توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

  مصر اليوم -

قصة «ستاربكس»

بقلم - عمرو الشوبكي

تم توقيف رجلين أمريكيين من أصول أفريقية داخل المقهى الأمريكى الشهير «ستاربكس»، عقب إبلاغ إدارة المقهى الشرطة لأنهما جلسا بسلام دون أن يطلبا شيئاً، فاشتبهت الإدارة فيهما بسبب لون بشرتهما وليس بسبب أى جرم أو خطأ ارتكباه.

يقيناً لم يتعرض الرجلان لشتائم عنصرية ولم يُهِنْهما أحد من العاملين فى المحل، إنما تصرفوا على ضوء ما فى عقلهم الباطن من أن هذين الشخصين بما أنهما من أصول أفريقية ولم يطلبا أى «مشاريب»، فمن الوارد أن يكونا مجرمين أو يخططان لعمل إجرامى، وأنهما لو كانا رجلين أبيضين وفعلا نفس التصرف لاكتفوا بتنبيههما بضرورة طلب مشروب ولَما أبلغوا الشرطة.

ولأن الشرطة لها تاريخ حافل فى التمييز العنصرى، فقد ألقت القبض على الرجلين، واصطحبتهما إلى قسم الشرطة، حيث أُخلى سبيلهما فى وقت لاحق.

ورغم أن أمريكا شهدت حوادث تمييز عنصرى على يد رجال الشرطة وصلت إلى قتل وتعذيب بشر بسبب لون بشرتهم، فإن هذه الحادثة اعتُبرت تمييزاً عنصرياً بسبب قرار إبلاغ الشرطة، حتى لو لم تؤدِّ إلى اعتداء على الرجلين الأسودين.

واللافت فى هذه الواقعة هو رد فعل إدارة المقهى، والذى مثّل رسالة للعالم فى الشرق والغرب، فسواء كنتَ من رواد هذا المقهى أم لا، مقاطعاً للمنتجات الأمريكية أو مستهلكاً لها، فإن ما فعلته إدارة «ستاربكس» مثّل رسالة للجميع، فلم تكتفِ بتقديم اعتذار لروادها، وهو أمر عادى فى المؤسسات العالمية الكبرى، إنما قررت إغلاق 8 آلاف فرع داخل أمريكا، ليوم كامل، والقيام بعمل دورة لموظفيها، البالغ عددهم حوالى 180 ألف موظف، على مدار اليوم، فى كيفية محاربة العنصرية، وعدم تنميط الناس بسبب أصولهم العرقية ولونهم ودينهم.

لم تقم إدارة «ستاربكس» بدعوة مواطن أمريكى أسود وآخر أبيض لكى يقبلا بعضهما فى أفرع المقهى، ويؤكدا تلاحم «عنصرى الأمة»، ويغنيا أغانى وطنية عن قوة أمريكا وجيشها ووحدة شعبها، إنما اعترفت بأن هناك مشكلة أياً كان حجمها، وأعادت تأهيل العاملين لمواجهتها دون خداع للنفس بإخفاء الواقع بشعارات رنانة.

تقوم المؤسسات الحديثة والنظم المتقدمة على فكرة رئيسية تنطلق من مسألة إعادة التأهيل، وتعتبر أنه لا توجد مجتمعات غير قابلة للتعلم والتطور، وترفض النظرة الساكنة التى تحكم على مجتمعات بعينها بالجهل والتخلف لأسباب جينية أو تجريم أفراد على أساس عرقى أو دينى.

فكرة إعادة التأهيل والتعلم ومراجعة الأخطاء أساس النظم المتقدمة، فلا يوجد شعب يعيش واقعاً متخلفاً لأسباب عرقية أو تاريخية، إنما نتيجة واقع سياسى واجتماعى، وإن نجاح أى مؤسسة اقتصادياً أو سياسياً يأتى من اعترافها بالأخطاء والانطلاق من أن مَن يعملون بها ليسوا ملائكة أو شياطين، إنما هم بشر يصيبون ويخطئون، وأنه لو وُجد بينهم عنصرى يكره السود أو المسلمين أو المسيحيين فهو مضطر لاحترامهم، لأن قواعد العمل الصارمة فى مؤسسته تفرض عليه التعامل بمهنية واحترام.

رسالة «ستاربكس» هى رسالة مؤسسة تتعلم من الأخطاء، وتعتبر التأهيل والمهنية وتصحيح الأخطاء هو طريق النجاح والتقدم.


نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة «ستاربكس» قصة «ستاربكس»



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

GMT 03:41 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

برنامج «إنجيل» متهم بالإبادة الجماعية

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه

GMT 04:46 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور لها

GMT 09:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

"أدنوك أبوظبي" يحتفل باليوم الوطني للإمارات

GMT 18:05 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ويفا" يُعلن طرح مليون تذكرة إضافية لجمهور "يورو 2020"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon