توقيت القاهرة المحلي 11:49:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرث فى الماء!

  مصر اليوم -

حرث فى الماء

بقلم - عطيــة عيســوى

 ليس أكثر استحالة من تحقيق حلم الوحدة الإفريقية الذي كرَّس له القذافي مدة طويلة من حياته إلاَّ حل أزمة الصحراء الغربية الذي ينتظره ضحاياها والمهتمون بها منذ أكثر من 40 عاماً دون بارقة أمل في انتهائها في المستقبل القريب.ولخص الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش السبب بأن عدم القدرة علي التوصل إلي حل يرجع إلي أن لكل طرف من أطرافها نظرة وقراءة مختلفة للتاريخ والوثائق المتعلقة بالنزاع،لكن ما لم يقله صراحةً هو الصراع بين المغرب الذي يصر علي السيطرة علي كامل المنطقة كجزء من أراضيه، وبين الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو في سعيها لتقرير مصير الصحراويين قائلةً إنها قضية تصفية استعمار،وطالما استمرت الإتهامات والخلافات بين البلدين حول قضايا كثيرة أخري لن تجد القضية طريقها للحل وستظل جهود المبعوثين الدوليين أشبه بمن يحرث في الماء.

  الأزمة عادت إلي واجهة الأخبار في الأيام الأخيرة حول الإقليم الذي انسحبت منه اسبانيا عام 1975 وتبلغ مساحته 266 ألف كم2 يسيطر المغرب علي 80% منها عندما اتهمت الرباط البوليساريو بمحاولة تغيير الوضع في المنطقة العازلة بإقامة منشآت عسكرية وطالبت الأمم المتحدة بالعمل علي إزالتها وإلاَ ستتدخل بنفسها لذلك، كما دعت الجزائر التي اتهمتها بأنها الراعي الرسمي للبوليساريو إلي الضغط عليها لوقف ما وصفتها بتوغلاتها الخطيرة في المنطقة العازلة ولأن تشارك في المفاوضات كطرف أساسي في الأزمة.وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطه إن الجزائر تشجع البوليساريو علي تغيير وضع المنطقة العازلة وإن الانتهاكات التي وقعت في الكركارات والمحبس تشكل عملاً يؤدي إلي الحرب ويهدد أي فرصة لإعادة إطلاق العملية السياسية.ولم يتأخر رد الجزائر والبوليساريو كثيراً حيث استنكرت الأولي ما وصفتها بمحاولات المغرب المتكررة لجعلها طرفاً في النزاع ولإقحامها في مناورات خارج التزامها الأخلاقي والسياسي واصفةً قضية الصحراء بأنها قضية تصفية استعمار وجددت دعمها للبوليساريو،وأوضح رئيس البرلمان السعيد بوحجة أن موقف بلاده تجاه القضية الصحراوية لا يعني أنها طرف فيها بل هو مستمد من مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير،كما أكدت الحكومة تأييدها لموقف الأمم المتحدة الداعي إلي مراقبة مستقلة ومحايدة وشاملة ودائمة لحالة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية لحماية الصحراويين، واستنكرت ما وصفته بمحاولات المغرب عرقلة عودة بعثة الاتحاد الإفريقي إلي العيون عاصمة الإقليم لاستئناف تعاونها مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء لتقرير المصير.أما البوليساريو فقد اعتبرت الاتهامات المغربية محاولة من الرباط للتنصل من عملية السلام، وهددت بالرد علي أي انتهاك لوقف إطلاق النار، مؤكدةً في الوقت نفسه التزامها به.

أدي تشبث كل طرف بمواقفه إلي فشل كل محاولات واقتراحات مبعوثي الأمم المتحدة لحلها بالتفاوض أو من خلال استفتاء أبنائها ليختاروا بين البقاء ضمن السيادة المغربية مع التمتع بحكم ذاتي واسع، أو الاستقلال الفوري أو الاستقلال بعد انقضاء خمس سنوات من الاستفتاء مما دفعهم إلي الاستقالة واحداً تلو الآخر،خاصةً جيمس بيكر الذي بذل مجهوداً كبيراً لإقناعهم بمقترحاته التي كلما وافق عليها طرف رفضها الآخر،وكريستوفر روس الذي ظل يحاول لمدة ثماني سنوات دون جدوي.وحتي الآن يرفض المغرب الحوار المباشر مع البوليساريو واصفاً إياها بالجبهة الوهمية ولم يتمكن المبعوث الجديد هورست كوهلر من الجمع بينهما علي مائدة واحدة واكتفي بالتشاور معهما كلِ علي حدة في أيام مختلفة خلال يناير الماضي بالعاصمة الألمانية برلين دون تقدم يُذكر.ولأن الأمم المتحدة شككت في الاتهامات المغربية للبوليساريو بإقامة منشآت عسكرية في المنطقة العازلة قائلةً إن بعثتها في الصحراء لم ترصد أي تحرك لعناصر عسكرية بالمنطقة الشمالية الشرقية رغم أن البوليساريو نفسها أشارت أخيرا إلي نقل مقر قيادتها العسكرية إلي (بير لحلو) بالمنطقة العازلة فمن غير المستبعد أن تتهم الحكومة المغربية المنظمة الدولية بالانحياز للبوليساريو وتُوقف التعامل معها فيتعقد الوضع أكثر.

  وقبل نحو عام أبلغ جوتيريش مجلس الأمن رغبته في استئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو دون شروط مسبقة وبنية حسنة للتوصل إلي حل عادل ودائم ومقبول يفضي إلي تقرير مصير شعب الصحراء،لكن المغرب أعلن قبل ذلك مراراً أن اقتراح استفتاء تقرير المصير المنصوص عليه في اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1991 تجاوزته الأحداث، وأكد الملك محمد السادس أن الحكم الذاتي هو أقصي ما يمكن أن تقدمه بلاده وأنه لا حل لقضية الصحراء خارج السيادة المغربية.من ذلك يبدو أن الطريق من البداية مغلق أمام كوهلر الذي حثه مجلس الأمن في أول أبريل علي مواصلة المباحثات بدينامية وبروح جديدة،وسبق أن حدثت مشكلة الكركارات قبل نحو عام وتوالت التهديدات والتحذيرات من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991 ومن تجدُّد الحرب ثم انفضَّت الأزمة بسحب الطرفين قواتهما وعادت القضية إلي جمودها العسكري والدبلوماسي.ولأن الطرفين فيما يبدو غير مستعدين للحرب ولا لتقديم تنازلات فمن المتوقع أن يبقي لاجئو الإقليم في تندوف بالجزائر في حالتهم المأساوية سنين أخري.


نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرث فى الماء حرث فى الماء



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 12:05 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«تلايا الليل» تضيء مسرح المجمع الثقافي

GMT 09:21 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

طريقة إعداد وتحضيركيك الأكلير بالشوكولاتة

GMT 12:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إيمري يرفض التفريط في هدف سان جيرمان

GMT 10:35 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

ديكورات مطابخ عصرية باستخدام الخشب مع اللون الأسود

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تدرس استخدام "الثلج الناري" لحلّ أزمة الطاقة

GMT 16:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يؤكّد أن إجراءات التحقيق مع "تشيلسي" مازالت مُستمرة

GMT 09:44 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

"فولكس واغن" تجذب الأنظار بسيارتها "آرتون"

GMT 08:47 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

"كيا سورينتو" ترفع شعار "التغييرات المتواضعة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon