توقيت القاهرة المحلي 03:58:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر وحروب الجيل الرابع

  مصر اليوم -

مصر وحروب الجيل الرابع

مصر اليوم

لماذا تُهزم دول قوية فى معارك مع عدو ضعيف؟ كان سؤالاً طرحه أندرو مارك فى مقالة شهيرة فى عام 1975 وكان يتحدث بشكل مباشر عن سبب هزيمة الولايات المتحدة فى حربها فى فيتنام، وضرب أمثلة متعددة من تاريخ صراعات كبرى تنتهى بانتصار الأضعف مادياً وتسليحاً. وترك سؤالاً للاستراتيجيين وهو كيف تنجح الولايات المتحدة فى علاج هذه المعضلة لأنها دائماً ما ستكون الأقوى عسكرياً واقتصادياً وقد تنتهى إلى الهزيمة. هناك عوامل متعددة ذكرها أندرو مارك وكانت الأساس لما اصطلح على تسميته «بالحروب غير النمطية»، التى لا يكون الحسم فيها لمن يملك قوة نيرانية أكبر. وإنما يكون الحسم فيها لمن هو على استعداد لمزيد من المعاناة أو تحمل تكاليف أعلى، وعادة ما يكون الأضعف أكثر استعداداً لتحمل الخسائر فى الأرواح، من الأقوى الذى عادة ما يكون أكثر انفتاحاً وديمقراطية بما يجعل خسائره البشرية والمادية أداة ضغط عليه فى الداخل. كما أن الأَضعف عادة ما تكون له ارتباطات قوية بجهات أجنبية تكون صاحبة مصلحة فى استمرار الصراع، كما أن العقيدة القتالية فى كثير من المعارك تكون محدداً مهماً لثبات الأَضعف. كيف تتصرف القوى الكبرى والحال كذلك؟ كيف تردع قوة أضعف منها لا تخشى الهزيمة ولديها ميول انتحارية؟ كيف تنقذ ابنك من مخالب ثعلب جائع غير مكترث بتحذيرك له؟ وكانت الإجابة هى أن نجعل العدو فى حالة اقتتال داخلى وإضعاف ذاتى وانقسام مجتمعى، بحيث لا يستطيع أن يفكر فى الدخول فى معارك خارجية ولو فكر فسيجد الدعم الداخلى ضعيفاً ولا يفيد. ورد فى تصريحات المتحدث العسكرى بالأمس العقيد أحمد محمد على إشارة لهذا المعنى، وكأنه يحذر من أن مصر تواجه من يعبث بالأمن القومى المصرى، ويستغل الظروف السياسية ليجعل مصير الجيش المصرى هو نفس مصير جيوش أخرى فى المنطقة خرجت من معادلة القوة الشاملة العربية لأسباب مختلفة: مثل الاحتلال الأجنبى مثل الحالة العراقية، أو الانقسام الداخلى والاحتراب الأهلى مثل الصومال والسودان وسوريا، وهو ما كانت ليبيا مرشحة له. التدخل العسكرى الأخير الذى جاء بعد تحذيرات ومحاولات متعددة من القيادة العسكرية لتحقيق توافق وطنى تجاهلته القيادة السياسية السابقة كان فى جزء منه تعبيراً عن مخاوف انزلاق مصر لحالة من الشلل الشامل والانقسام المجتمعى لاسيما بعد نزول ملايين الناس إلى شوارع مصر. ومع ذلك ظلت القيادة السياسية غير مدركة للمخاطر التى تحيط بها، والأهم المحيطة بمصر. وتزيد الأمور سوءاً بعد رفض قيادات الإخوان المسلمين تعلم الدرس الذى تلقته، وهو أنها أهدرت فرصة كبيرة كى تثبت للمصريين جدارتها بتصدر المشهد. وكما قلت منذ شهور إن قيادات جماعة الإخوان يلعبون بالنار وهم ليسوا ماهرين وسيدخلون البلاد فى نار قد لا ينجو منها أحد. ومع ذلك استمر المحسوبون على الجماعة فى التهديد والوعيد بإشارات تقول للمصريين: إما أن تقبلوا الأمر الواقع، أو ستدخلون فى عنف لن يتوقف. وهى عبارات شديدة الخطورة، وبدلاً من أن تكون سبباً فى تراجع المصريين أو تخوفهم تحولت إلى مشاعر غضب أكبر؛ لأنهم ظنوا أنهم أخطأوا حين وثقوا فى ناس تهددهم فى حياتهم واستقرارهم، وهو ما لا يليق إلا بأشخاص يرون فى أنفسهم مسافة كبيرة تجعلهم كياناً متمايزاً ومتميزاً ومتنازعاً مع بقية المجتمع. وبادلهم بقية المجتمع شعوراً بشعور. وتستمر التصريحات غير المتزنة بالربط بين عودة الدكتور مرسى إلى سدة الحكم وهدوء الأوضاع فى سيناء والدعوة للتدخل الدولى وتهديد الفريق عبدالفتاح السيسى بأنه «خلق طالبان فى مصر»، بما يعنى أن هذه القيادات ترى فى نفسها أنها خنجر فى ظهر المجتمع، إما أن يستجيب لمطالبها أو أن يواجه عنفاً داخلياً وتدخلاً أجنبياً. وهو بالضبط ما تتضمنه حروب الجيل الرابع من مكونات. مصر ليست ساحة مستباحة وهذه التصريحات تنقل أصحابها ومن يؤيدها من خانة «المنافسة السياسية» إلى خانة «الجريمة السياسية». أرجو أن نأخذ جميعاً فترة رمضان فرصة للتأمل فى أخطائنا نحن، وليس أخطاء الآخرين. كل رمضان وحضراتكم بخير. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وحروب الجيل الرابع مصر وحروب الجيل الرابع



GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 03:12 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حاجة العالم إلى رجل مثل أنور السادات

GMT 21:30 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 00:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عيد تحرير سيناء!

GMT 21:25 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon