توقيت القاهرة المحلي 03:04:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنت طرف

  مصر اليوم -

أنت طرف

عمرو الشوبكي

يدهشك البعض حين يحدثك عن التدخل الأمريكى فى الشأن المصرى أو عن مؤامرات القوى الخارجية ومندوبيها فى الداخل، وينسى أو يتناسى أنه طرف فى الحسبة وجزء من المعادلة، فإذا بنى نموذجاً وطنياً ديمقراطياً وحقق تنمية اقتصادية فإن تدخل القوى الخارجية سيتراجع، وسينتقل من تحديد شكل النظام الجديد إلى طرف مؤثر فيه. المدهش أن هذه القاعدة البديهية التى صاغها جمال عبدالناصر فى الستينيات حين تحدث عن أنه لا يمكن أن تواجه الاستعمار وتحديات الخارج دون أن تنجح فى الداخل يتناساها البعض الآن، ويتصور أنه يمكن أن تقف فى وجه أمريكا وأنت غير قادر على إطعام نفسك والحياة دون معونات خارجية، وغير قادر على بناء صناعة متطورة وأن تكون جزءاً من العالم وقادراً على أن تؤثر فيه، وتتأثر به. والمؤكد أن هناك فارقاً بين إدارة المعارك أثناء عصر الحرب الباردة والتحرر الوطنى وبين الآن، فعصر الحرب الباردة كان قائما على نظام ثنائى القطبية تقوده أمريكا والاتحاد السوفيتى، وهو ما انعكس على دول العالم الثالث، وخاصة التى خاضت تجارب التحرر الوطنى، فقد دعم الاتحاد السوفيتى مصر عبدالناصر، ودعم استقلال مشروعها التنموى عن الغرب وأمريكا، وبنت الصين نموذجها على قطيعة كاملة مع الغرب والشرق معاً (متمثلاً فى الاتحاد السوفيتى)، وكثير من دول العالم الثالث قدمت نماذج ناجحة فى التنمية، مثل كوبا والجزائر وغيرهما من خلال «لا علاقة» بالغرب الاستعمارى، وبناء نموذج تنموى مستقل وغير تابع للغرب الاستعمارى. والمؤكد أن مصر أصبحت دولة تابعة للولايات المتحدة بعد عبدالناصر، وتحديداً طوال عهدى السادات ومبارك، وجاءت ثورة 25 يناير وتراجعت قدرة الولايات المتحدة على التنبؤ بردود فعل الجماهير وانتظرت لأول مرة منذ 30 عاما قرار الشعب المصرى الأخير من نظام مبارك. صحيح أنها حاولت أن تركب الثورة وتنفق على قلة نادرة ممن شاركوا فيها، واعتبرتهم رموز وقادة تغيير، ثم عادت ودعمت الإخوان أثناء وجودهم فى السلطة وبعد خروجهم منها، حتى أصبحت الراعى الأول لهم فى العالم. والحقيقة أن البعض يولْول وينتقد الولايات المتحدة وسياستها فى المنطقة، ويعيد ويزيد فى نظرية المؤامرة ويصب جام غضبه على أمريكا التى ترغب فى تركيع مصر وكسر إرادة دولتها الوطنية، دون أن يسأل نفسه: ماذا فعلت لتغير من هذه المعادلة؟ هل ضاعفت إنتاجك؟ هل حاربت الأمية فى بلدك؟ أو حيك أو قريتك؟ هل تفرق معك أكوام القمامة المحيطة بك فى كل مكان وعملت على إزالتها؟ هل بنيت حزباً أو مؤسسة سياسية بديلة؟ هل ستشارك فى كل الانتخابات حتى تضمن أن تختار برلماناً يعبر عنك وحكومة تتقدم بك إلى الأمام، وهل تعرف أن شتم أمريكا كل يوم لن يجعلها تختفى من الوجود أو تتوقف عن التدخل فى شأننا الداخلى؟ إن قدرة الشعب على دفع أمريكا على احترامنا لن يكون إلا من خلال بناء نموذج ناجح فى الداخل قادر على إحداث تفاعل نقدى معها لا عزلة كالتى يتصورها البعض، ولا تبعية كالتى عشناها عقودا طويلة، وذلك ببناء نموذج ديمقراطى متقدم اقتصاديا فى الداخل، وقادر على أن يكون مؤثراً فى الخارج. إن الدول الكبرى لا تقيس أمورها ولا حساباتها بالعواطف ولا بالهتاف، إنما بأوراق ضغط سياسية واقتصادية أنت مطالب بتفكيكها أو إضعافها إذا أردت ألا يكون هناك «كرزاى مصرى» جديد مجاور لشقيقه الأفغانى. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت طرف أنت طرف



GMT 02:33 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

«متعلّمة»

GMT 02:31 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الأطفال والإدمان التكنولوجي المسكوت عنه

GMT 02:28 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عقارات بني أسد... وهمسات التاريخ

GMT 02:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

GMT 01:49 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الصدر والحكيم والهوية المُركبة

GMT 01:43 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الأردن بين إيران وإسرائيل

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

معركة الاتحاد غير العادلة

GMT 00:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المخادعون

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 02:58 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
  مصر اليوم - فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon