توقيت القاهرة المحلي 12:56:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا تراهنوا على انقلاب الجيش

  مصر اليوم -

لا تراهنوا على انقلاب الجيش

عمرو الشوبكي

عجيبٌ أمر البعض حين يراهن على انقلاب الجيش، وصادمٌ أن يتصور البعض أن حل مشاكل مصر المتفاقمة بسبب سياسة الإخوان سيكون بانقلاب عسكرى وبتدخل مباشر للجيش فى العملية السياسية. العجيب أن ما يردده البعض الآن قال عكسه منذ أقل من عام، حين كان يهتف صباحاً ومساءً بسقوط حكم العسكر، و«لا دستور تحت حكم العسكر»، واجتهد بعبقرية نادرة وقدم «بديلاً سياسياً» وحيداً حين طالب بتسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب، وهو نفسه الذى حارب حكومة الجنزورى الكفؤة والمحايدة فاتحاً الباب على مصراعيه أمام حكم الإخوان، وعاد اليوم وطالب صراحة أو ضمناً بتدخل الجيش وإسقاط الرئيس والحكم. والحقيقة أن الوهم الذى يتصوره البعض بأن الجيش قادر على قلب الأوضاع السياسية لا يعرف طبيعة القيود الدولية ولا التحولات التى جرت على الجيش المصرى بعد 30 عاماً من حكم مبارك، وأن رهان البعض على تكرار نموذج عبدالناصر وثورة يوليو سيبقى حلماً لا علاقة له بالواقع. المفارقة أن مسؤولية المجلس العسكرى وبعض القوى المدنية والائتلافات الثورية عن تسليم السلطة بهذه السلاسة للإخوان دون أى استحقاقات بديهية، من تقنين وضع الجماعة ووضع الدستور للبلاد قبل الاستحقاقات الانتخابية- أمر لا يجب تكراره مرة أخرى باستمرار سياسة الهدم من أجل الهدم، لا الهدم من أجل البناء، أو «الهدم دون امتلاك بديل»، فيحدث الفراغ الذى ملأه الإخوان أول مرة، والآن سيكون فراغ الفوضى الشاملة الذى من غير المؤكد أن يملأه الجيش، وفى كل الأحوال، وليس البديل المدنى الديمقراطى. إن الأداء الكارثى للمجلس العسكرى أثناء المرحلة الانتقالية لا يجب أن ينسينا أن الجيش المصرى جيش مهنى محترم أثبت من الناحية المهنية انضباطاً لافتاً لم تعرفه معظم جيوش المنطقة، فقد انحاز إلى ثورة الشعب كمؤسسة وليس كفريق ثورى واجه فريقاً آخر مؤيداً لمبارك، وتلك عملية من الناحية الاستراتيجية ليست سهلة وفيها مخاطر كثيرة، كان يمكن فى أى لحظة أن تؤدى إلى انقسامه، ولكنه عبر هذا الاختبار بمهنية واقتدار. والحقيقة أن تدخل الجيش فى حال حدوث ذلك لن يكون سياسياً، إنما سيكون فقط فى حالة دخول مصر إلى مرحلة تفكك وانهيار للدولة، واندلاع حرب شوارع بين الفصائل السياسية المختلفة، ووجود ثمن باهظ سيدفعه الشعب المصرى من دماء أبنائه ومستقبله، ومن غير المؤكد أن يخرج منه، وحتى لو حاول الجيش أن يحول تدخله «الإنقاذى» إلى سياسى من أجل الحكم فسيجد بلداً يحتاج إلى معجزة لإنقاذه. إن دفع البعض البلاد لحافة الهاوية وإعادة إنتاج خطاب الفوضى الخلاقة الذى روجته الإدارة الأمريكية فى عهد بوش، وتصور أن هدم ما تبقى من مؤسسات الدولة ونشر الفوضى والعنف والبلطجة السياسية سيكون هو الطريق للتخلص من حكم الإخوان- ينسى أو يتناسى أنه يرتكب حماقة كبرى لا تقل عن خطايا أهل الحكم، وستدفع ثمنها البلاد كلها. على التيارات المدنية أن تعمل على خلق بديل سياسى لحكم الإخوان، وألا تنتظر مُخَلِّصاً من خارج العملية السياسية المدنية، فالمطلوب هو تقديم مشروع سياسى واجتماعى بديل لحكم الإخوان والعمل على تحقيقه سواء بالضغط الشعبى من خارج العملية السياسية أو من داخلها، أما الرهان على انقلاب عسكرى فلن يأتى، وإذا جاء فسيكون نتيجة فشل وانهيار شبه كامل، وعلى الأرجح لن ينجح الجيش فى إنقاذنا منه. راهنوا على الناس فلن يخذلوكم. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تراهنوا على انقلاب الجيش لا تراهنوا على انقلاب الجيش



GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

GMT 05:12 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

GMT 05:07 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مؤتمر باريس السوداني... رسائل متناقضة

GMT 05:05 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

GMT 05:00 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الأولوية لا تزال لأهل غزة في محنتهم

GMT 04:59 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«دقوا الشماسي م الضحى لحد التماسي»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon