توقيت القاهرة المحلي 04:09:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرئيس القادم: الفرص والتحديات

  مصر اليوم -

الرئيس القادم الفرص والتحديات

عمرو الشوبكي

قد يرى الكثيرون أن نتائج انتخابات الرئاسة محسومة للمرشح عبدالفتاح السيسى، وقد يرى الكثيرون أيضاً أن التحديات الحقيقية ليست فى نتيجة الانتخابات إنما فى قدرة المرشح الراجح فوزه على تحقيق تغييرات وإصلاحات مطلوبة طال انتظارها، فى ظل تحديات كثيرة لا يبدو أن هناك وعياً كافياً بطبيعتها. والمؤكد أن إدارة الانتخابات بطريقة سليمة وديمقراطية، تضمن حياد الدولة ونزاهة العملية الانتخابية، تمثل فرصة حقيقية للرئيس القادم تساعده على النجاح، فمن المهم التمييز بين الحفاظ على أمن البلد وثوابته الوطنية والدستورية، وبين ربط تحقيق هذه الأهداف بمرشح واحد، لأن كلا المرشحين (السيسى وصباحى) مؤمن بالمسار السياسى الحالى وبالدولة الوطنية وبالدستور المدنى، وأن الخلاف بينهما هو فى الفرص والبرامج وليس على الأسس التى بنى عليها مسار 30 يونيو. وإن أى هجوم غير موضوعى أو حصار للمرشح حمدين صباحى أو غيره من المرشحين سيعنى- فى الحقيقة- خصماً من المسار الحالى، فالمناخ السياسى والإعلامى الذى يربط بين الحفاظ على الدولة الوطنية ومرشح واحد لا يؤسس فى الحقيقة لنظام سياسى قادر على التقدم بالبلد خطوة واحدة للأمام. إن ثقافة اللون الواحد والمرشح الواحد والحزب الواحد تدفع قطاعات واسعة من المجتمع، من خارج الإخوان وحلفائهم، إلى مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية برمتها، وهو أمر بالغ الضرر بالمسار الحالى المهدد من أطراف عديدة، فلا يجب أن تدار الانتخابات بطريقة الاستفتاءات وبالطريقة التعبوية القديمة التى خلطت بين المعارضين للمسار والداعين لتخريبه وهدمه على رؤوس الجميع. ومن المهم عدم الخلط بين «نعم» الكاسحة للدستور التى تذكرك بلحظات الاستقلال الوطنى، وبنجاح الأمم فى مواجهة أخطار التفكك والإرهاب، وبين «نعم» لنظام سياسى وإدارة ورئيس، فالأول يقبل الاكتساح ونسب الـ98%، والثانى لا يقبل هذه النسب إلا بالتزوير أو من خلال النظم الشمولية. فمصر قالت نعم للدولة الوطنية فى مواجهة لا دولة، ولكنها لا تحتاج إلى حزب واحد للدولة مرة أخرى، إنما تحتاج إلى أحزاب ومرشحين للرئاسة مؤمنين بالدولة، وهذا فارق كبير بين ثقافة حزب الدولة وثقافة الإيمان بالدولة، وبين نعم الكاسحة والتعبوية للدولة والدستور ونعم النسبية للبرلمان والرئيس. إن إدارة انتخابات الرئاسة بصورة ديمقراطية ونسبية تمثل فرصة حقيقية لنجاح مشروع الرئيس القادم الذى ستواجهه تحديات كبيرة لا يبدو حتى الآن أن هناك وعياً حقيقياً بطبيعتها المركبة ومخاطرها. والحقيقة أن المسار الحالى يفتح الباب أمام إصلاح حقيقى فى بنية الدولة والنظام السياسى لعدة أسباب، منها أن الرئيس الراجح قدومه يأتى من داخل الدولة، وفى نفس الوقت لديه شعبية كبيرة فى الشارع، وبالتالى لديه فرصة أكبر من غيره لإجراء إصلاحات مطلوبة، يدعمه فى ذلك قرار سياسى واستراتيجى جرىء انحاز فيه السيسى للإرادة الشعبية حين تدخل وعزل مرسى فى خطوة لم تعرف عنها أمريكا شيئاً، وحين عرفتها لم ترحب بها، وهو ما داعب فى وجدان كثير من المصريين قضية الكبرياء الوطنى والقدرة على عمل فعل من العيار الثقيل خارج الإملاءات الأمريكية. شعبية السيسى فى الشارع كبيرة، وإيمان عموم المصريين بالجيش كبير، وعلاقة المؤسسة العسكرية بالحداثة وبناء الدولة المصرية أمر مؤكد، وصورة المخلّص والبطل القومى التى قدمها جمال عبدالناصر فى التاريخ المصرى الحديث وارتبطت بالجيش مازالت حاضرة فى نفوس الكثيرين. والمؤكد أن مجىء السيسى من داخل الدولة يجعله أكثر قبولاً وأكثر قدرة على إصلاحها، فلا نستطيع أن نتهمه بأن لديه مشروع تمكين ولا ينوى اختطاف الدولة لصالح تنظيم سرى، مثلما حاول الإخوان، وهو ما يعطيه من الناحية النظرية فرصة أكبر لإجراء إصلاحات حقيقية فى بنية مؤسسات الدولة المترهلة، ولكنه فى نفس الوقت يفرض تحديات ليست سهلة، منها أن هذه المؤسسات تعتبره مرشحها، وبالتالى كثير منها يتصور أنه قادم ليدعمها ويُبقى على شبكات مصالحها ولا يحاسب الفاسدين ومعدومى الكفاءة داخلها، وتبقى البلاد على حالها منذ ما يقرب من 40 عاماً: دولة ضعيفة ومحدودة الكفاءة، ونظام سياسى غير ديمقراطى، عاجز عن تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. والسؤال: ما التحالف الاجتماعى والسياسى الذى سيدعم الرجل، خاصة أن خبرته الأكبر هى من داخل المؤسسة العسكرية، على خلاف عبدالناصر والسادات اللذين امتلكا خبرة سياسية وتنظيمية ربما مناهضة للتقاليد العسكرية، ومنها بناء تنظيم سرى ثورى اخترق الجيش (وهو تنظيم الضباط الأحرار) وقام بثورة يوليو، على عكس تجربة السيسى التى كانت فى مواجهة أى اختراقات سياسية محتملة للجيش المصرى. والواضح أن المجتمع المصرى عقب حالة الفوضى والاستباحة، التى شهدها فى السنوات الثلاث الماضية، بات يفضل بشكل واضح صورة العسكرى المنضبط والمهنى، أكثر من صورة الثورى أو الاحتجاجى، ناهيك عن أن من أنقذ مصر من المصائر السوداء المحيطة بها من كل جانب هو «الجيش المهنى» المنضبط الذى يحترم الشرعية الشعبية والدستورية، وليس «الجيش المسيّس» الذى اخترقته الأحزاب قبل ثورة يوليو، أو تدخل بصورة مباشرة فى العملية السياسية بعدها، وتعرض لهزيمة 67، فى حين أن الجيش المهنى هو من جلب نصر أكتوبر، وهو من حمى الشعب والدولة فى 25 يناير و30 يونيو. والمؤكد أن تجربة وجود مرشح قادم من الدولة وليس الأحزاب والحركات السياسية (قريبة من حالة بوتين فى روسيا) تختلف عن تجربة بلد مثل إسرائيل التى اعتادت أن يحكمها رئيس وزراء له خلفية عسكرية ويمتلك أيضاً خبرة سياسية وحزبية مضافة لخبرته العسكرية الأولى، وهذا على عكس تجربة السيسى فى مصر فهو ابن المؤسسة العسكرية بامتياز وفقط، وهو ما سيفرض على مشروعه تحديات من نوع: ما شكل التحالف السياسى الذى سيدعمه؟ وهل سينشأ حزب أو تيار سياسى جديد مرشح أن يكون «حزب دولة» يبنى من خلال السلطة، وبالتالى تنتقل إليه أمراض هذا النوع من «الأحزاب» التى تلم الصالح والطالح، أم سيعتمد على قوى حزبية وسياسية موجودة على الأرض وبعضها أعلن عن دعمه له؟ المؤكد أن قوة السيسى فى أن جمهوره الأساسى هم المواطنون المصريون العاديون الذين يشكلون غالبية الشعب المصرى من أبناء الطبقة الوسطى والدنيا وبعض الشرائح العليا، والخطاب السائد لدى الغالبية العظمى من هؤلاء هو خطاب إصلاحى يرغب فى تحسين ظروفه المعيشية والعيش بكرامة على أرض وطنه، وهى تربة أقرب لتركيبة رجل يأتى من خلفية عسكرية ولم يكن منخرطاً فى حزب سياسى ولا فى تنظيم ثورى، وبالتالى يصبح المزاج الشعبى العام فى أغلبيته الساحقة مزاجاً إصلاحياً «بنائياً» يرغب فى إصلاح المؤسسات وإعادة بناء الدولة، وليس ثورياً احتجاجياً (إلا إذا فشل فى إجراء أى إصلاحات) وهو ما يلتقى مع خبرة المرشح المهنية وفرصه. امتلاك هذه الخبرة المهنية والانضباطية والنوايا الإصلاحية لا يعنى النجاح التلقائى فى إصلاح أحوال البلد، فالتحديات كبيرة، والانقسام المجتمعى والسياسى يعطل من فرص نجاح أى إصلاحات جراحية مطلوبة، وتلك تحديات كبرى لا بديل من مواجهتها. "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس القادم الفرص والتحديات الرئيس القادم الفرص والتحديات



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon