توقيت القاهرة المحلي 23:16:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يجتاح التمرد العالم؟

  مصر اليوم -

لماذا يجتاح التمرد العالم

معتز بالله عبدالفتاح

من بنجلاديش إلى تايلاند، من أوكرانيا إلى البوسنة، من البرازيل إلى فنزويلا. ولا ننسى منطقتنا العربية والشرق أوسطية: من العراق إلى سوريا إلى تركيا إلى لبنان إلى ليبيا إلى تونس إلى اليمن، بل إن نذر التمرد وصلت إلى دولة مثل السويد التى كانت تعتبر نموذجاً يتغنى به الكثيرون. ولا ننسى كذلك أن مصر تعرف نصيبها من الإضرابات والاعتصامات، وحديثاً متواتراً عن احتقان شعبى يأمل البعض، ويحذر آخرون، من أن يكون مقدمة هزة عنيفة تغير بنية النظام السياسى المصرى مرة أخرى. ولا ننسى أن دولة مثل أوكرانيا شهدت ثورة ديمقراطية بالفعل فى 2004، وبعد عشر سنوات تبدأ من أول وجديد، وأن دولة مثل تايلاند شهدت فى ثمانين عاماً 18 حادثة لتدخل الجيش فى الحياة السياسية لحل البرلمان أو وقف العمل بالدستور سواء بناء على مطلب شعبى أو لانقلاب من بعض قياداته على السلطة القائمة. وقد يكون من المفيد أن يلقى هذا المقال الضوء على أصل المسألة حتى نفهم كيف ولماذا تنجح بعض الاحتجاجات فى أن تتصاعد وصولاً لتهديد النظام السياسى القائم أو أن تظل مطالب فئوية لا تحمل دلالات سياسية طويلة المدى. لصامويل هانتنجتون، عالم السياسة الأمريكى الشهير، معادلة تقول إن عدم الاستقرار السياسى (وفى قمته الثورات السياسية) يساوى المطالب السياسية مقسومة على المؤسسات السياسية. وبعيداً عن التعقيدات الأكاديمية، فإن الفكرة ببساطة هى أن عدم الاستقرار السياسى يزيد كلما زادت المطالب السياسية وضعفت قدرة المؤسسات السياسية على الاستجابة الفاعلة لها. إذن، نحن أمام مصطلحين أساسيين: المطالب السياسية والمؤسسات السياسية. أما المطالب السياسية فهى ليست بعيدة عن مفهوم الطلب على السلع والخدمات فى الاقتصاد. مطالب المجتمع من الدولة تشمل فى حدودها الدنيا المطالب الفئوية والخدمية المحدودة والتى تصنف على أنها «سياسة دنيا» (low politics) لأنها تهدف لتحقيق مطالب محدودة جغرافياً أو مهنياً ولا ترتقى إلى مطالب السياسة العليا (high politics) والتى تستهدف تغيير القواعد السياسية الحاكمة للمجتمع أو تغيير مؤسسات الدولة وإسقاط الحكومة أو نظام الحكم. وعليه، كلما ارتفعت المطالب سواء الفئوية أو السياسية على نحو لا يمكن لمؤسسات الدولة أن تستوعبها أو تردعها فإن عدم الاستقرار السياسى يتزايد بما قد يفضى إلى الثورة والانفجار. ولكن ما المقصود بالمؤسسات السياسية؟ هذه المؤسسات تنقسم إلى ثلاثة أنواع أساسية: فهناك المؤسسات الخدمية مثل المدارس والمستشفيات والمحاكم والجمعيات الاستهلاكية وغيرها، والملاحظ أنها تزداد ترهلاً فى مصر فى مواجهة موجات متزايدة من المطالب نتيجة زيادة عدد السكان. وهناك ثانياً المؤسسات التمثيلية التى تقوم بمهام التعبير عن مطالب المواطنين والرقابة على أعمال الحكومة وتداول السلطة على نحو يفضى إلى التغيير فى القواعد الحاكمة لـ «من يحصل على ماذا متى وأين وكيف» وللأسف فالأحزاب وغياب البرلمان وغياب المجالس المحلية يعنى خللاً لا يقل فى خطورته عن الخلل فى المؤسسات الخدمية. وهناك ثالثاً المؤسسات الأمنية وعلى رأسها الشرطة ومعها الجهاز القضائى ومعاونة وحدات من الجيش لهم. وهى كلها جهات تعانى الكثير وأمامها من التحديات الكثير. إذن هناك علاقة طردية (أى زيادة متوازية) بين زيادة المطالب السياسية وعدم الاستقرار السياسى إذا لم تنجح مؤسسات الدولة المختلفة فى استيعابها إما بتلبيتها (المؤسسات الخدمية)، أو التعبير عنها (المؤسسات التمثيلية) أو بقمعها (المؤسسات الأمنية). وما يبدو واضحاً أن هناك نزعة متزايدة عالمياً نحو المزيد من الاعتصامات والإضرابات، وسيزيد الأمر تعقيداً فى المجتمعات المنقسمة عرقياً ودينياً وأيديولوجياً لأن المطالب لن تكون مؤسسية وإنما تكون عادة انفصالية. هذه الفترة فى تاريخ العالم أقرب ما تكون إلى مقدمة لسلسلة أحداث كبيرة مقبلة ليس على مستوى الوطن فقط، ولكن على مستوى العالم أيضاً. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يجتاح التمرد العالم لماذا يجتاح التمرد العالم



GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 22:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

روشتة لمواجهة الحر!

GMT 22:45 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

فقال لا أعرف

GMT 22:42 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حيرة لجنة التحكيم في (مالمو)

GMT 22:38 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أي ثقافة تتحكم؟

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon