حروب الجيل الرابع والخامس نجحت فى زرع الشكوك، وإثارة الهواجس، وتشويه المؤسسات. والسؤال هنا: كيف نلعب باحترافية، وفقا لقواعد اللعبة الإقليمية والدولية التى لا مكان فيها للهواة. ولا تتوقف المقارنات ما بين «لعبة كرة القدم» و«لعبة الأمم»، فالآن ندرك أن مفهوم «القوة الشاملة» ينطبق فى الأمرين معا، ففى الحالة الأولى مطلوب إدارة محترفة لا مهترئة، وتدريب على أعلى مستوي، وكذلك الطب الرياضى والتغذية، والتحكيم، والتزام اللاعبين داخل الملعب وخارجه، والطب النفسى الرياضي، وعملية الدعاية والتسويق، أما فى «لعبة الأمم» فقد انهار الاتحاد السوفيتى من الداخل لأنه لم يوفر الغذاء لشعبه، ولم تكن الأسلحة النووية كافية. وكوريا الشمالية رغم الأسلحة النووية لم تستطع منع المجاعات وتدهور الاقتصاد، أما إيران فهى مهددة من الداخل، ومن سخط الناس لسوء أحوالهم المعيشية، ومغامرات الملالى فى الخارج، وأحسب أن نظرة واحدة من حولنا تقول إن «رضا الناس» هو الأمان الحقيقي، وإن لحظة الحقيقة أقوى وأعنف من «صخب الطبالين» فى كل العصور، وإن الجهد المطلوب لابد أن يشمل جميع عناصر القوة الشاملة للفريق سواء إذا كان يلعب فى كرة القدم أو «لعبة الأمم»؟!. ـ.ـ ونصل من هنا إلى مسألة «الخيط الرفيع» ما بين أحلام اليقظة و «الأحلام الواقعية» فإذا كانت لعبة كرة القدم تسمح بقدر من الدراما، والمفاجآت الكبيرة، إلا أنها سرعان ما تنتصر للمنطق، ونرى أقطاب اللعبة: الأهلى والزمالك فى مصر والبرازيل وألمانيا على مستوى كأس العالم. وهنا لابد من الحذر فى إثارة المشاعر، ودفع التوقعات إلى أبعد مما نطيق حتى لا تكون النتائج أصعب مما نحتمل. وإذا عدنا إلى السياسة فلقد دفع المزايدون عبد الناصر لحرب لم يكن مستعدا لها، وفى الماضى القريب سقطت مزايدات جماعات الإسلام السياسي، ومعها شعار «الإسلام هو الحل»، ولم يتحقق حتى الآن شعار «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، وأحسب أن المزايدة ودغدغة المشاعر، لا يتعلق بحقنا فى الحلم، بل بجهدنا وتضحياتنا وقدراتنا على أن نحول الحلم إلى واقع لا كابوس؟!.ويبقى فى النهاية إذا كان ما سبق صحيحا، فإن تجربة «محمد صلاح» تلقى علينا سؤالا مغايرا: لماذا نجح صلاح، ولم يبق «الاستثناء لا القاعدة» وأحسب أن الإجابة بأن نجاح صلاح الاستثنائى يعود إلى النظام فى الغرب لا يقدم «الإجابة الكاملة»، وذلك لأن التأمل بدقة يقول لنا أن الأوضاع فى عالمنا العربى ليست «قاتلة تماما»، فمازال هناك أشخاص عديدون ـ مثل صلاح وزويل ومحمد غنيم ومجدى يعقوب ـ وآخرون يملكون الحلم والإرادة لتحقيق أحلامهم، ولا يشبعون من النجاح، واليوم فإن مصر تسرى فيها روح جديدة وثابة، وهى تنفض عن نفسها أفكار التطرف وعنف الجماعات الإرهابية، وترنو بعيونها إلى عوالم بعيدة. وربما من حسن الطالع أن يأخذ محمد صلاح أحلامنا إلى بعيد، ويثبت لنا أن الأحلام لا تموت، وأن المطلوب أن ننشر الأمل، وأن يكون النموذج والبطل «محمد صلاح» لا «محمد رمضان»،.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح يثير أسئلة صعبة «عن الواقع والمستقبل» صلاح يثير أسئلة صعبة «عن الواقع والمستقبل»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon