توقيت القاهرة المحلي 10:36:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داحس» الإخوان و«غبراء» الإنقاذ

  مصر اليوم -

«داحس» الإخوان و«غبراء» الإنقاذ

معتز بالله عبد الفتاح

«داحس» و«الغبراء» اسما فرسين، إحداهما كانت لقيس بن زهير، من زعماء قبيلة «عبس»، والأخرى كانت لحمل بن بدر، من زعماء قبيلة «ذبيان». واتفق «قيس» و«حمل» على رهان قدره مائة من الإبل لمن يسبق من الفرسين. كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة أيام تُقطع خلالها شعب صحراوية وغابات.. وقد قرر ابن بدر أن يتحايل على السباق بأن طلب من بعض أتباعه أن يعطلوا «داحس» كى تسبقها «الغبراء».. فلما فعلوا تقدمت «الغبراء».. وحين تكشّف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين «عبس» و«ذبيان»، التى عُرفت باسم «داحس والغبراء». دامت تلك الحرب أربعين سنة، وهى الحرب التى أظهرت قدرات عنترة بن شداد القتالية والشعرية أيضا. وقبيلتا عبس وذبيان فى الأساس هما أولاد عمومة، أى أقارب، لكن من القرابة ما قتل. المهم أن أيا من العرب لم يضع تفسيرا منطقيا لمثل الحروب الكثيرة والطويلة مثل تلك الحرب ومعها: حرب البسوس وحرب الفجار وحرب بعاث؛ حيث كانت أسباب الحرب لا تتناسب على الإطلاق مع العائد المتحقق منها إلا الثأر والثأر المضاد والكلام عن الكرامة وفخر القبيلة حتى لو مات معظم الرجال. وكان تفسير ابن خلدون لهذه النزاعات القبلية بأنها «العصبية» القائمة على اتصال النسب. وهؤلاء يرون أنفسهم أنهم مجموعة من البشر يتصرفون ككتلة واحدة لا مجال للخروج عنها أو منها. وظل العرب على هذا الأمر حتى بعد الإسلام. ولا تذكر لنا كتب التاريخ ولا الأشعار كثيراً عن كيف كانت تتوقف هذه الحروب.. إنما واضح أن عملية الإنهاك المتبادل ونقص الرجال بعد أن يموت أكبر عدد ممكن منهم كانت تلعب دورها فيصل الطرفان إلى استنتاج أن الحرب لا بد أن تتوقف. يجرى الزمن لنجد نفس هذا المنطق فى مناطق كثيرة من العالم؛ حيث كانت هناك حرب حقيقية بين البروتستانت ومن يؤيدونهم والكاثوليك ومن يؤيدونهم لمدة ثلاثين عاما فى أوروبا، فى ما عُرف باسم الحروب الدينية (1618 - 1648). والتفاصيل الكثيرة لهذه الحروب تؤكد أن الصراع السياسى كان العنوان الحقيقى، وكانت القشرة الدينية هى الخطاب المعلن، لكن اكتشفوا فى النهاية أن عملية القضاء على الخصم مستحيلة وأن ما يحدث هو استنزاف متبادل لن يصل إلى شىء. ومعظم الحروب الأهلية فى العالم، مهما طالت أو قصرت، تنتهى بأن يجلس الطرفان على مائدة التفاوض لحل النزاع. الكل فى النهاية يسعى لوقف الصراع، ولكن بعد أى ثمن؟ وبأى شروط؟ هذه هى المعضلة. ما لم يظهر عند كل طرف من الطرفين من يطلق عليهم اسم «المعتدلين» (soft-liners) فى مواجهة المتشددين (hard-liners)، فإن الصراع يظل مستمراً. هؤلاء المعتدلون بحاجة لأن يتصدوا للمشهد وأن يقودوا المتشددين إلى النتيجة المنطقية الوحيدة، وهى أن المزيد من الصراع يضر بالطرفين بغض النظر عمّن يتحمل التكلفة الكبرى. «دى كلارك»، فى جنوب أفريقيا، تحوّل إلى معتدل وأسهم فى حل النزاع التاريخى والتمييز العنصرى ضد السود، لكنه كان بحاجة لـ«نيلسون مانديلا» و«دوزموند توتو» كى لا تتحول المسألة إلى مذابح يتحول فيها اضطهاد هؤلاء إلى أولئك، ويزيد الأمر سوءا. وماذا عن مصر؟ لا توجد فى مصر صراعات دموية ممتدة، لكنها كفيلة بأن تجعل مصر دولة أكثر تخلفا وأقل قابلية للتقدم.. وعلى القيادات المتنازعة ألا تحولنا إلى «داحس وغبراء» سياسية؛ لأن هذا يأتى على حساب الوطن والمواطن. عدو جبهة الإنقاذ ليس الإخوان، وعدو الإخوان ليس جبهة الإنقاذ.. عدو الطرفين هو الجهل والمرض والفقر. ومجرد عدم إدراك قيادات الطرفين لهذه المعضلة يعنى أن قوى التشدد تسيطر عليهما. وأعود وأقول: إن المسئولية الكبرى تقع على من هو فى السلطة، وهى مسئولية تاريخية ليست مرتبطة بمن هو فى السلطة الآن، لكن هى دائما مسئولية من هو فى السلطة. أرجو من الجميع أن يتمهل قليلا قبل أن يتبنى سياسات التصعيد والعناد؛ لأن الخاسر مصر. وسنذكر فى التاريخ أننا من أضعنا هذه الفرصة العظيمة لبناء دولة عظيمة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داحس» الإخوان و«غبراء» الإنقاذ «داحس» الإخوان و«غبراء» الإنقاذ



GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 04:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 04:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 04:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 04:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon