توقيت القاهرة المحلي 13:53:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استئصال الإخوان

  مصر اليوم -

استئصال الإخوان

معتز بالله عبد الفتاح

كتبت فى مارس 2009 مقالاً يحدد بدائل الدولة المصرية فى علاقاتها بالإخوان، ثم كتبت فى يناير 2010 عن بدائل الإخوان فى التعامل مع الدولة المصرية. ومع الاتجاه الذى تتحرك فيه الدولة المصرية على المستوى الرسمى ويتحرك فيه المجتمع على المستوى الشعبى، وتتحرك فيه قيادات الإخوان، يبدو أن دائرة البدائل تضيق لنصبح أمام بديل واحد، ما لم تحدث مفاجأة غير متوقعة تجعل أحد هؤلاء يغيرون استراتيجيتهم. وأبدأ بالبدائل التى تصورتها للإخوان: أولاً، جماعة دينية معارضة تعمل تحت الأرض تسير على نمط مع مدرسة الخروج على الحاكم والثورة عليه، ويستقيم سياسياً مع الصورة التى يروج لها الأمن المصرى والمثقفون المتشككون فى التيار الإسلامى بصفة عامة والإخوان تحديداً. ثانياً، جماعة دعوية خيرية غير مُسيّسة وهو ما يستقيم فقهياً مع مدرسة الصبر على الحاكم الظالم إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، تنصرف جهودها إلى التربية والتعليم (مدرسة محمد عبده). ثالثاً، الإخوان كجماعة ضغط معارضة دائمة. هناك جماعات الضغط التى لا تسعى إلى الوصول إلى السلطة ولكنها تسعى للتأثير فى قراراتها. وقد شبّه الأستاذ جمال البنا هذا الدور بنقابات العمال التى تدافع عن حقوق العمال دون أن تقوم هى بإدارة شئونهم. رابعاً، جماعة متحجرة تذبل وتتراجع على نمط الإسلاميين فى ماليزيا وإندونيسيا. ففى هاتين الدولتين لا يحصل الإسلاميون على عدد كبير من الأصوات فى الانتخابات وكأنه لا يبدو أن هناك مبرراً قوياً لوجود أحزاب إسلامية قوية؛ فماكينة الدولة تعمل وطائرة المجتمع تحلق، فلماذا نصلح ماكينة تعمل بكفاءة عالية ونغير طاقم طائرة ناجحاً؟ خامساً، الإخوان كحزب مدنى محافظ: وكونه محافظاً يعنى التخلى عن فكرة أن يكون حزباً «مدنياً ذا مرجعية إسلامية»؛ لأن كل الأحزاب لا بد أن تحترم جميع الأديان وعلى رأسها الإسلام والذى لا ينبغى أن تتناقض القوانين واللوائح مع قطعى الدلالة والثبوت من نواته الصلبة. والإخوان، إن فعلوا، سيسيرون على نمط حزب العدالة والتنمية فى تركيا. بيد أنه لا ديمقراطية بلا ديمقراطيين، ولا تجديد بلا مجددين. أما البدائل المتاحة للدولة المصرية فكانت: أولاً، البديل الأردنى المغربى «الاستيعاب القانونى والتحييد السياسى»: أى بديل الاستيعاب القانونى مع سقف سياسى منخفض. فيسمح للإسلاميين بأن يظهروا على الساحة رسمياً وقانونياً مع خطوط حمراء واضحة جعلت بعض الدارسين تصفها بأحزاب وقوى إدارية وليست سياسية. ثانياً، البديل الناصرى «بديل الاستبعاد مع الاستبداد»، ويقوم هذا البديل أساساً على الاستبعاد القانونى والاستئصال السياسى مع وجود مساحة ضيقة جداً، إن وُجدت، للتنافس السياسى بين قوى المعارضة المدنية. ثالثاً، البديل المصرى فى عهد «مبارك» «التحجيم دون الاستئصال». رابعاً البديل الألمانى «الاستبعاد الديمقراطى» حيث ينص البديل الألمانى، الذى جسّده دستور 1949 فى ألمانيا الغربية صراحة، على استبعاد المتطرفين فى أقصى اليمين، وهم النازيون، والمتطرفين فى أقصى اليسار، وهم الشيوعيون، من الحياة السياسية، وتكون الانتخابات، ومن ثم مراكز صُنع القرار والتشريع والرأى، مفتوحة لقوى يمين الوسط ويسار الوسط ومن فى حكمهما. وكانت صعوبة هذا البديل بأنه يصعب صعوبة نقله إلى تجارب أخرى ما لم تُقدم قوى التطرف على جريمة تصل إلى حد الكارثة الوطنية يمكن معها قبول فكرة استبعادها أو أن تكون هذه القوى المتطرفة من الضعف، بحيث لا يترتب على استبعادها القانونى ما يُحدث خللاً جسيماً فى الجسد السياسى. وأعتقد أن هذا ما تتحرك فيه الجماعة بسعيها لتعطيل البلاد واستنزاف الدولة وعدم قبول مرحلة الطريق الجديدة. خامساً، البديل التركى «الاستيعاب الديمقراطى»، يختلف هذا البديل فى بنيته المؤسسية عن البديل الألمانى، من حيث أنه يستوعب جميع القوى التى تقبل نظرياً بقواعد الدولة المدنية والديمقراطية، ولا يسمح بتدخّل الدين فى الصراع السياسى والحزبى أو ادعاء طرف أنه يتحدث بوحى من الشرع أو الشريعة. ما يبدو لى حالياً أن الجماعة ترتكب من الأخطاء التى ستجعلها تتحول فى النهاية إلى البديل الأول وهو جماعة دينية معارضة تعمل تحت الأرض وهو ما يتناسب مع توجه الدولة الحالى لتبنى البديل الرابع تحت عنوان: البديل الألمانى «الاستبعاد الديمقراطى» أى استبعاد الإخوان تحت شعار: «لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية». ولكن ما دلالة ذلك؟ نكمل غداً. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استئصال الإخوان استئصال الإخوان



GMT 05:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 05:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

تذبذب أسعار النفط مع استمرار حروب الشرق الأوسط

GMT 05:14 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

مصر في وسط العاصفة الإقليمية!

GMT 05:12 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

«داعش» في موزمبيق: ضمير غائب في أفريقيا؟!

GMT 05:08 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دراما عظيمة... لكن من يتجرّأ؟

GMT 05:06 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

الهرم والمهووسون بالشهرة!

GMT 05:02 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ما بعد الرد الإيراني

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دبة النملة

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 12:05 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«تلايا الليل» تضيء مسرح المجمع الثقافي

GMT 09:21 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

طريقة إعداد وتحضيركيك الأكلير بالشوكولاتة

GMT 12:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إيمري يرفض التفريط في هدف سان جيرمان

GMT 10:35 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

ديكورات مطابخ عصرية باستخدام الخشب مع اللون الأسود

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تدرس استخدام "الثلج الناري" لحلّ أزمة الطاقة

GMT 16:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يؤكّد أن إجراءات التحقيق مع "تشيلسي" مازالت مُستمرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon