توقيت القاهرة المحلي 07:15:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعاصرة حجاب

  مصر اليوم -

المعاصرة حجاب

مصر اليوم

  هذه العبارة تعنى أن المعاصرين لأمر ما أو لشخص ما قد لا يجيدون تقييمه أفضل تقييم، ثم تمر الأيام والشهور والسنون، ويأتى من يعيد قراءة المشهد والنظر إليه بدم بارد وبعقل مفتوح وبعيداً عن المصالح العاجلة المسيطرة على حسابات من يقف الوقت سيفاً مسلطاً عليه. كما أن الزمن، ثانياً، يعطى للناس فرصة الاطلاع على شهادات آخرين لم يكونوا ينصتون إليهم. ويعطى الزمن، ثالثاً، فرصة لنا لتقييم الآثار والبدائل التى كانت متاحة أمام صانع القرار آنذاك. لذا فإن المعاصرة حجاب عن التقييم الموضوعى للأحداث والأشخاص والأفكار. لا أنسى ما قاله توفيق الحكيم فى كتابه «عودة الوعى» عن الحقبة الناصرية وقد كان واحداً من المقربين لعبدالناصر. بل إن الطالب جمال عبدالناصر حسين كان قد قرأ لتوفيق الحكيم «عودة الروح» فى الثلاثينات، التى كان يتحدث فيها عن حاجة مصر لزعيم ملهَم وملهِم يعيد لها روحها ويجمع عليها شملها. ونسب البعض للرئيس عبدالناصر وصفاً لتوفيق الحكيم بأنه الأب الروحى لثورة 1952. ولكن يأتى توفيق الحكيم ليكتب فى عام 1972 فى كتابه «عودة الوعى» عن الوعى الذى ضاع من المصريين لأنهم وقعوا أسرى لسحر الرئيس عبدالناصر حتى فاقوا على هزيمة 1967 وكيف أن الرأى المخالف ما كان ليظهر إلا خلسة طوال هذه الفترة. وأعلن فى كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف ثورة 1952 بدون وعى قائلاً: «العجيب أن شخصاً مثلى محسوب على البلد هو من أهل الفكر قد أدركته الثورة وهو فى كهولته يمكن أن ينساق أيضاً خلف الحماس العاطفى، ولا يخطر لى أن أفكر فى حقيقة هذه الصورة التى كانت تصنع لنا، كانت الثقة فيما يبدو قد شلت التفكير، سحرونا ببريق آمال كنا نتطلع إليها من زمن بعيد، وأسكرونا بخمرة مكاسب وأمجاد، فسكرنا حتى غاب عنا الوعى.. أهو فقدان الوعى.. أ‎هى حالة غريبة من التخدير؟». والأمر، بالنسبة لكاتب هذه السطور، ليس متصلاً بتقييم الحقبة الناصرية، ولكنه متصل بالمبدأ العام بأننا نحكم بما علمنا فى لحظة زمنية معينة بما تحمله هذه اللحظة من ضغوط وما تتأجج بها من مشاعر وما تتوافر فيها من معلومات. ومن الأحداث الكبرى التى كانت فيها المعاصرة حجاباً، كانت فترة كتابة دستور 1923، وهى فترة كانت مليئة بالصراعات وعبارات التخوين والتشكيك؛ لأن حزب الوفد وأنصاره كانوا يريدون دستوراً تكتبه جمعية تأسيسية منتخبة، وليس لجنة معينة من الملك ومن يؤيدونه؛ لأنها ستؤدى إلى استبداد جديد وسترسخ حكمه فى البلاد، حتى إن زعيم الأمة، سعد باشا زغلول، كان يصف هذه اللجنة بلجنة الأشقياء، وكان يصفها آخرون بلجنة الجبناء ولجنة الخونة ولجنة العملاء. وبعد أن انتهى الدستور وصدر بأمر ملكى، أجريت انتخابات عام 1924 ليفوز حزب الوفد باكتساح، وبدأت تظهر مميزات الدستور وثغراته تباعاً حتى أصبح أحد مطالب الحركة الوطنية المصرية هو «الجلاء والدستور» والمقصود بالدستور هو تطبيق دستور 1923 وكان هذا متضمناً فى البيان الأول لثورة 1952.. لماذا؟ الإجابة هى عنوان هذا المقال: المعاصرة حجاب. وأضرب مثالاً ثالثاً بمعاهدة السلام مع إسرائيل، التى وقف منها الكثيرون موقف الرافض من حيث المبدأ، وليس فقط موقف الناقض أو الناقد. وتمر الأيام والشهور والسنون ونجد قطاعاً من العرب، لا سيما حكامهم، بعد أربعين سنة منها يتساءلون: لماذا لم ننتهز الفرصة ونترجم الانتصار العسكرى إلى مكسب سياسى؟ وهو ما تمت ترجمته فى المبادرة العربية فى بيروت التى طالبت بما كان السادات يسعى إليه. لكنه آنذاك كان يوصف ومن أيدوه بالخونة والعملاء، وبعد عدة عقود أصبح الشرفاء يتمنون الوصول إلى ما كان سيحققه من كانوا يصفونهم بالعملاء. وسيظل الجدل مستمراً بشأن عشرات الأسئلة التى نطرحها على أنفسنا يومياً. لكن لى طلبان مرتبطان بألا ننسى أن المعاصرة حجاب؛ أولاً، بعض التخوين والاتهامات بالعمالة قائمة على مشاعر إحباط أكثر منها معلومات موثقة. ثانياً، ولنضع لأنفسنا هامش واحد بالمائة أننا ربما نحكم على الأمور حكماً الآن سنغيره فى المستقبل حين تتوافر لنا معلومات جديدة أو ظروف جديدة. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعاصرة حجاب المعاصرة حجاب



GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 02:54 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 02:52 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مَن صاحب هوية القاهرة البصرية؟

GMT 02:47 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

كتاب لم يتم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon