توقيت القاهرة المحلي 01:30:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء

  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء

معتز بالله عبد الفتاح

فى حدود ما شاهدته خلال اليوم الأول من الاستفتاء أستطيع أن أقول إن المواطنين الذين شاركوا فى الاستفتاء أرسلوا ثلاث رسائل مهمة. الرسالة الأولى للإخوان بأنها «شهادة وفاة رسمية لكم حكما وتنظيما» وكأنهم يقولون لهم «إنكم اخترتم أن تكونوا خارج المستقبل، وبعد أن كنتم أكبر الرابحين من التخلص من نظام مبارك أصبحتم أكبر الخاسرين». هناك درس من دروس التاريخ يقول إن التقدم إلى الإمام لا يكون إلا بالتخلص ممن يريدون أن يجرّوا مجتمعاتهم إلى الخلف. وهنا كلمة «التخلص من» تأخذ أشكالا متعددة منها الاستبعاد ومنها الاستئصال ومنها الدخول فى صفقات تاريخية. ولنأخذ عدة أمثلة توضح التعميم السابق. ما كان للولايات المتحدة أن تستمر وتتقدم إلا بعد انتصار ولايات الشمال على الجنوب والتخلص بصفة نهائية من دعاة الانفصال. وكان من نتائج ذلك حرب أهلية استمرت خمس سنوات وكان من ضحاياها 650 ألف أمريكى بين قتيل وجريح بما يعنى أن من كل خمسة أمريكيين كان هناك شخص واحد على الأقل من بين الضحايا. وما كان لكمبوديا أن تتقدم إلا بعد التخلص من بول بوت والخمير الحمر بما صنعوه من ديكتاتورية تحت شعارات اشتراكية. وكان ضحايا هذه المعركة أكثر من نصف مليون إنسان. وما كان لليابان أن تصبح قوى اقتصادية عظمى إلا بعد انتصار «الميجى» على القوى التقليدية التى كان يرمز لها بـ«الساموراى». اختار الميجى الحداثة واستيراد التكنولوجيا والأساليب الإدارية والأسلحة وتخطيط الجيش وبناء الأسطول وفقا لما أخذت به الدول الغربية تاركا بهذا تقاليد الساموراى التى تعتمد على السيف والرمح والخيل والعمل اليدوى التقليدى. وكان صراع التحديث مع التقليد دمويا فى بعض فصوله أيضاً. ما كان لجنوب أفريقيا أن تتقدم إلى الأمام إلا بإقصاء المتشددين من البيض والسود الذين كانوا يرفضون فكرة العيش المشترك ويطالبون بدولة يتم فيها التخلص من غير المنتمين لنفس لون بشرتهم. كان صراعا طويلا ومريرا لمدة أربع سنوات عجاف مات فيها من السود والبيض أكثر ممن ماتوا فى السنوات الثلاثين السابقة. ورغما عن أن الفطرة الإنسانية السليمة لا ترضى أبدا إراقة الدماء، لكن هناك من يختار أن يكون على الجانب الخاطئ من المعركة ويتحدى إرادة بنى وطنه. الرسالة الثانية هى للخارج سواء فى الولايات المتحدة أو تركيا أو قطر، وهى رسالة واضحة: لا للوصاية على مصر والمصريين. المصريون يوم أن أعطوا الفرصة للدكتور مرسى لم يكن حبا فيه، وإنما اعتقادا منهم أنه سينفذ ما وعد به، ولما رأوا أن رئيسهم عمل «انقلاب رئاسى» على وعوده كان قرارهم «بالحجر السياسى» عليه، ولما رفع أنصاره شعارات التهديد للمصريين بأنهم سيشعلونها نارا كان قرارهم «بالبتر السياسى» لهم ولجماعتهم. ولن يحكم أحد مصر لمجرد أن قطر أو تركيا أو أمريكا راضية عنه، المهم أن يرضى عنه الشعب المصرى. الرسالة الثالثة هى أن مصر بصدد «عقد اجتماعى وسياسى» جديد أتمنى أن يكون مختلفا عن السابق عليه: عقد لا يقوم على «الولاء الشخصى المطلق» وإنما يقوم على «الولاء الوظيفى المشروط». وكى تتضح الفكرة أكثر: لا ينبغى أن تكون علاقتنا بمن يحكمنا أو يمثلنا فى البرلمان قائمة على علاقات الطاعة العمياء فى المكره والمنشط، وإنما تكون قائمة على أداء صاحب المنصب لوظيفته بالكفاءة الواجبة. والتشبيه الأوضح هو تعاملنا مع مدرب المنتخب القومى الذى كنا نتمنى له النجاح كى نصل إلى كأس العالم. وعدم نجاحه فى تحقيق هذا الهدف لا يجعلنا نتمسك به إلا إذا وجدنا بالأسباب الموضوعية والعقلانية أن استمراره فى منصبه أولى من مغادرته له. هنا القضية ليست حبا ولا كراهية، ولا عصيانا ولا ولاء، وإنما هى الكفاءة وفقا لمعيار أن الأفضل يتقدم. وهذا الكلام مهم أيضاً لأنصار الفريق السيسى الذين يرون فيه بطلا شعبيا. لذا أسأل: ماذا لو أن الفريق السيسى رشح نفسه، وهذا أمر شبه محسوم الآن، وماذا لو أنه، لا قدر الله، اتخذ قرارات بدا لنا جليا ويقينا أنها مضرة بمصر؟ ماذا سيفعلون؟ هل حبهم للشخص يجعلهم يضحون بالبلد؟ إذن لماذا يلومون على أنصار مرسى؟ أرجو أن نتعلم من دروس الحاضر والماضى القريب. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الاستفتاء رسائل الاستفتاء



GMT 21:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي.. آلة الزيف الانتخابي

GMT 21:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فلسطين بين دماء الشهداء وأنصار السلام

GMT 21:06 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الشكلانية والتثعبن

GMT 19:52 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في حب العمدة صلاح السعدني

GMT 19:50 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

‎فيتو أمريكى ضد الدولة الفلسطينية.. لا جديد

GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon