توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ديمقراطية فرنسا وزواج المثليين

  مصر اليوم -

ديمقراطية فرنسا وزواج المثليين

معتز بالله عبد الفتاح

أكتب اليوم عن فرنسا لأن فيها ما يستحق التأمل ثم أعود لواقعنا المصرى ببعض الاستنتاجات. الحكاية لها جذور، كان الرئيس الفرنسى قد وعد أثناء حملته الانتخابية بتبنى قانون يسمح بزواج المثليين وبحقهم فى تبنى الأطفال. وواضح أن معظم أحزاب اليسار التى دعمت الرئيس الفرنسى متمسكة بالمشروع باعتباره أحد التعهدات التى قطعها الرئيس فرانسوا أولاند خلال حملته الانتخابية، وهو ما تعكسه تصريحات أعضاء الحكومة وكان آخرهم وزيرة العدل كريستيان توبورا التى أكدت أن الحكومة ستبقى على مشروع القانون المتعلق بزواج مثليى الجنس، بغض النظر عن المسيرات المرتقبة اليوم. وقد أعطوا للمشروع اسماً جذاباً وهو «الزواج للجميع». وقد دعا البابا بنديكتوس السادس عشر، الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية إلى إسماع صوتها «دونما هوادة وبتصميم كبير». وتظاهر فى باريس 70 ألف شخص وفق السلطات، و200 ألف وفق المنظمين فى إطار «التظاهرة من أجل الجميع» كرد على فكرة «الزواج للجميع». وشارك عدة مسئولين منتخبين وشخصيات من المعارضة اليمينية فى التظاهرات فى باريس ومدن أخرى. واتحد أتباع الديانات السماوية الثلاث فى التظاهر ضد مشروع القانون وبدأوا فى حملة توعية لرفض مشروع القانون وبيان مخاطره. والمثير للتأمل أن أحد استطلاعات الرأى نشرت نتائجه مؤسسة «إيفوب» قال إن 61% من الفرنسيين يؤيدون إتاحة إمكانية الزواج للمثليين، إلا أن 48% فقط يؤيدون تبنى هؤلاء الأزواج أطفالاً. ولتمرير هذا القانون هناك أحد مسارين: إما أن يُعرض على الاستفتاء الشعبى كما تنادى بعض الأطراف المعارضة له باعتبار أن الشعب الفرنسى سيكون أكثر محافظة من نوابه أو أن يمرر بشكل تقليدى من قِبل البرلمان بغرفتيه (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، ويسيطر عليهما فى لحظة تاريخية نادرة اليسار الفرنسى. طيب ماذا عن مصر؟ أولاً، هناك التزامات على الرئيس وعد بها فى الفترة الانتخابية ينبغى أن يلبيها بعد أن يصل إلى السلطة. والرئيس الذى يتعهد ويلتزم ولا ينفذ، فسيفقد جزءاً من مصداقيته وبالتالى تتراجع فرص إعادة انتخابه أو انتخاب مرشح آخر من الحزب الذى ينتمى إليه. ثانياً، الشعب هو الحكم فى تقرير مصيره، وهذا جزء من الفلسفة الديمقراطية التى رسخها جان جاك روسو حين دافع عن الديمقراطية (وبنى كثير من المنظرين فكرهم على كلام روسو فيما يتعلق بالديمقراطية المباشرة القائمة على الاستفتاءات واللامركزية السياسية). وكان روسو محباً للحرية المطلقة ولكنه كان يعرف أنها مستحيلة فى مجتمعات بحاجة لقوانين تحكمها. لذا قارن بين حالة ما قبل الدولة (سماها حالة الطبيعة الأولى) حيث كان الإنسان يعيش بلا قوانين فكان حراً بشكل تلقائى وطبيعى وبين وضع ما بعد الدولة بكل ما فيها من قيود، لذا رأى أن الحل الوحيد كى يحتفظ الإنسان بحريته هو أن يعيش وفقاً للقوانين التى ارتضاها هو لنفسه. ومن هنا كن دفاعه عن الديمقراطية فى وقت كانت الأرستقراطية (أى حكم نخبة النبلاء) والأوليجاركية (أى حكم نخب السطوة والقوة) هما المسيطرتان على أوروبا. ثالثاً، مؤسسات الدين تلعب دوراً فى الاحتجاج على مشروع القانون ليس باعتبارها مشرعة باسم الرب ولكن باعتبارها جزءاً من نسيج المجتمع وباعتبارها جماعة ضغط قوية لها تأثيرها على مسار الأحداث، ولكن فى النهاية المشرع المنتخب (البرلمان) أو جموع الناس (حالة الاستفتاء) هى التى تقرر. رابعاً، عندهم استطلاعات رأى مستقلة وجادة ومعتبرة، عجيب والله عجيب! خامساً، البوليس الفرنسى لم يسجل أى حالة إلقاء مولوتوف أو فقع عين أو تعرية فتاة. ماذا نقول: مجتمع فرنسى متخلف؟ المفروض يأتون إلينا للاستفادة من تجاربنا الاحتجاجية العظيمة فى التبارى فى الإسفاف اللفظى والخلقى والمادى. سادساً، الفرنسيون اختاروا فى انتخابات يوليو الماضى أن يعطوا كل مفاتيح الحياة السياسية لليسار: الرئيس وأغلبية البرلمان بمجلسيه. وعلى هذا لم يعد لليمين المحافظ القدرة على وقف التشريعات التى سيقررها الرئيس والبرلمان. والرسالة واضحة للمصريين: التوازن بين السلطات أو تركزها قرار يتخذه جموع الناخبين، فلا ينبغى الاستهانة بهذا الأمر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية فرنسا وزواج المثليين ديمقراطية فرنسا وزواج المثليين



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 03:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

GMT 03:33 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

اكتشافات أثرية تحت المياه بالسعودية

GMT 03:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«الإبادة» ليست أسمى

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon