توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركيا ليست مصر (3-3)

  مصر اليوم -

تركيا ليست مصر 33

مصر اليوم

لا أحد ينكر أن هناك جوانب ثقافية تميز بين مرجعية حزب العدالة والتنمية العلمانية الديمقراطية سياسياً، والمحافظة ثقافياً ودينياً، وبين مرجعية بعض الأحزاب الأصولية العلمانية، ومنها حزب الشعب الجمهورى، والتى كانت أكثر إقصاء واعتداء على الديمقراطية طوال فترة حكمها (بما لا يقارن) من حزب العدالة والتنمية. إن حديث أردوجان عن أنه ينوى إعادة بناء ثكنة عثمانية هدمتها الحكومات العلمانية السابقة، وبنت مكانها ملعب كرة وحديقة، يدخل فى إطار هذا الصراع الرمزى بين الجانبين. والمؤكد أن تركيا فى عهد أردوجان حققت طفرة اقتصادية وسياسية هائلة، كما حققت توافقات سياسية كبيرة بين العلمانيين الديمقراطيين والمسلمين الديمقراطيين، حتى أصبح حزب العدالة والتنمية بوتقة لكلا الطرفين، على خلاف حزب الشعب الجمهورى المعارض- العلمانى الأصولى- وحزب السعادة الإسلامى المحافظ - الطبعة التركية من الإخوان المسلمين، وحصل على 3% فى الانتخابات الأخيرة- وكلاهما يتكلم بلغة شبيهة بلغة كثير من نشطاء التيارين المدنى والإخوانى فى مصر. فحين خاض حزب العدالة والتنمية معركة دخول المحجبات إلى الجامعات والمصالح الحكومية اعتبر أنها قضية حرية عقيدة ورأى، وليست قضية شريعة، وحين حقق إنجازات اقتصادية كبيرة لم تكن عن طريق الصكوك الإسلامية ولا بالوعود الكاذبة والوهمية، وجعلت تركيا الاقتصاد السادس أوروبياً. إحدى مشكلات تجربة أردوجان أنها تجربة رأسمالية لم تضع قواعد للعدالة الاجتماعية تضبط جنوحها، كما أن الرجل بقى فى السلطة أكثر من 11 عاماً، وينوى الترشح للرئاسة بعد تعديل الدستور، كما أنه مارس سلطة أبوية على المجتمع، تمردت عليها أجيال شابة جديدة لم ترتح لمفرداته الاستعلائية تجاه كل من يعارضه، بما فيها أطراف داخل حزبه. وهنا قد تتشابه تركيا مع مصر من زاوية احتجاجات الشباب، لكنها ستختلف جذرياً حول مسار هذه الاحتجاجات ومستقبلها، والحقيقة أن تركيا بها مؤسسات قوية وصارمة، واجهت، فى جانب منها (الدولة العميقة)، الإسلاميين بصور مختلفة شرعية وغير شرعية، فى حين أنه بفضل دولة المؤسسات هذه وصل الإسلاميون إلى الحكم ـ لا يطلقون على أنفسهم إسلاميين كما هو معروف ــ وتتمثل فى عمق تقاليد المؤسسات التى بنيت منذ عهد مصطفى كمال أتاتورك، وجعلت أى انتخابات تجرى فى تركيا تحافظ على «شرف الصندوق» بتعبير إرشاد هولموز، مستشار رئيس الجمهورية التركية. وهذا ما جعل «ثورات» الأتراك كلها مؤسسية، تُصلح ولا تهدم، فبنت جمعيات أهلية عظيمة، ونظام وقف متقدماً، ينفق تقريباً على كل شىء، من البحث العلمى حتى الأعمال الخيرية، وأحزاباً قوية تتجه إلى إصلاح الدولة وليس الانتقام منها، وكانت نموذجاً ناجحاً لمعركة بالنقاط، تعلّم فيها أردوجان كيف يمكن أن يصلح مؤسسات الدولة باحترامها وترويضها من خلال قواعد دولة القانون والديمقراطية، وليس بالهدم والانتقام كما يفعل الإخوان. فى ظل دولة مؤسسات، وفى حال وجود نظام ديمقراطى ولو غير مكتمل يصبح مآل الاحتجاجات هو استقالة أردوجان وإجراء انتخابات مبكرة، أى أن سقوط رأس النظام لن يعنى الدخول فى الفراغ والفشل الذى عرفته مصر على يد جمهورية «العواجيز» التى شيدها مبارك، وكانت هى الطريق الآمن لوصول الإخوان بهذه الطريقة للسلطة، فحين تُسقط رئيس وزراء نظام ودولة مثل تركيا، فإن النتائج لن تكون مثلما تُسقط رئيس لـ«اللانظام» مثل مبارك، ودولة مفككة بلا أحزاب ولا مؤسسات، وهذا فى الحقيقة عكس الخبرة التركية التى تمتلك مؤسسات قوية فى جمهورية صاعدة تحاول أن تصحح أخطاءها من داخلها. amr.elshobaki@gmail.com نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا ليست مصر 33 تركيا ليست مصر 33



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon