توقيت القاهرة المحلي 18:30:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين ملك سوريا… في ظل استسلام أميركي!

  مصر اليوم -

بوتين ملك سوريا… في ظل استسلام أميركي

بقلم : خيرالله خيرالله

يبدو أن الحرب في سوريا مازالت في بدايتها، على الرغم من أن سيطرة إيران على البوكمال تطورت في غاية الأهمية. الأمر الوحيد الثابت أن من الباكر الحديث عن إعداد روسي لمرحلة انتقالية يبحث فيها جديا في حلول سياسية.

لا يمكن لروسيا ولا لغير روسيا إبقاء بشّار الأسد في السلطة. هناك شعب سوري يرفض النظام القائم ولا يمكن أن يقبل به بغض النظر عن القوى الدولية والإقليمية التي تحاول تغيير مجرى التاريخ والتحكّم به وفق تمنياتها.

لو كان ذلك ممكنا، لكان الاتحاد السوفياتي ما زال حيّا يرزق ولكانت أحزاب شيوعية مجوّفة، ما زالت تحكم دولا مثلا بولندا والمجر وبلغاريا ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا (صارت دولتين) وألمانيا الشرقية التي عادت جزءا من المانيا. لو كان الاتحاد السوفياتي ما زال حيّا، لكانت “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” في جنوب البلاد ما زالت قائمة…

استقبل الرئيس فلاديمير بوتين رئيس النظام السوري في سوتشي أم لم يستقبله، عقد قمّة مع حسن روحاني ورجب طيب أردوغان أم لا، لن يتغيّر الكثير… حتّى لو سلمت الإدارة الأميركية كلّ أوراقها لموسكو. وهذا ما لم يحصل على الرغم من نتيجة معركة البوكمال الأخيرة. في تلك المعركة، استطاعت قوات “التحالف الدولي”، على رأسها سلاح الجوّ الأميركي، إلحاق الهزيمة بـ”داعش”. تقدمت قوات تابعة للنظام السوري مدعومة من “الحرس الثوري” الإيراني وميليشيات مذهبية متنوّعة من بينها “حزب الله” وسيطرت على البوكمال.

انضمت إلى هذه القوات وحدات من “الحشد الشعبي” متمركزة في الجانب العراقي من الحدود. بقدرة قادر، استعاد “داعش” البوكمال ليخليها مجددا ولتعلن إيران مباشرة وعبر أدواتها أنها ربطت طهران ببيروت.
إلى أي حد سيذهب بوتين في لعبته

ثمّة من يؤكّد أنّه جرت اتصالات أميركية- روسية تشير إلى وجود تفاهمات معيّنة بين الجانبين في شأن توفير ضمانات روسية معيّنة في ما يتعلّق بوضع نقطة استراتيجية مهمّة مثل البوكمال. لكنّ هناك من يعتقد أن الأميركيين يعتبرون أن الروس أخلّوا بوعود محدّدة كانوا قطعوها لهم. هذه الوعود مرتبطة بعدم تمكين إيران وأدواتها من السيطرة على البوكمال.

من يرى أنّ لا تفاهم أميركيا – روسيا في سوريا يقول إن الإدارة الأميركية تعتبر أن روسيا، منذ دخولها إلى سوريا عسكريا، أخلت بكلّ التفاهمات مع الولايات المتحدة. فعلت ذلك، إمّا عن قصد، أو لسبب عائد إلى أنّها “عاجزة” عن احترام ما تلتزمه.

من بين ما أخلّت به تكرار استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي ضد الشعب السوري واستمرار نقل السلاح عبر الأراضي السورية إلى “حزب الله” في لبنان. أكثر من ذلك، وصل الحزب، من وجهة نظر الأميركيين، إلى مرحلة تصنيع صواريخ في لبنان وذلك في ظلّ الوجود العسكري الروسي في سوريا.

من المآخذ الأميركية على روسيا أيضا، وصول إيران وأدواتها إلى مناطق خطّ وقف النار بين سوريا وإسرائيل. وفي معظم الأحيان، كانت العناصر التابعة لإيران تصل إلى مشارف خطّ وقف النار مع إسرائيل بزي الجيش النظامي السوري وتحت علمه.

يشكو الأميركيون أيضا من وصول غواصة إيرانية إلى ميناء اللاذقية أخيرا والربط بين الأراضي العراقية والأراضي السورية بواسطة ميليشيات تابعة لإيران وليس عن طريق الجيش التابع للنظام السوري، كما وعدت بذلك موسكو غير مرّة.

بعد اللقاء بين بوتين والأسد الابن في سوتشي، وبعد القمة الثلاثية الروسية- الإيرانية- التركية، وبعد معركة البوكمال والظروف التي أحاطت بها، يصحّ التساؤل هل استسلمت إدارة دونالد ترامب لبوتين نهائيا وباتت تكتفي بوجود عسكري في إحدى ضفّتي الفرات، أم تحضر لمعركة مقبلة، خصوصا أن لدى الأميركيين أربع عشرة قاعدة على الضفة الشرقية للفرات، فضلا عن قواعد أخرى في أنحاء مختلفة من الشمال السوري.

قبل سنتين، زار بشّار الأسد موسكو بعد استدعائه إليها من أجل إفهامه ما يستطيع عمله وما لا يستطيع عمله. أفهمه بوتين بلغة الآمر أنّه بات هناك وصيّ عليه. كان ذلك في العشرين من تشرين الأوّل- أكتوبر 2015. ما الذي تغيّر منذ ذلك التاريخ؟

ما تغيّر أن التدخل العسكري الروسي، الذي بدأ قبل شهر من مجيء رئيس النظام السوري إلى موسكو، مكّن بشّار من البقاء في دمشق وحمى الساحل السوري وقرى العلويين.

بكلام أوضح، إن النظام يدين ببقائه لروسيا وليس لأحد آخر غيرها. ليس سرّا أن إيران نفسها اعترفت بأن لا بدّ من الاستعانة بروسيا في حال كان مطلوبا عدم سقوط دمشق، أي تحريرها من بقايا النظام السوري والمحيطين به.

ما الثمن الذي ستطلبه روسيا في سوريا التي بات بوتين يعتبر نفسه ملكها؟ الأهمّ من ذلك، هل في استطاعتها أن تطلب ثمنا قد لا تكون إدارة ترامب مستعدة لتوفيره لها؟

واضح أن القيصر الروسي اعتمد خيار المحافظة على ورقة بشّار الأسد في الوقت الراهن، علما أنّ ثمة خيارا آخر تفضله إيران يتمثّل في إدخال إصلاحات شكلية على النظام السوري وإبقاء السلطة في يد الأسد الابن، أي في العائلة والدائرين في فلكها الذين يدينون بالولاء الكامل لطهران.

أيّا يكن الخيار الروسي، وأيّا تكن درجة الاستسلام الأميركية لفلاديمير بوتين، هذا في حال صحّ أن هناك استسلاما، يظل أن ليس في الإمكان تجاهل أنّ ليس في استطاعة أيّ قوّة على الأرض المحافظة على نظام أقلّوي لم يمتلك أيّ شرعية من أيّ نوع في أيّ يوم من الأيّام.

لو كان ذلك ممكنا، لما كانت الثورة السورية مستمرّة منذ آذار – مارس من العام 2011. هذه الثورة التي عمل النظام، ومعه روسيا وإيران، على شيطنتها، مستمرّة وإن بأشكال مختلفة على الرغم من كلّ الدمار الذي لحق بالمدن والقرى والبلدات والبنى التحتية.

سيكون أمام روسيا نوع جديد من التحدّيات في المرحلة الانتقالية التي تظنّ أنها ستشرف عليها، بموافقة أميركية وأوروبية وحتّى عربية. من بين هذه التحديات الطموحات الإيرانية التي لا حدود لها، وهي قائمة على فكرة ربط أراض سورية بأراض لبنانية معيّنة تقع تحت السلطة المباشرة لـ”حزب الله” الذي يعتبر بقاؤه مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى إيران.

هناك تحدّ آخر يتمثل في أنّ الولايات المتحدة لم تقل، في رأي كثيرين، كلمتها الأخيرة بعد وهي في انتظار الوقت المناسب لتؤكد للروسي أن ليس في استطاعته إعلان نفسه ملك سوريا في ظلّ تمدّد إيراني لا يرضي بالأكيد إسرائيل التي لديها هواجسها الأمنية والتي صارت تعتبر الجولان مهددا.

أثبت فلاديمير بوتين من دون شكّ أنّه قادر على تغيير المعادلات في سوريا. الدليل على ذلك أن الأسد الابن ما زال في دمشق. إلى أي حدّ سيذهب في لعبته، خصوصا إذا تبيّن أن الأميركيين غير راضين عنها وهم ينظرون بريبة إلى الحلف الروسي- الإيراني- التركي؟

سيتوقّف الكثير على ما إذا كان في الإمكان الحديث عن استسلام أميركي أمام روسيا أم لا؟

يبدو أنّ الحرب في سوريا ما زالت في بدايتها، على الرغم من أن سيطرة إيران على البوكمال تطورت في غاية الأهمّية. الأمر الوحيد الثابت أن من الباكر الحديث عن إعداد روسي لمرحلة انتقالية يُبحث فيها جدّيا في حلول سياسية.

لن يكون هناك انتقال فعلي إلى الجدّية، إلّا في اليوم الذي يصبح فيه الكلام واضحا عن أنّ الأسد الابن ونظامه لا يصلحان سوى لتمرير مرحلة يتركز البحث فيها على إعادة تشكيل بلد كان اسمه “الجمهورية العربية السورية”. من المجنون في هذا العالم الذي يتصوّر أن بشّار الأسد يمكن أن يحكم سوريا في مرحلة عودة السلام إليها… هذا إذا عاد السلام يوما؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين ملك سوريا… في ظل استسلام أميركي بوتين ملك سوريا… في ظل استسلام أميركي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon