توقيت القاهرة المحلي 13:01:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطر الإسلاميين على الإسلام

  مصر اليوم -

خطر الإسلاميين على الإسلام

معتز بالله عبد الفتاح

كان لى لقاء أسبوعى مع المشرف على رسالتى للدكتوراه فى الخارج. وفى يوم ذهبت إليه وكنت على غير عهده بى محزونا. فسألنى فقلت له عن مشكلة فى المركز الإسلامى تؤرقنى ولا أعرف لها حلا؛ فقال لى زدنى لأننى أريد أن أعرف. المهم كانت الحكاية أن انقساما كان حادثا بين بعض الأشخاص: خلاف عادى وارد ولكن كانت الخطورة فيه أن كل طرف أمسك بطرف من الآيات والأحاديث كى يبرر موقفه ودخلنا فى حالة من التشدد والتشدد المضاد وأصبحنا نذهب إلى المركز الإسلامى وكأننا متضررون حتى شرع بعضنا فى تأجير شقة كى يصلوا فيها حتى لا يروا «أعداءهم». والكل يتحدث بالإسلام الذى يقول لنا أصلا: «إنما المؤمنون أخوة، فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون». وكانت ظاهرة متكررة فى مراكز إسلامية أخرى. وعادة فى كل مسجد يكون هناك شخص أو عدد من الأشخاص يظنون أنهم المتحدثون باسم الإسلام فى المسجد، وحين يظهر آخرون يجيدون شيئا مما لا يجيدون، كانوا يفقدون قدرتهم على ضبط النفس واللسان عن الخوض فى الآخرين وينصبون أنفسهم حكاما على الآخرين: مرات بدعوى أنهم ينصحون، ومرات بدعوى أنهم يأمرون بالمعروف، ومرات بدعوى أنه ليس منا من لم يوقر كبيرنا. وكله بما لا يخالف شرع الله. المهم كنت منزعجا من أننا حتى لا نجيد الالتزام بأحكام الإسلام داخل المركز الإسلامى. سألنى أستاذى عن موقفى أنا الشخصى، فقلت له ما أفعله وهو فى مجمله كان جهودا توفيقية أشبه بما أفعله الآن فى مصر إلى أن انتهيت إلى أن أخذت جانبا وأعلنت وقوفى بجواره اعتقادا منى أنهم كانوا الطرف الأقل مزايدة والأكثر رغبة فى رأب الصدع واحترام الشرع، فما كان من الأمر إلا أن المعركة ازدادت سخونة وكادت أن تقترب من الفتنة. وأصبح الناس حتى لا يتواصلون داخل بيت الله وصولا إلى أن كل الاجتماعات كانت تنتهى بنفس النتيجة: ما فيش فائدة. يبدو أننى «صعبت» على الرجل فأراد أن ينصحنى فقال: أفضل ما يمكن أن يفعله أى مسلم هو ألا يتحدث عن الإسلام، ولكن أن يلتزم بالإسلام. أو بتعبيره: «Do not talk about Islam; be Islam».. وفى هذا الظرف جاءت عبارته لتدخل فى عقلى وظلت ملازمة لى. وعليه فقد قلتها، لقيادة كبيرة فى جماعة الإخوان المسلمين بعد عدة أيام من خروجه من السجن بعد الثورة وكان الحوار حول ماذا بعد. وقلت له نفس الكلام: كونوا مسلمين أكثر من أن تكونوا إخوانا، كونوا الإسلام الذى تدعون الناس له. وبعد أن تسَعوا الناس بحسن خلقكم وعظمة أعمالكم، دعونا نحن نستنتج أن هذا الخلق بحسنه وهذا العمل بعظمته يليق بأتباع هذا الدين العظيم. لا أظنه اقتنع بما قلته ودليلى ما سمعته منه لاحقا من تصريحات. الحقيقة أننى أشعر بخطر حقيقى من «السياسيين الإسلاميين» على المشروع الإسلامى الحضارى الذى كان يدرسه لنا أساتذتنا فى الجامعة. الإسلام أصبح مجرد الخلفية التبريرية لسلوك سياسى يبدو براجماتيا أحيانا ويبدو انتهازيا فى أحيان أخرى. وبدلا من أن يرتقى الكثير من «السياسيين الإسلاميين» لقيم الإسلام، ها هم ينزلون به إلى ساحات الصراع السياسى، وبدلا من الارتقاء إلى قداسة الدين، أسكرتهم السياسة بجاه الدنيا. بناء على ما حدث فى آخر أسبوعين، أطالب كل «إسلامى» يعمل بالسياسة خلال هذه الفترة بأن يتوقف عن الحديث عن الإسلام أو باسم الإسلام ما لم يستطع أن يلتزم بأخلاقه أو ألا يعمل بالسياسة على الإطلاق حفاظا على دينه. ولدينا علماء أفاضل كثيرون لم يدخلوا، ويرفضون أن يدخلوا، مجال الصراع السياسى وعليهم أن يلعبوا دورا فى بناء الصورة الذهنية الواجبة عن الأخلاق الإسلامية فى مجال السياسة. الصلاة فرض، ولكنها ليست بديلا عن حسن الخلق. صيام التطوع فضيلة، ولكنه ليس بديلا عن الوفاء بالوعد. تعاقب الحج والعمرة مكرمة، ولكنه ليس بديلا عن احترام حقوق الإنسان. المشروع الإسلامى هو مشروع أخلاقى فى جوهره، فإن لم نكن قادرين على الالتزام بالأخلاق، فأرجو أن ننقذ الإسلام من سوء أخلاقنا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر الإسلاميين على الإسلام خطر الإسلاميين على الإسلام



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon