توقيت القاهرة المحلي 07:04:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حكاية وطن»

  مصر اليوم -

«حكاية وطن»

بقلم - زياد بهاء الدين

تابعت قدر الإمكان وقائع مؤتمر «حكاية وطن» الذى انعقد على مدى ثلاثة أيام لاستعراض إنجازات السيد رئيس الجمهورية خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية وذلك تمهيدا لإعلانه الترشح للانتخابات القادمة.

والحقيقة أننى لم أكن أنوى التعليق على الانتخابات الرئاسية لاعتقادى أن نتيجتها محسومة من البداية وأنها تجرى فى ظل أوضاع وقوانين جعلت الدولة تحكم سيطرتها على النشاط السياسى والإعلامى والأهلى على نحو يجعلها أقرب إلى الاستفتاء أو المبايعة لمدة ثانية.

ومع ذلك فإن ما تم تقديمه من أرقام وإنجازات خلال مؤتمر «حكاية وطن» يستحق المناقشة بجدية، دون تهليل وتطبيل ودون استهزاء واستخفاف، لأنه يمنحنا الفرصة للتفاعل مع رؤية محددة تقدمها الدولة ويقدمها السيد رئيس الجمهورية للفترة الماضية وبالتالى للمرحلة المقبلة على نحو شامل افتقدناه خلال السنوات الماضية. ومن جانبى فسوف أسعى للتفاعل معها واستعراض جوانبها الإيجابية والسلبية فى مقالات تالية.

ولكن إن كانت نتيجة الانتخابات محسومة مسبقا، فماذا كان الداعى إذن لعقد مؤتمر بهذا الحجم وهذه التكلفة ولحشد جميع موارد وإمكانات الدولة وراءها؟ هل السبب هو خشية حقيقية من نتيجة الانتخابات أم أمر آخر؟

فى تقديرى أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن فى أن المنافسة الانتخابية الحقيقية التى يخوضها السيد الرئيس هذه المرة ليست ضد أى من المرشحين المحتملين الآخرين والذين يجاهد كل منهم لاستكمال خمسة وعشرين ألف توكيلا من المواطنين بينما السيد الرئيس حصل بالفعل على تأييد ٩٠% من أعضاء البرلمان وثلاثة أرباع مليون توكيل قبل حتى أن يعلن ترشحه.

المعركة الحقيقية التى يجرى الاستعداد لخوضها هى فى الواقع ضد نتيجة الانتخابات الرئاسية السابقة عام ٢٠١٤ والتى بلغت نسبة الحضور فيها 47.5% من المقيدين فى الجداول الانتخابية كما بلغت نسبة المؤيدين للرئيس منهم 97%. هذا هو المنافس الحقيقى الذى يشغل بال أجهزة الدولة وإعلامها ومنظمى مؤتمر «حكاية وطن». والقلق من أن تأتى نتيجة الانتخابات المقبلة معبرة عن حضور أو تأييد أقل من عام 2014 هو الهاجس المسيطر على أذهانهم، ربما اعتقادا بأن مثل هذه النتيجة يمكن أن تعبر عن تراجع فى شعبية السيد الرئيس أو اهتزاز الحماس الجارف الذى تميزت به الانتخابات السابقة أو عدم اصطفاف الشعب بأكمله وراء قيادته السياسية.

ولهذا أيضا فإن الخطاب الرسمى والإعلامى السائد بدأ يروج بالفعل لفكرة أن تحقيق الاستقرار والأمن وتثبيت شرعية الحكم ورفع مكانة مصر فى العالم يرتبطوا جميعا بحجم المشاركة فى الانتخابات، وأن انخفاض هذه المشاركة عن المرة السابقة يمكن أن يضعف كيان الدولة وشرعيتها، وأن من يتقاعس عن واجبه الوطنى فى التصويت يكون فى الواقع مساهما فى تهديد الأمن والاستقرار.

وهذا تعبير مقلق عن النظرة السائدة إلى الانتخابات المقبلة ليس باعتبارها وسيلة لاختيار رئيس الدولة من بين أفضل المنافسين المؤهلين للترشح كما يقضى الدستور، وبغض النظر عن حجم الاهتمام بها أو المشاركة فيها، بل من منظور أن تلك الانتخابات مناسبة لتجديد البيعة وإظهار الإجماع والتأكيد على وقوف الشعب كله وراء قيادته.

الانتخابات سوف تنعقد خلال شهرين، وعلينا احترام كل من اختار أن يرشح نفسه لخوضها أيا كان ما يحصل عليه من توكيلات وأيا كان ما يجنيه من أصوات الناخبين فى حالة اكتمال شروط ترشحه. كذلك فإن علينا احترام من شاء المشاركة ومن اختار الابتعاد لأنها كلها قرارات لا تعبر عن خيانة ولا تقاعس ولا سعى لهدم مؤسسات الدولة، بل اختيارات شخصية واجبة الاحترام دون تخوين ودون فرض وصاية بضرورة الالتزام بخط معين سعيا وراء نتيجة بعينها تسعى الدولة لتحقيقها.

الأهم، كما ذكرت فى مطلع هذا المقال، أن الحياة لن تتوقف بعد الانتخابات، بل وراءنا طريق طويل نقطعه جميعا ــ حكومة ومعارضة ــ فى النهوض بحال البلد. ومع قيام رئيس الجمهورية بتقديم كشف حساب مفصل إلى الشعب فى مؤتمر «حكاية وطن» عن فترة حكمه الأولى، فإن أمامنا فرصة جيدة لمناقشة ما تحقق بالفعل وما ترتب عليه من نتائج إيجابية أو سلبية وما يعنيه بالنسبة للمستقبل، وأن نتفاعل مع مضمون هذا البرنامج الرئاسى فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى نرتفع بمستوى الحوار السياسى فى البلد لعله يؤثر على المسار الذى يسلكه الوطن بعد أن تنتهى الانتخابات.

نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حكاية وطن» «حكاية وطن»



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - مصر اليوم
  مصر اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 04:13 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران
  مصر اليوم - الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران

GMT 16:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
  مصر اليوم - أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه

GMT 05:48 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

جوني ديب يقرر الزواج من راقصة روسية

GMT 13:34 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي لدول المتوسط يصنّف الأفضل لعام 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon