توقيت القاهرة المحلي 13:45:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذهبنا حين تمذهبنا

  مصر اليوم -

ذهبنا حين تمذهبنا

معتز بالله عبد الفتاح

«هو إحنا هنعيش مع بعض تانى إزاى بعد ما الخناقة السياسية دى تخلص، ولا دى مش هتخلص وإحنا اللى هنخلص، ولا هو فيه إيه بالضبط؟» قال صديقى محمد الميكانيكى وكأنه يكلم نفسه. «ذهبنا حين تمذهبنا» قلت وكأننى أكلم نفسى. «يعنى إيه دى؟» سألنى، فقلت: «وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ»! «يا حاج معتز، إنت اتجننت ولا إيه؟» سألنى صديقى محمد الميكانيكى. فقلت بصوت منخفض لم يتبينه: «الصم البكم الذين لا يعلقون». «إيه، بتقول إيه؟» سألنى صديقى، فقلت: «وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ». قال صديقى الميكانيكى: «إنت بتسمّع قرآن؟ طيب علّى صوتك علشان نأخذ الثواب؟». هنا انتبهت لصديقى، وقلت: تعرف يا محمد، هناك معادلات قرآنية مثل المعادلات الرياضية والمعادلات الكيميائية، لكنها تحتاج درجة عالية من التأمل، مثلاً اسمع لهذه الآيات وركب معانيها مع بعض: «ولاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ» + «فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» + «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ» = «وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ». «يعنى إيه؟» سألنى صديقى، قلت له: يعنى حين نتنازع ونفشل وتذهب قوتنا ولا نصبر على أذى بعضنا البعض ونضيف إليها الكبر الذى داخلنا والذى يجعلنا حتى حين البأس الشديد بنا لا نتضرع إلى ربنا عسى أن يرفع عنا ونضيف إليها أننا من شر الدواب الذين لا يعقلون والذين لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم وعلمهم، ولكن بما أنهم على هذه الدرجة من الشر، فهم معرضون، إذن منطقى جداً أن تكون النتيجة أن الله يمزقنا كل ممزق لأننا لا نستحق النعمة التى أعطاها لنا، وفى هذه آيات لمن يملك الصبر على المصيبة ويملك الشكر على نعمة المعرفة بما سبق، نحن ممزقون يا محمد لأننا لا نستحق الوحدة، نحن نمارس الحرية بأقصى درجات الاستعباد لغيرنا، نحن نطالب بالديمقراطية بأقصى أساليب الاستبداد، نحن نطالب بالكرامة بأبشع أساليب الإهانة للآخرين، نحن نطالب بما لا نمارس، ونلوم الآخرين لأنهم لا يملكون صفات هى أصلاً ليست فينا، ولأننا على هذه الأخلاق الفظة، فقد ذهبنا أى ضعنا، حين تمذهبنا أى حين اخترنا مذاهب للخلاف، ونحن لا نعرف آداب الخلاف. نحن منافقون يا صديقى المسألة ليست سياسة وأحزاباً ورئاسة وجبهة إنقاذ وكل هذه الفقاقيع السياسية، السياسة هى الدور الخامس فى بناية طويلة تبدأ من الأساسات الأخلاقية، ثم المهارات الفكرية، ثم الآداب العامة، ثم صالح الوطن، ثم يأتى الانتقال إلى التنافس السياسى، وليست السياسة قبل الأخلاق والمهارات والآداب وصالح الوطن، لذلك على التنافس السياسى كشف غياب كل الأساس المفروض أن ينبنى عليه، ولهذا إحنا انكشفنا لما بدأنا نمارس السياسة بعد أن كنا معزولين عنها على عهد مبارك يا صديقى، الأساس بايظ يا محمد. «آه صح، الشاسية ملووح والموتور مفوت والأساسيات خربانة، بس هنعمل إيه؟» قال صديقى الميكانيكى. قلت له: عايزين نرجع إنسانية الإنسان المصرى، هل ممكن نعمل حملة نطلب فيها من كل واحد فى فصيل سياسى يتصل بشخص آخر من فصيل آخر على خلاف معه، ويقول له: «إحنا مختلفين بس إحنا لسه مصريين، وهييجى اليوم اللى هنقدر فيه نتغلب على خلافاتنا وتفضل مصريتنا أقوى من خلافتنا»، هل ممكن أى واحد باعدت السياسة بينه وبين صديق له يرسل له رسالة ويقول له: «إحنا لسه أصحاب رغماً عن كل الخلافات وغمة وهتزول؟» هل ممكن كل واحد مختلف بشدة مع صديق له يرسل له رسالة ويقول له: «أنا مختلف معك بشدة، لكن لسه عايزك تكون فى قائمة أصدقائى؟» تفتكر ممكن يا محمد؟ قال لى: «بعد المعادلة القرآنية التى قلتها، غالباً مش هينفع؟» فكرت قليلاً ثم قلت له: «هذا بالفعل اختبار صعب، لكن من الممكن أن يكون بيننا من تنطبق عليه الآية الكريمة: «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»! قال صديقى: «يمكن!». كل عيد وأنتم بخير، مقال من يناير الماضى، سيظل صالحاً لفترة مقبلة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذهبنا حين تمذهبنا ذهبنا حين تمذهبنا



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon