توقيت القاهرة المحلي 13:53:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تعليقاً على الدكتور برهامى

  مصر اليوم -

تعليقاً على الدكتور برهامى

معتز بالله عبد الفتاح

أياً ما كان السياق الذى كان يتحدث فيه الدكتور ياسر برهامى، أعتقد أنه أثار مخاوف شديدة عند قطاع من المواطنين المصريين الذين اعتبروه وكأنه يدبر أمراً للأمة المصرية مُغَلِّباً مصلحة جزئية على مصلحة عامة. وهنا لا بد أن أوضح أن الدساتير، كما كل النصوص المركبة، حمالة أوجه، ويكفينى أن أشير إلى الجدل التاريخى فى الفقه الدستورى الأمريكى بين مادتين شهيرتين حول حقوق الحكومة المركزية وحقوق الولايات والأفراد، وهما المادتان اللتان كان كل طرف فى الحرب الأهلية الأمريكية يزعم أنه يحارب دفاعاً عن إحداهما، ولا يزال النزاع جارياً بينهما. ودعونى أركز على الجزء الذى أراه غير دقيق فى كلام الدكتور برهامى، أولاً، كى يستطيع السلفيون أن يطبقوا برنامجاً سياسياً على هذه الدرجة من الطموح لتغيير الجينات الثقافية والفكرية للمجتمع، فعليهم، كما هو الحال مع كل القوى السياسية، أن يسيطروا على مؤسسات خمس: الرئاسة، مجلس النواب، مجلس الشورى، المحكمة الدستورية العليا، هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. ومن الناحية النظرية البحتة، فإنه من المستحيل فى المستقبل المنظور أن يحدث هذا وفقاً للدستور الجديد، حيث إن المحكمة الدستورية العليا مثلاً ورغم تقليص عدد أعضائها فإنه تم الإبقاء على أقدم أحد عشر عضواً فيها، وهم قطعاً غير سلفيين، وحال خلو أى منصب فإن قرار التعيين سيكون بيد الهيئات القضائية المختلفة التى سترشحهم ثم يصدر قرار تعيينهم من الرئيس ولا تعيين فى هذه المناصب بغير هذا الطريق. أما إذا كان النقاش يرتبط بأمر له علاقة بالشريعة الإسلامية فإنه سيؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف دون إلزام أو التزام بالمشورة، الهيئة قائمة على شئونها وتم تحصينها من أى تدخل سياسى من أى فصيل كان، وهى التى ستختار من يعين فيها من بين أبناء الأزهر حال تعذر قيام أى من الأعضاء الأربعين فى هيئة كبار العلماء عن القيام بعمله. ثانياً، نحن أحياناً نبالغ فى تصوير العلاقة بين الدستور والشريعة. بكل وضوح، لو أراد الملك فؤاد وحزب الوفد أن يطبقوا الشريعة الإسلامية (أياً كان تعريفهم لها) ما كان ليمنعهم دستور 1923. ولو كان الرئيس عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة أرادوا أن يطبقوا الشريعة الإسلامية (أياً كان تعريفهم لها) لما منعتهم دساتير 1956 أو 1958 أو 1964 دون تغيير كلمة واحدة فى أى من هذه الدساتير. ولو كان أى من الرئيسين السادات أو مبارك أراد تطبيق الشريعة الإسلامية (أياً كان تعريفهما لها)، ما كان دستور 1971 ليمنعهما. إذن، دساتير مصر المتعاقبة بما فيها دستور 2012 لا تمنع ولا تضمن تطبيق الشريعة الإسلامية أياً كان تعريفنا لها، بل إن هذا الدستور يلزم الجميع حال تطبيقهم للشريعة الإسلامية أن يختاروا من المذاهب ما يضمن المواطنة التى تسوى بين الحقوق والواجبات العامة والتعددية السياسية والحزبية والديمقراطية والشورى والتداول السلمى للسلطة والحقوق والحريات وفقاً للمادة 6 من الدستور. أما بشأن بعض التطمينات التى قدمها الدكتور برهامى للحاضرين من مشايخ الدعوة السلفية بأن الدستور فيه قيود غير موجودة فى أى دستور سابق، فالحقيقة أن هذه مسألة ليست مرتبطة بالدستور، وإنما توازنات القوى داخل البرلمان كما أوضحت من قبل، فضلاً عن رؤية المحكمة الدستورية العليا للثوابت الدستورية المستقرة مثل المساواة، فأى نص دستور حتى لو كان مستنداً لمذهب فقهى معين، ينال من قاعدة المساواة بين جميع المواطنين، فإن المحكمة سترفضه وستطالب بالأخذ بالمذهب الفقهى أو الاجتهاد الشرعى الذى يحقق المساواة، وهى أشبه بردّ «المتشابه» إلى «المحكم» فى آيات القرآن الكريم، بل أنا أزعم، ووافقنى فى هذا عدد من مشايخ الأزهر وبعض القضاة وأحدهم من قضاة المحكمة الدستورية العليا، أن المادة 219 التى تفسر كلمة «مبادئ» لا تغير من الأمر شيئاً وأن المشرِّع بهذه المادة أو بدونها كان يستطيع أن يفسر «مبادئ» الشريعة إما بروح سمحة معتدلة أو بروح منفرة متشددة، والحكم فى النهاية للمحكمة الدستورية التى ينبغى أن يعود الاعتبار إليها. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعليقاً على الدكتور برهامى تعليقاً على الدكتور برهامى



GMT 05:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 05:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

تذبذب أسعار النفط مع استمرار حروب الشرق الأوسط

GMT 05:14 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

مصر في وسط العاصفة الإقليمية!

GMT 05:12 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

«داعش» في موزمبيق: ضمير غائب في أفريقيا؟!

GMT 05:08 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دراما عظيمة... لكن من يتجرّأ؟

GMT 05:06 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

الهرم والمهووسون بالشهرة!

GMT 05:02 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ما بعد الرد الإيراني

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

دبة النملة

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 12:05 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«تلايا الليل» تضيء مسرح المجمع الثقافي

GMT 09:21 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

طريقة إعداد وتحضيركيك الأكلير بالشوكولاتة

GMT 12:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إيمري يرفض التفريط في هدف سان جيرمان

GMT 10:35 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

ديكورات مطابخ عصرية باستخدام الخشب مع اللون الأسود

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تدرس استخدام "الثلج الناري" لحلّ أزمة الطاقة

GMT 16:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يؤكّد أن إجراءات التحقيق مع "تشيلسي" مازالت مُستمرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon