توقيت القاهرة المحلي 21:26:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحل ليس فى روسيا

  مصر اليوم -

الحل ليس فى روسيا

عمرو الشوبكي

روسيا الاتحادية دولة كبرى لكنها ليست مثل الاتحاد السوفيتى، تماما مثلما أن العصر الحالى ليس مثل عصر الحرب الباردة الذى تقاسمت فيه أمريكا (تقريبا) مع السوفييت النفوذ على دول العالم، بما يعنى أن البدائل المطروحة أمام دول العالم الثالث الآن لن تكون مثلما كان عليه الحال فى الخمسينيات. والحقيقة أن العالم فى عصر الحرب الباردة كان قائما على نظام ثنائى القطبية: أمريكا والاتحاد السوفيتى، وقد انعكس ذلك على دول العالم الثالث، خاصة التى خاضت تجارب التحرر الوطنى، فقد دعم الاتحاد السوفيتى مصر عبدالناصر وساعدها على الصمود فى وجه إسرائيل والعدوان الثلاثى، ثم دعم مشروعها التنموى فى الداخل، ولم يكن مهماً فى ظل هذا النظام ثنائى القطبية أن يحتفظ أى من نظم التحرر الوطنى بعلاقات طيبة بدول الاستعمار القديم والقوى الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة. فالصين بنت نموذجها على قطيعة كاملة مع الغرب والشرق معا (متمثلاً فى الاتحاد السوفيتى)، وكثير من دول العالم الثالث قدمت نماذج ناجحة فى التنمية مثل كوبا والجزائر وغيرهما من خلال «لا علاقة» بالغرب الاستعمارى، كما أن الاتحاد السوفيتى هيمن على ثلث أوروبا والعالم، وبنى الكتلة الاشتراكية وحلف وارسو فى مواجهة حلف الأطلنطى والتحالف الغربى الرأسمالى. والمؤكد أن مصر كانت من أكثر دول العالم التى استفادت من هذا الانقسام بين الكتلتين بفضل عبقرية عبدالناصر، خاصة أنها كانت خارجة من تجربة احتلال بريطانى، وبدأت بصفقة الأسلحة التشيكية الشهيرة عام 1954، ثم تأميم قناة السويس بعد رفض البنك الدولى الواقع تحت الهيمنة الأمريكية تمويل السد العالى، واعتمد جمال عبدالناصر فى بنائه على السواعد المصرية والدعم السوفيتى. وقد شهدت مصر مؤخرا توترا فى علاقاتها بالولايات المتحدة نتيجة دعم الأخيرة جماعة الإخوان المسلمين، والتدخل فى الشأن الداخلى المصرى ندفع ثمنه منذ التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، ثم خضوع مبارك لكل تداعيات المعونة على استقلالية قرار مصر السياسى. والحقيقة أن الخلاف الحالى بين مصر وأمريكا ورهان البعض على «المنقذ الروسى» يدل على عدم فهم كامل لطبيعة التحولات التى شهدها العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية، فمفهوم أن نناور بالورقتين الروسية والصينية، ولا بأس أن تتطور علاقتنا معهما، ولكن من يتصور أن روسيا هى حليف لنا بالمعنى القديم فهو واهم، لأنها ببساطة لم تعد هى نفسها الاتحاد السوفيتى، كما أن حلفاءها الآن هم سوريا وإيران، والأول نظام قاتل والثانى غير ديمقراطى ولا تدعمه روسيا بشكل كامل. فغريب أن يتصور البعض أن مصر تنتظر رئيساً سيخرج ويكرر معركة عبدالناصر الناجحة فى عصره بتأميم قناة السويس وقطع العلاقات مع أمريكا، ويقرر الآن القطيعة مع أمريكا، ويتناسى أن معارك العصر الحالى تتمثل فى كيفية الاحتفاظ بعلاقات شراكة (وليس معونة) مع أمريكا وأوروبا وباقى دول العالم المتقدم دون أن تفقد استقلالك الوطنى، وأن تكون مؤثرا فى أمريكا وأوروبا، وتطور أدوات هذا التأثير وتعظم من أوراقك، ومنها تطوير العلاقات مع دول كبرى أخرى مثل روسيا وغيرها. لن ننقل «العطا» من أمريكا إلى روسيا إنما سنجبر أمريكا على احترامنا من خلال تفاعلنا النقدى معها، وليس من خلال التبعية التى عشنا فيها سنوات مبارك وعام مرسى، وذلك ببناء نموذج ديمقراطى متقدم اقتصاديا فى الداخل، وقادر على أن يكون مؤثرا فى الخارج. هذه معارك العالم فى عصر ما بعد الحرب الباردة.. أن تكون طرفاً مؤثراً وفاعلاً ونقدياً، وليس منعزلاً ومنغلقاً على ذاتك أو على حليفك. نقلًا عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحل ليس فى روسيا الحل ليس فى روسيا



GMT 21:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي.. آلة الزيف الانتخابي

GMT 21:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

GMT 21:06 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الشكلانية والتثعبن

GMT 19:52 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في حب العمدة صلاح السعدني

GMT 19:50 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

‎فيتو أمريكى ضد الدولة الفلسطينية.. لا جديد

GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon