توقيت القاهرة المحلي 07:33:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السياسة فى مدرسة مارجريت تاتشر

  مصر اليوم -

السياسة فى مدرسة مارجريت تاتشر

معتز بالله عبد الفتاح

أحد أساتذتى فى الغرب نصحنى أن أقرأ عن ثلاثة سياسيين اعتبرهم يجسدون «السياسة الماكيافيلية» فى أزهى صورها. وبالمناسبة أن يكون السياسى ماكيافيليا فى الغرب لا يعنى سباً وقذفاً بالضرورة، وإنما يعنى القدرة على خلق فرص أو انتهاز فرص من أجل تحقيق مصلحة ما غير شخصية لصاحبها وإنما للحزب أو للدولة، لكن المهارة أن تفعل ذلك فى حدود القانون والدستور، ولو دعت الحاجة بتغيير القانون والدستور. مارجريت تاتشر، هنرى كيسنجر، تشارل ديجول. بعد أن قرأت عن الثلاثة أكثر، فهمت ما الذى كان يقصده أستاذى. فى عشرات المواقف، يبدو الموقف الأخلاقى الأقرب هو كذا، لكنهم يرون الصورة بشكل مختلف ويرتبون الأولويات على نحو قد لا يراه الآخرون. أعزائى القراء أقدم لكم: مارجريت تاتشر، التى غادرت عالمنا من يومين لتلحق بتشارل ديجول، الذى يستحق هو الآخر عدة مقالات لفهم البدائل التى كانت متاحة أمامه وكيف صنعها؛ لأن قطاعا من المصريين يظنون ملائكية غير منطقية أو شيطنة غير مبررة فى كل من يخالفونهم فى الرأى أو يتبنون تحيزات مختلفة عنهم. مارجريت تاتشر تترك وراءها العديد من المواقف والمقولات التى تجسد نمطا من الساسة المثيرين للجدل، نختلف أو نتفق معهم، لكنها علامة واضحة فى تاريخ مجتمعها والعالم. مارجريت تاتشر التى وقفت أمام المبنى 10 داوننج ستريت (مقر رئيس الوزراء فى بريطانيا) لتعلن عن مهمة وزارتها الجديدة: «حيث يوجد الشقاق، مهمتنا أن نأتى بالاتفاق. وحيث يوجد الخطأ سنأتى بالصواب. وحيث يوجد الشك، سنأتى بالإيمان. وحيث يوجد اليأس، سنأتى بالأمل». وكانت النظرة العنصرية تجاه المرأة تلاحقها باعتبارها أول سيدة تشغل هذا المنصب وكيف أنها فى المكان الخطأ لأنها تقوم بعمل الرجال، لترد قائلة: «أيما امرأة تعرف كيف تدير شئون المنزل فستكون أقرب إلى معرفة كيفية إدارة مشاكل أى دولة». ورغم تحفظى على التبسيط المخل فى التشبيه لكنها كانت واثقة من نفسها وأنها «إنسان» قبل أن تكون سياسية، وهى تملك قدرات تسمح لها أن تدير شئون مجتمع كان يعانى ما يشبه الحرب الأهلية فى أيرلندا، وترديا اقتصاديا فى الداخل، وبيئة دولية معقدة لم تزل فيها الحرب الباردة والاتحاد السوفيتى يشكلان مصدر تهديد دائم لها. وقد كانت سياستها الاقتصادية موضع انتقاد شديد من كثيرين، باعتبارها من أبرز السياسيين الذين تبنوا «الليبرالية الجديدة» التى تم فيها تقليص دور الدولة وخفض الإنفاق الاجتماعى وحفز النمو للشركات الكبرى. وكانت تقول إنها ستخرج بريطانيا من «الاشتراكية المتخفية» التى كانت تعيشها تحت حكم حزب العمال. وفى ردها على بعض منتقديها، قالت: «إن سياساتى الاقتصادية لا تعتمد على فلسفة اقتصادية مستوردة، لكن على القيم والمبادئ التى طالما تربينا عليها فى بريطانيا العظمى مثل: شرف العمل وشرف الحصول على الأجر المتناسب معه، الحياة فى حدود ما هو متاح لك اقتصاديا، حافظ على البيض فى القفص استعدادا ليوم ممطر، وادفع فواتيرك فى الوقت المحدد لأنها أموال آخرين عندك، وادعم الشرطة لأنها تخدمك». حين كانت تتحدث مارجريت تاتشر بهذه الكلمات فى 20 سبتمبر 1981 كان لها وقع مختلف عما له من دلالة اليوم؛ فهى كانت تزيل مخاوف الناس الكثيرة بعد الحملات الناقدة لها من قِبل حزب العمال ومناصريه. وكان واضحا أنها كسبت معركة العلاقات العامة والحرب الإعلامية ضدها أولا برؤيتها المتكاملة وثانيا بقدرتها على الإقناع وربط هذه الرؤية بالقيم البريطانية التقليدية. ولكن دعونا نتذكر أنها ليست ظاهرة صوتية أو إعلامية، هى تعى ما كانت تقول. وقد بدا ذلك واضحا حين قررت أن تخوض بريطانيا الحرب ضد الأرجنتين على جزر الفوكلاند. قال لها أحد الإعلاميين: إن المعارضين للحرب يتحدثون عن «هزيمة بريطانيا» فقاطعته قائلة: «هزيمة! أنا لا أعرف معنى كلمة هزيمة». ولها أخطاؤها كذلك، حتى لا نقع أسرى ملائكية غير حقيقية فى البشر؛ فقد ساندت النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا ووصفت نيلسون مانديلا بـ«الإرهابى» حتى خرج فغيرت وصفها له. وقد ساندت إسرائيل كعادة قادة الغرب. أختم وأقول: مصر بحاجة لقيادة جديدة، نخبة جديدة، رؤية جديدة، ثقافة جديدة. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة فى مدرسة مارجريت تاتشر السياسة فى مدرسة مارجريت تاتشر



GMT 05:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 05:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

تذبذب أسعار النفط مع استمرار حروب الشرق الأوسط

GMT 05:14 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

مصر في وسط العاصفة الإقليمية!

GMT 05:12 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

«داعش» في موزمبيق: ضمير غائب في أفريقيا؟!

GMT 05:08 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دراما عظيمة... لكن من يتجرّأ؟

GMT 05:06 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

الهرم والمهووسون بالشهرة!

GMT 05:02 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ما بعد الرد الإيراني

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دبة النملة

إطلالات مريحة للأميرة رجوة تناسب مراحل الحمل

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:05 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«تلايا الليل» تضيء مسرح المجمع الثقافي

GMT 09:21 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

طريقة إعداد وتحضيركيك الأكلير بالشوكولاتة

GMT 12:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إيمري يرفض التفريط في هدف سان جيرمان

GMT 10:35 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

ديكورات مطابخ عصرية باستخدام الخشب مع اللون الأسود

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تدرس استخدام "الثلج الناري" لحلّ أزمة الطاقة

GMT 16:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يؤكّد أن إجراءات التحقيق مع "تشيلسي" مازالت مُستمرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon