توقيت القاهرة المحلي 10:21:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الرئاسية.. قصة مصرية

  مصر اليوم -

الانتخابات الرئاسية قصة مصرية

بقلم : محمد سلماوى

 سألتنى المراسلة الألمانية الزائرة إن كنت قد شاركت فى الانتخابات، ولما رديت عليها بالإيجاب قالت: لكن بعض من سألتهم هذا السؤال قالوا إنهم لم يشاركوا لأن النتيجة كانت معروفة سلفا، فقلت إن نسبة المشاركين المرتفعة تشير إلى أن الناخبين لم ينظروا للانتخابات على أنها «فزورة» يتطلع الناس لمعرفة حلها، فإذا عُرف الحل مسبقا فقدوا حماسهم، وإنما نظروا إليها باعتبارها مناسبة وطنية تظهر ما إذا كان الشعب المصرى ما زال يدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى أم لا، ولأن الشعب أدرك أن العالم من حولنا ينظر هو الآخر الى هذه الانتخابات باعتبارها مقياسا لمدى دعمه الرئيس السيسى بعد تجربة السنوات الأربع الأخيرة، فقد اندفع الى مقار الاقتراع دون أن يتقاعس بحجة أنه يعرف النتيجة مسبقا.

قالت المراسلة: لكن الناخب الذى لا يدعم السيسى لم يكن أمامه وسيلة يعبر بها عن رفضه له. قلت: كل الانتخابات فى العالم تعرف ما يسمى التصويت الاحتجاجي، ويرى بعض المحللين عندكم أن جزءا كبيرا من الأصوات التى نالها ترامب فى الانتخابات الأخيرة كان تعبيرا عن رفض أصحابها هيلارى كلينتون، وفى انتخاباتنا كان هناك مرشح آخر كان بإمكان الناخب أن يعطيه صوته لو أراد أن يمنعه عن السيسي، قالت: يقال إن المرشح الآخر لم يكن معروفا بالقدر الكافى قبل أن يترشح للرئاسة. قلت: مهما تكن هناك من تحفظات عليه، فهو فى النهاية رئيس حزب سياسى قائم، بينما لم تكن لترامب أى تجربة سياسية قبل أن يترشح للرئاسة، والحقيقة أن الصوت الاحتجاجى لا يبحث عن صلاحية من سيمنحه تأييده، فالمهم عنده هو أن يمنع صوته عن المرشح الذى يريد أن يعبر عن رفضه له.

فسألتنى المراسلة عن رأيى فى أن المرشح الرئاسى آت من الجيش وليس من الحياة الحزبية مثلا، فقلت: أولا الدستور عندنا يحظر على رئيس الجمهورية أن يكون حزبيا، وينص على أن عليه إن كان عضوا فى حزب من الأحزاب أن يترك ذلك الحزب قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، ثم إن حال الأحزاب عندنا - إن كنتِ لا تعلمين - لا يسر عدوا ولا حبيبا، إن لدينا نحو 100 حزب لم يستطع أى منها أن يجد من يرشحه للانتخابات الرئاسية، أما مسألة العسكرية هذه فأشعر بأنها فى كثير من الأحيان تكون تكئة لمهاجمة النظام أكثر من كونها اهتماما حقيقيا من جانبكم، ذلك أن جميع شعوب العالم قد تلجأ فى ظروفها الدقيقة إلى بعض العسكريين لقيادة البلاد، ألم يأت الأمريكان بالجنرال أيزنهاور لتولى الحكم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية؟ وقد ذكرتنى الدكتورة هدى عبد الناصر فى حديث لها فى الإذاعة الفرنسية عشية الانتخابات، بأن الفرنسيين أتوا بالجنرال ديجول الى مقعد الرئاسة عام 1958 وقت كانت البلاد تمر بفترة دقيقة فى تاريخها بعد حرب السويس وبسبب تصاعد الثورة الجزائرية، ولم يكن ديجول حزبيا، بل كان معروفا عنه - كما أشارت الدكتورة هدى - ازدراؤه للأحزاب جميعا.

ثم قلت للمراسلة: إن قصة الانتخابات الرئاسية الأخيرة يا سيدتى يجب أن تقاس من منظور مصري، وعلى من يحللها أن ينظر إلى الظرف التاريخى الذى تمر به البلاد، والأخطار التى يرى الشعب المصرى أنها تحيطه من كل جانب، فمهما اتهمتنا بعض الدوائر الغربية بالميل الى نظرية المؤامرة، إلا أن النظر الى انهيار الدولة فى ليبيا على حدودنا الغربية، وفى السودان الذى اقتطع نصفه على حدودنا الجنوبية، وفى اليمن وسوريا والعراق فى الشرق، يؤكد للناخب المصرى أن مثل هذا الوضع كان سيطولنا لولا تصدى الجيش للحفاظ على الدولة المصرية، وذلك الإنجاز ليس هينا خاصة لو نظرنا الى قوى الإرهاب المتسللة إلينا من الشرق والغرب معا، والتى لا تخفى استهدافها قوات الجيش والشرطة فى المقام الأول، وهما عماد الدولة، وحين سقطا فى العراق أو فى ليبيا سقطت معهما الدولة.

إن قصة الانتخابات الأخيرة لا تنفصل يا سيدتى بأى حال من الأحوال عن قصة العلاقة الممتدة بين شخص عبد الفتاح السيسى والشعب المصري، منذ عام 2012 وحتى الآن، فقد مرت هذه العلاقة بتطورات كثيرة يعمد بعض المراقبين الغربيين الى تجاهلها، رغم تجليها فى تفاعلات ثورة 30 يونيو التى اختار فيها الشعب عبد الفتاح السيسى شخصيا ليخلصه من كابوس الأخوان الذى كان جاثما على صدره، ثم اختاره بعد ذلك كى يترشح للرئاسة، وطالبه بأن يصلح حال البلد، فجازف الرجل بشعبيته العارمة والتى لم يتمتع بها قائد فى مصر منذ سنوات، كى يجرعنا الدواء المر الذى كان لابد منه والذى لم يجرؤ عليه أحد من قبل، حيث آثر الرؤساء السابقون الاحتفاظ بمقعدهم الرئاسي، الذى تزعزع فى يناير 1977 حين أقدم السادات على مثل هذه الخطوات الإصلاحية، ألم يفكر أحد فى المقارنة بين موقف الشعب من إصلاحات السادات فى 1977 وموقفه الآن من إصلاحات السيسي؟ المعنى الواضح لكل ذى عينين هو أن السيسى يتمتع بثقة شعبية كبيرة رغم المعاناة التى مرت بها الطبقات الكادحة.

ثم إن قصة الانتخابات الرئاسية الأخيرة ليست كلها من وحى الماضى وأحداثه، وإنما هى أيضا قصة المستقبل الذى يتطلع إليه الشعب المصري، والذى يعرف أن السيسى وليس أى مرشح آخر ممن ترددت أسماؤهم فى بداية الانتخابات، هو القادر على أن يحققه، وهنا تتخطى المسألة إطار الأمانى إلى المؤشرات الفعلية التى تأتى من الدوائر الاقتصادية العالمية، ومن المؤسسات الأجنبية العاملة داخل البلاد، سواء فى مجال التنقيب عن الغاز والبترول، أو فى مجال المشروعات الإنتاجية الكبري، أو فى مناطق التجارة الحرة التى يجرى فيها العمل الآن على قدم وساق. صحيح أن معظم هذه المشروعات الكبرى لم يؤت ثماره بعد، لكن الشعب يتابعها عن كثب، وقد رأى بشاير انتاجها كالشجرة التى زرعت حديثا فكان أول طرح لها إرهاصا لما ستأتى به مواسم الحصاد التالية. إن قصة الانتخابات الرئاسية لا تكتسب معناها من أى مرجعيات أجنبية، لأنها قصة مصرية ينطلق معناها من الواقع الذى تعيشه البلاد ومن خضم الظروف التى تمر بها.

نقلاً عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الرئاسية قصة مصرية الانتخابات الرئاسية قصة مصرية



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon