توقيت القاهرة المحلي 17:06:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كى يكون الدستور أفضل

  مصر اليوم -

كى يكون الدستور أفضل

معتز بالله عبد الفتاح

حين أتحدث مع بعض الأصدقاء من أعضاء لجنة تعديل الدستور تكون لديهم بعض الأسئلة عن صياغة بعض المواد فى دستور 2012، وحين يستمعون للجدل الذى كان دائراً آنذاك ينتهون إلى القول: «ما نفس الجدل ده موجود الآن». هناك من يريد للدستور أن ينص على حقوق وحريات كثيرة جداً، ولكن هل ستستطيع الدولة الوفاء بها؟ وهل سيتقبلها المجتمع؟ أم ستظل حبراً على ورق يستخف بها المستخفون. الدساتير بطبيعتها تتضمن الكثير من الحقوق للمواطنين بعضها يصنف على أنه حقوق سلبية أى التزامات تقيد الدولة لأنها لا تستطيع الإخلال بها فى حق مواطنيها مثل الحق فى التعبير والحق فى اختيار العقيدة والحق فى التجمع وحرية الصحافة وحرية التنقل وحق الملكية الخاصة، وعادة هذه هى فئة القوانين المسماة بالحقوق المدنية والسياسية. وهناك كذلك حقوق إيجابية وهى التى تنص الدساتير على توفيرها للمواطنين. فإذا كان جوهر «الحق السلبى» هو الامتناع عن انتهاكه، فإن جوهر «الحق الإيجابى» هو الالتزام بالوفاء به. وعادة هذه هى فئة الحقوق المسماة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية مثل الحق فى العمل والتعليم والصحة والتأمينات الاجتماعية والبيئة النظيفة. وطبعاً هذه الحقوق إما ترد مطلقة أو مقيدة فى الدستور ذاته؛ فمثلاً دستور الاستقلال فى جمهورية التشيك (1992) ينص على جواز تقييد حرية التصرف فى الملكية الخاصة «لمنع الإضرار بصحة الإنسان وبالطبيعة والبيئة»، والدستور الروسى (1993) ينص على واجب ممارسة حقوق الملكية بما لا يضر بالبيئة وبحقوق الآخرين. وينص الدستور الكرواتى (1991) على حرية التعبير إلا فيما «يدعو إلى الحرب أو العنف أو الكراهية على أساس الجنسية أو الجنس أو الدين أو نوع من عدم التسامح المحظور». وتتجه معظم الدساتير الحديثة لأن تكون أكثر إسهاباً وتفصيلاً فى الحقوق والحريات مما كان عليه الأمر فى الدساتير الكلاسيكية وتورد القيود عليها فى متن الدستور أو توضع قيود على المشرع فيما يتعلق بقدرته على تقييد الحقوق المنصوص عليها دستورياً. فمثلا دستور كولومبيا (1991) يتضمن 23 حقاً إيجابياً و53 حقاً سلبياً بتفصيلات واضحة، وكان دستور تشيلى (1980) هو الأقرب إلى صيغة دستور 1971 فى مصر حيث هناك 42 حقاً سلبياً، و7 حقوق إيجابية ولكن متروكة تفصيلاتها للمشرع كى ينظمها بما لا يتناقض مع أو ينال من الحق الأصلى كما هو موجود فى الدستور. دستور 2012 كان يتضمن كلاماً مباشراً عن التزامات الدولة فيما يتعلق بحماية البيئة، وبحقوق المصريين المقيمين فى الخارج، وحماية الآثار، ودور المجتمع المدنى، وحقوق الأطفال والوالدين، لا سيما أمام ظاهرة الإنجاب المبالغ فيها بدون تربية أو تعليم كافيين، وكذلك إنشاء عدد من الهيئات المستقلة لمساعدة البرلمان والرأى العام فى مواجهة أى فساد أو تقصير محتمل من الحكومة. ورغماً عن أن مواد كثيرة كانت تتضمن حقوقاً مطلقة، لكن البرلمان كان يضيف على هذه الحقوق قيوداً لم تكن موجودة فى الدستور. والمثال الشهير هو قانون الجمعيات الأهلية، الذى كان يناقشه مجلس الشورى قبل حله بعد 3 يوليو. ورغماً عن أن النص صريح على إنشاء الجمعيات الأهلية بالإخطار، انتهى الأمر بقيود أخرى، لا سيما على التمويل والأنشطة، فذهبت قيمة وأهمية أصل الحق بما يجعل البرلمان يحول الحقوق المطلقة فى الدستور إلى مجرد «رخصة» مشروطة بقرار من الرئيس أو مجلس الشعب على اعتبار أنهما كانا مسئولين عن صياغة القوانين التى «تنظم» الحقوق. إذن أقترح أن يتضمن الدستور نصاً جامعاً يتضمن معايير محددة يلتزم بها المشرع عند تنظيمه لأى حق من الحقوق حتى لا يتحول الحق إلى مجرد «رخصة مشروطة» إلا إذا كان هذا مقصوداً أصلاً بأن يبدو الدستور ملحمة إنشائية بليغة وتكون العمليتان التشريعية والإدارية هى المسيطرة على كل شىء. وهذا ما لا أتمناه. بس خلاص.. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى يكون الدستور أفضل كى يكون الدستور أفضل



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon