توقيت القاهرة المحلي 10:36:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

19 نوفمبر: 35 عاما من عمرنا

  مصر اليوم -

19 نوفمبر 35 عاما من عمرنا

عمرو الشوبكي

مرت على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس المحتلة 35 عاماً بالتمام والكمال، ففى يوم 19 نوفمبر من عام 1977 قرر الرئيس الراحل أن يذهب لعدو العرب التاريخى فى عقر داره، فى زيارة مفاجئة لم يتوقعها حتى أنصاره، واستقال على إثرها اثنان من أهم رجال السياسة والدبلوماسية فى العالم العربى، هما الراحلان محمود رياض، أمين جامعة الدول العربية، وإسماعيل فهمى، وزير الخارجية. وقد تغيرت على إثر هذه الزيارة أشياء كثيرة وبقيت أخرى على حالها، إلا أنها شكلت بالنسبة لجيلى ولأجيال سابقة حدثاً تاريخياً فارقاً ونقطة فاصلة بين عصرين، الأول حلمنا فيه بأن نحرر فلسطين بالسلاح، والثانى نقلنا بسرعة البرق من الحلم، وربما الأمل فى هذا التحرير، إلى قسوة الواقع الذى كشف حجم الضعف والفشل العربى. دُهشت من زيارة السادات حين كنت طالباً فى الثانوى ولم أعارضها أو أوافق عليها، وحين دخلت الجامعة عارضت اتفاقية السلام التى وقّعها السادات مع إسرائيل رغم تأييد تيار واسع من عموم المصريين لها. وانقسم العالم العربى عقب توقيع هذه الاتفاقية بين محور الصمود والتصدى (عراق صدام حسين، وسوريا حافظ الأسد، وليبيا القذافى، واليمن الجنوبى «الشيوعية» - القبلية، وجزائر هوارى بومدين)، ومصر السادات التى استقطبت سودان جعفر النميرى وعُمان السلطان قابوس. وبقيت دول الخليج العربى والمغرب وتونس والأردن رسمياً خارج المحورين، فقد أعلنت معارضتها اتفاقية كامب ديفيد، وجمد بعضها علاقاته السياسية مع مصر دون أن يصل الأمر إلى مرحلة القطيعة والسباب التى تبادلتها نظم الصمود والتصدى مع السادات. وراهن البعض فى مصر على محور الصمود والتصدى، واعتبر صدام حسين نموذجاً والأسد رمزاً والقذافى خليفة عبدالناصر، إلى أن أثبتت الأيام أن كل هذه الرهانات كانت واهية، وأن هذه النظم كانت أكثر سوءاً من نظامى السادات ومبارك، وأن سقوطها كان أكثر بشاعة وقسوة من سقوط الأخير. والمؤكد أن العالم العربى عاش على مدار ما يقرب من 35 عاما فى ثنائية وهمية، بدأت بالحديث عن محور الاعتدال والواقعية الساداتى فى مواجهة محور الصمود والتصدى، الذى سُمى بعد ذلك بـ«محور الممانعة». ولعل ثورات الربيع العربى قد كشفت أزمة كلا الطرفين، فلا المعتدلون أصبحوا معتدلين حقيقيين قادرين على التأثير والفعل الإقليمى والدولى كما كان يُنتظر منهم، ولا المتشددون حاربوا إسرائيل على سبيل السهو والخطأ منذ حرب 1973. والمؤكد أن مشكلة «الاعتدال» المصرى ليس فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أى نظام عربى منذ مبادرة السادات إلى القدس عام 1977)، إنما فى فشله فى تحويل اتفاقية التسوية إلى معركة تنمية وتقدم. والمؤكد أن الولع المصرى، طوال عهد مبارك، بدبلوماسية العلاقات العامة واللقاءات التليفزيونية والأحاديث المنمقة، التى تطالب إسرائيل بضبط النفس، وإدانة قتل المدنيين، بات غير مؤثر، فلا الدعوات المصرية والعربية المتكررة بضبط النفس جعلت إسرائيل تتراجع ولو مرة واحدة عن قراراها «بعدم ضبط النفس»، ولا رفض العدوان وشجبه منع إسرائيل من تكراره عشرات المرات. وإذا كانت هناك مشكلة فى الأداء السياسى والدبلوماسى والإعلامى المصرى طوال العهد السابق، وتحسن جزئياً فى العهد الحالى، فإن الجانب الآخر الذى عُرف بأنه متشدد لم يبق منه إلا نظام بشار الأسد المتهاوى وميليشيات حزب الله التى لن تحارب إسرائيل من أجل القضايا العربية، إنما فقط دفاعاً عن إيران، فالنظام السورى لم يدخل فى مواجهة عسكرية من أى نوع مع إسرائيل، كما أنه دخل قبل اندلاع الثورة السورية فى مفاوضات سرية مع الجانب الإسرائيلى بوساطة تركية. أما قطب الممانعة / التشدد الأكبر والأكفأ، أى إيران، فلديه مشروع سياسى متكامل فى قلبه المشروع النووى، وهنا تحاول إيران بمهارة فى كثير من الأحيان أن تمتلك أكبر قدر من الأوراق الإقليمية لتحقيق نجاحات لصالح هذا المشروع، فامتلكت الورقة الأهم فى العراق فى ظل غياب كامل للدور العربى، وامتلكت ورقة حزب الله فى لبنان، وأخيراً امتلكت ورقة ضعيفة فى فلسطين تراجعت بعد وصول الإخوان للسلطة فى مصر ودعمهم الواضح لحركة حماس. وصار من غير المنطقى أن يتحدث البعض عن خيار ممانعة بالشعارات يدفع ثمنه الأبرياء فى قطاع غزة، فى حين يجلس قادته متفرجين على كل الجرائم الإسرائيلية من لبنان إلى الضفة الغربية، ومن غزة إلى أى مكان آخر. ولو افترضنا أن حماس فصيل متشدد، كما يصوره البعض، لا يقرأ الواقع الدولى والإقليمى بصورة جيدة، وورّط الشعب الفلسطينى فى مأساة إنسانية نتيجة إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، فماذا قدم المجتمع الدولى والولايات المتحدة لسلطة عباس المعتدلة، وللشعب الفلسطينى من أجل التحرر وبناء دولته المستقلة؟ لا شىء إلا الكلمات. من المؤكد أنه بعد 35 عاماً على زيارة القدس، وبعد عامين على انطلاق الثورات العربية، وبعد 5 أشهر لوصول أول رئيس إخوانى لحكم مصر، اتضح مرة أخرى لمن يعتبر أن المعارضة الأيديولوجية التى رفع لواءها بعض التيارات القومية والإسلامية، وطالبت بمواجهة إسرائيل بالحرب / الجهاد، وزايدت على الرئيس المصرى بأن أداءه لم يختلف عن مبارك فى حرب غزة - وهو غير صحيح - لأنه لم يحارب إسرائيل، واكتفى بالشجب والإدانة. والحقيقة أنه لا يوجد فصيل سياسى أو عسكرى أو دولة عربية أو إسلامية قادرة - أو راغبة - على محاربة إسرائيل من أجل تحرير فلسطين، وإنما فقط ستدافع عن أراضيها ضد أى عدوان للدولة العبرية، وأن الخيارات العقائدية للتيارات السياسية يجب أن تتفاعل مع الواقع المعاش كما هو وليس كما تتمناه، وتعمل على أن تغير فيه وتنتج تفاعلاً بين العقيدة السياسية والواقع، فلا تجعل الأولى تحلق فى الهواء الطلق بعيداً عن الواقع، ولا تجعل الأخير يحرك كل الخيارات السياسية والأخلاقية. لقد فشل حكامنا المعتدلون والمتشددون، بسبب شعارات «مصر أولاً» و«اتركونا ناكل عيش» دون أى إطار قيمى يجعل حاكمنا المخلوع يشعر بالعار حين استقبل وزيرة خارجية إسرائيل تسيبى ليفنى قبل يوم من العدوان الإسرائيلى على غزة فى ديسمبر 2008، ولا القاتل بشار يشعر بالخجل من متاجرته بالممانعة والصمود ليقتل شعبه بالقنابل والصواريخ. من المؤكد أنه فى كل دول العالم يوجد متشددون ومعتدلون، وهناك صقور وحمائم، فإسرائيل نفسها تعرف هذه الثنائية (حتى لو كانوا جميعاً صقوراً علينا)، وإيران بها الإصلاحيون والمحافظون، ومصر بها متشددون ومعتدلون، ومن الطبيعى أن يكون على أرض فلسطين متشددون ومعتدلون، ولا بأس أن تكون حماس ممثلة للتشدد، والسلطة معبرة عن الاعتدال، لكن عليهما أن تلتزما بثوابت خطاب التحرر الفلسطينى، وأن تختلفا بالطرق السلمية لا برفع السلاح، لأننا لأول مرة فى تاريخ تجارب التحرر الوطنى نجد أن التباين بين قوى التشدد والاعتدال لا يخدم قضية التحرر، إنما يخدم قوة الاحتلال، وهى كارثة حقيقية حان الوقت لتجاوزها إذا أردنا أن نؤسس لنظم عربية جديدة وفاعلة تتجاوز ثنائية الفشل التى عرفناها على مدار 35 عاما بين معتدلين فاشلين وممانعين أكثر فشلاً. نقلاً عن " المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

19 نوفمبر 35 عاما من عمرنا 19 نوفمبر 35 عاما من عمرنا



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon