توقيت القاهرة المحلي 19:54:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يعنى انسحاب خالد على؟

  مصر اليوم -

ماذا يعنى انسحاب خالد على

معتز بالله عبدالفتاح

طبيعة تكوينى الشخصى تنفر من المبالغات، وهذا عبء ثقيل فى مجتمع يغلب على الكثيرين منه ألا يستمعوا إلا لصانعى الضوضاء المفضية للأضواء. أحترم قرار كل صاحب قرار فى المشاركة فى الانتخابات أو عدم المشاركة بالترشح أو التصويت. هذا قرار فردى لا بد أن يحظى بقبول جماعى، لذا فإن الهجوم على الأستاذ خالد على، لأنه قرر ألا يشارك فى ما اعتبرها «مسرحية»، يعنى أمراً من اثنين: إما الهجوم عليه باعتباره أحد رموز ثورة 25 يناير، أو لأنه يشكك فى العملية الانتخابية القادمة باعتبارها حفلاً جماعياً لتتويج المشير السيسى برئاسة الجمهورية. وسواء كان هذا أو ذاك، فالحقيقة أننا فى مأزق صعب سأسميه: «مأزق السلطة الكاملة والشرعية المنقوصة»، وفى الأمر تفصيل، ولتوضيح الفكرة أكثر، فإن إسرائيل تحتل الأراضى العربية وتمارس عليها سلطة شبه كاملة، ولكنها لا تحظى بقبول كل الدول المحيطة بها والكثير من دول العالم. ولو كان العرب أذكى قليلاً لكانوا حوّلوا حياة إسرائيل إلى جحيم عبر آليات المقاومة السلمية والحملات الإعلامية الدولية وكشف الوجه القبيح للعدو الإسرائيلى. لكن كما هو موضح بالشكل، ربنا رزقنا بقيادات حمقاء ساعدت إسرائيل على تسويق قضيتها وكأن العرب هم الإرهابيون، والإسرائيليين هم الضحايا. وحتى إن لم يقتنع بهذا أغلب دول العالم عدداً، لكن اقتنع به أهم دول العالم قوة. إسرائيل لديها السلطة بحكم القوة، ولكنها لا تحظى بالشرعية؛ وكأنها رجل يغتصب امرأة دون رضاها: يسيطر على الجسد قهراً، ولكنه لن يحظى بالحب تطوعاً. علاقة السلطة والشرعية داخل الدولة فيها شىء من هذا. يمكن أن تكون معك السلطة بقدرتك على البطش وتزوير الانتخابات والتنكيل بالخصوم واغتيالهم معنوياً، ولكن لا يمكن أن تكون معك الشرعية بقرار منك. هذا هو مضمون أن يخرج المنافس فى الانتخابات ليعلن أنه يتقبل الهزيمة، وأن منافسه الفائز بالأغلبية هو رئيسه ورئيس كل البلد، وأنه يتطلع للعمل معه من أجل مستقبل أفضل. هذه ليست مثاليات حيث تكون هناك ديمقراطية حقيقية، هذه مثاليات عندنا، لأن مصر اللى «أم الدنيا» ليست «زى الدنيا». رئيس وزراء الهند الحالى، مانموهان سنج، حين تسلم السلطة قال فى خطاب تسلمه للسلطة: «أشكر كل من أيدوا حزب المؤتمر الهندى حتى حصلنا على الأغلبية. الآن فلننسَ جميعاً من أى حزب جئنا، ولنتذكر لأى مصير نذهب»، ورد عليه تحالف الأحزاب المنافسة والخاسرة فى الانتخابات: «سنتعاون معاً من أجل مستقبل أفضل. هذا واجبنا سواء كنا فى الحكم أم المعارضة»، هنا حصل مانموهان سنج وحزب المؤتمر الهندى على «السلطة الشرعية» أى السلطة والشرعية معاً، يعنى الحق فى اتخاذ قرارات بشأن من يحصل على ماذا متى وكيف ولماذا، برضا (أو على الأقل قبول) الجميع بأنه صاحب الحق فى هذا طالما احترم الدستور والقانون وطالما وفّى بوعوده والتزاماته التى قطعها على نفسه أثناء فترة الدعاية الانتخابية. وما معنى كل هذا بالنسبة لمصر؟ انسحاب خالد على وغيره من المنسحبين، بالذات المدنيين، قد يعطى رسالة سلبية مضمونها: «اذهب يا سيسى أنت وأنصارك فقاتلوا، إنا ها هنا مقاطعون». المعضلة أننا لا نملك ترف أن يقاتل فريق دون فريق أو أن تناضل مجموعة دون مجموعة أو أن يتربص طرف بطرف، نحن بحاجة لمعركة انتخابية حقيقية، فيها تنافس حقيقى، نُرسى فيها قواعد العمل الديمقراطى الحق: تنافساً وتعاوناً. «مبارك» فى بدايات حكمه كان يسمع للجميع، وكان حين يدعو الجميع لاجتماع كان ينزعج للغاية إذا «قاطع» حزب من الأحزاب الاجتماعات. «مبارك» ليس بالضرورة قدوة محببة للجميع، لكن المنهج الذى التزم به فى بداية حكمه سليم، وجزء من مشكلته أنه تخلى عنه حين ظن أنه أكبر من احتياجه لمنافسيه. انتخابات بلا منافسة حقيقية ستعنى سلطة مضمونة للفائز، ولكنها ستعنى شرعية أقل، ولكن كما قلت مراراً فى عهد الدكتور مرسى: الشرعية مثل الحرارة تُكتسب وتُفقد. وغياب المنافسين الجادين فى انتخابات حرة نزيهة تنافسية تعددية، ليس أفضل بداية لأى رئيس يريد برنامج عمل وطنى. السياسى بحاجة لأنصاره كى ينجح كمرشح، ولكنه بحاجة لمنافسيه كى ينجح كرئيس، لو كانوا يعلمون. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعنى انسحاب خالد على ماذا يعنى انسحاب خالد على



GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

GMT 19:33 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أزمة الضمير الرياضي

GMT 03:53 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأهرامات مقبرة «الرابرز»!!

GMT 03:51 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الشعوب «المختارة»

GMT 03:49 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

اللاجئون إلى رواندا عبر بريطانيا

GMT 03:48 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

المقاومة الشعبية والمسلحة

GMT 03:38 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:07 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 11:02 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

دور الاستثمار العقاري الخارجي في التنمية الاقتصادية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

دار "اسكادا" تعلن عن عطرها الجديد "سيلبريت ناو"

GMT 23:36 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

هدى حسين تسعى للخروج عن الموضوعات المكرّرة

GMT 18:23 2022 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ممارسة الرياضة صباحًا هي الأفضل لصحة القلب والأوعية الدموية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon