توقيت القاهرة المحلي 16:16:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عزمى بشارة.. عقلانية فى زمن الثورة

  مصر اليوم -

عزمى بشارة عقلانية فى زمن الثورة

معتز بالله عبد الفتاح

الدكتور عزمى بشارة مثقف عربى بارز يرى المشهد الثورى بعيون مختلفة عمّن غرقوا فى نهر الصراعات الحزبية والسياسية بتحيزاتها وتعقيداتها داخل كل قطر عربى. كتب بالأمس القريب عدة تغريدات تخلص بعضا من استنتاجاته بشأن عصر الثورات العربية. وجاء فيها ما يتفق مع الكثير من تحيزاتى الشخصية. وأعرب عن سعادتى أن يأتى المدد الفكرى لشخصى المتواضع من شخص بقيمة الرجل وسعة اطلاعه. ثلاثة موضوعات استوقفتنى فى تغريدات الدكتور بشارة: أولا: «توصلت لقناعة بعد سنة من الثورتين المصرية والتونسية بأن الثورة ليست بحاجة إلى مثقفين منحازين لطرف من الأطراف لكن منحازين إلى فكرة الديمقراطية». وهذه عبارة شديدة الأهمية فى مجتمع يضع الأيديولوجية فوق الديمقراطية؛ فيرى أن الأفضل أن يحكم بمستبد يتفق معه أيديولوجيا عن أن يحكم بديمقراطى (أى حاكم جاء بطريقة ديمقراطية) يختلف معه أيديولوجيا. وأعلن تأييدى التام لهذه العبارة. ثانيا: «هناك مهام على المثقف فى الساحة العربية حالياً: 1- التحذير من الخلط بين أن الثورة على الظلم فضيلة والادعاء بأن الثوار كلهم أخيار. 2- يجب أن يقوم المثقف بدوره النقدى، ليس فقط تجاه النظام، وإنما أيضا تجاه الثورة إن أخطأت فى شىء ما. انتقاد الظواهر السلبية حين تظهر فى ثورة ما لا يعنى إطلاقاً أننا تخلينا عنها. من الممكن أن ننتقد السلبيات ونبقى مع الثورة فى ذات الوقت». وهذا أيضا كلام أوافق عليه.. الثورة فى خدمة مصر، ومصر ليست فى خدمة الثورة، وهو ما ينطبق على كل الثورات العربية، بل كل الثورات فى العالم. الثورة على الظلم فضيلة، لكن هذا لا يعنى أن تكون الثورة أداة لتمكين طليعة الثوار من السلطة إلا برضا جموع الشعب وليس جموع الثائرين، رغم أن جموع الثائرين أنفسهم لن يتفقوا على من هم طليعة الثورة. وبالتالى انتقاد الثورة والثوار حين الخطأ، مع الاعتراف لهم بالدور النبيل الذى قاموا به، لا سيما تضحيات الشهداء والمصابين، ليس إلا بهدف تصحيح مسار الثورة وإعداد جيل جديد قادر على أن يحمل مسئولية الانتقال بالثورة من الميدان إلى الديوان وإلى البرلمان؛ لأن مشاكل البلدان لا تحل فقط بالأدوات الثورية وبالحركات الاحتجاجية، على أهميتها، وإنما بدخول قيم وأهداف الثورة إلى مراكز صنع القرار السياسى. ثالثا: يقول الدكتور بشارة: «ما نفتقده فى العالم العربى هو المثقف المحافظ الذى يقنعنا منطقياً بالدولة ويحملها للحفاظ على أدائها دون تمجيد مطلق. ليس لدينا كعرب مثقفين محافظين، وإذا حاول العربى أن يصبح مثقفاً محافظاً فإنه قد يتحول إلى عميل للأنظمة». هذه العبارة الثالثة تشير إلى معضلة عربية شائعة، هى أن المثقف الثورى الذى يدعى الثورة من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان فى مواجهة تغول الدولة وتوغلها فى شئون المجتمع على نحو استبدادى، لا يدخل فى نقاش حقيقى أو يتكامل فى الرؤى مع المثقف المحافظ (أو المثقف الدولاتى statist) الذى يسعى لإصلاح الدولة كى تحقق الهدف الأسمى، وهو أن تكون الدولة فى خدمة المجتمع وليس فى خدمة القائمين عليها أو خدمة قطاعات دون أخرى من المجتمع؛ وهذا لا يحدث فى ظل الشيطنة المتبادلة. إذن هناك معضلتان مزدوجتان: كيف يصلح المثقف الدولاتى من شئون الدولة دون أن يكون عبدا لها أو عميلا للنظام الحاكم؟ وكيف يفرق الرأى العام المتشكك فى كل شىء بين «عميل النظام» و«مُصلح الدولة» فى وقت توجد فيه نزعة نحو التعامل مع كل قريب من السلطة على أنه عميل لها؟ أزعم أن المعضلة فى غياب «الفكر السياسى» عن كل من المعارضة والحكم فى مصر. من فى السلطة ومن فى المعارضة حركيون بلا رؤية، يتبنون مواقف جزئية دون تصور بشأن الرؤية الكاملة. وليس المقصود بالرؤية «الأيديولوجية الجامدة» فقد تجاوز العالم المقولات العامة المطلقة والمجردة ليبحث عن البرامج الانتخابية والدراسات الميدانية وما يرتبط بهما من توجه عام للحزب أو الحكم. كلام الدكتور بشارة يأتى بالنسبة لمن هم مثلى ككلام عاقل من شخص أثق فى تأييده للثورة باتزان وعقلانية والأهم تأييده لحقوق الشعوب العربية فى مستقبل أفضل. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عزمى بشارة عقلانية فى زمن الثورة عزمى بشارة عقلانية فى زمن الثورة



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
  مصر اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon