توقيت القاهرة المحلي 06:57:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دروس من أوكرانيا وفنزويلا

  مصر اليوم -

دروس من أوكرانيا وفنزويلا

معتز بالله عبد الفتاح

عدد دول العالم حوالى مائتين، تعيش حوالى ست وثلاثين دولة منها هذه الأيام حالة من «عدم الاستقرار العنيف»، استضفت فى برنامج «باختصار» من أكثر من أربعة أشهر الأستاذ أيمن الصياد الذى كان عائداً من زيارة لعدد من الدول الأوروبية وتنبأ بأن «الثورة البرتقالية فى أوكرانيا» قادمة مرة أخرى. استضفت بالأمس فى نفس البرنامج سفير فنزويلا فى القاهرة، موضحاً ما الذى يجرى فى بلاده، كلا الشخصين عالم بما يقول، وكلامهما مهم، لأن منطقتنا تشهد نفس الظاهرة، مع تفاوت مهم فى التفاصيل فى اثنتى عشرة دولة عربية أو جارة لنا بما فيها مصر: اليمن، والبحرين، والعراق، وسوريا، ولبنان، ومصر، والسودان، والصومال، وليبيا، وتونس، ولو أضفنا إليهما تركيا وجنوب السودان. أى أن ثلث دول العالم التى تعانى من «عدم استقرار عنيف» تعيش فى منطقتنا. ما الذى يمكن أن نستنتجه؟ أغنانى مقال الأستاذ أيمن الصياد أمس الأول فى «الشروق» عن الكثير من الاجتهاد الشخصى. يستنتج الصديق العزيز ما يلى: ١- إن الصندوق «وحده».. أكرر «وحده»، لم يعد ضماناً لاستقرار سياسى «يدوم» فى عصر تلك الثورات «المخملية / الملونة / الربيعية» الجديدة. فهناك جماهير متململة، وإيقاع «شبابى» سريع، وانتقال «مبتسر» لأشكال ديمقراطية غابت عنها متطلبات «العدالة الانتقالية» اللازمة لإنجاز انتقال «حقيقى» لديمقراطية حقيقية. ٢- إن آلة القمع رغم ضراوتها وقسوة تراثها «الستالينى» لم تنجح فى أن تحمى النظام أو تحول دون كسر إرادته. بل بالعكس، تقول قوانين عصر جديد إنه كلما زادت قسوة القمع، زادت ضراوة المقاومة، وفقد النظام غطاءه الشعبى، حتى وإن بدا فى البداية غير ذلك. باختصار، تقول دروس العقود الثلاثة الأخيرة «عصر الثورات الملونة» إن أمناً «غبياً» لا يدرك قوة «الصورة»، وإعلاماً «منافقاً» لا يعرف أن هذا عصر السماوات المفتوحة، وبيروقراطيين فى «مكاتبهم» لا يعرفون كيف يفكر جيل «شارع» جديد يلعبون كلهم فى النهاية الدور التقليدى للدب الذى يقتل صاحبه. ويمهدون الأرض، دون أن يدروا ربما لسقوط نظام يعتقدون أنهم يدافعون عنه. ٣- إن هواجس العودة إلى الماضى، كما جرى مع الحكومة الحالية التى استدارت إلى حليفها القديم على حساب طموحات وتوقعات لجيل «عولمى» جديد، كفيلة بإثارة شارع بات فى عصرنا هذا يحكمه جيل جديد ومعادلات جديدة. ٤- إن مفهوم «السيادة الوطنية» الذى تعارفت عليه علوم السياسة وكانت حدوده محلاً لجدل نظرى وقت إنشاء الأمم المتحدة منتصف القرن الماضى لم يعد أبداً كما كان. فأنت الآن «جزء» من عالم يحكمك «واقعياً»، دون حاجة إلى اتفاقات أو معاهدات تنتظر توقيعاً أو تصديقاً. ولمن لم يدرك بعد ما جرى للمفهوم «التقليدى» للسيادة الوطنية، أن يعيد قراءة بعض من دروس الجوار، إن فى العراق شرقاً أو ليبيا غرباً أو حتى السودان فى الجنوب. ثم عليه أن يقارن بين ردود الفعل الأفريقية على «انقلابات عسكرية» شبه يومية فى هذه الدولة أو تلك طوال النصف الثانى من القرن العشرين، وبين ما تعرضت له مصر من الكيان الأفريقى ذاته لمجرد اختلاف حول فهم ما جرى «أو يجرى» فى مصر فى الأشهر الأخيرة. 5- الدرس «الرئيسى» مما جرى فى أوكرانيا وغيرها من دول «ربيع ما بعد الاتحاد السوفيتى» أن الاكتفاء بطلاء المبنى «القديم» بألوان براقة مستعارة من الديمقراطيات الغربية، لم يكن أبدا كافيا. فقبل الطلاء لا بد من العمل الجاد على إصلاح المبنى «النظام» ذاته. وفى ذلك حديث طويل بُحت أصواتنا به. خلاصة «الدروس الأوكرانية» على مدى أعوام عشرة، أن العلاقة بين «القصر والشارع» فى عصر صياغة مجتمعات ما بعد الثورات الجديدة لم تعد أبداً كما كانت. فلم يعد «للقصر» مهابته، بعد أن ذهب بالخوف تلاحم «شبكات التواصل الاجتماعى» التى تمنح بطبيعتها إحساساً خفياً «بقوة المجموع». باختصار، مفهوم الديمقراطية ذاته يوشك أن يتغير ليقترب بديمقراطية الشارع «العنيد» من ديمقراطية الصندوق المتعارف عليها. على الأقل فى المجتمعات التى لم تستقر بعد. بغض النظر من يحكم سواء اليسار فى فنزويلا أو اليمين فى أوكرانيا، الشارع الغاضب قائم وقادم، ما لم نتحرك بسرعة لبناء مصر الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس من أوكرانيا وفنزويلا دروس من أوكرانيا وفنزويلا



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon