توقيت القاهرة المحلي 06:25:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشريعة والتشريع

  مصر اليوم -

الشريعة والتشريع

معتز بالله عبد الفتاح

أوحى لى بهذا المقال تصنيف جيد فى فكرته لكنه غير دقيق فى تفاصيله يربط بين القوانين والشريعة الإسلامية؛ فلو صنفنا القوانين المطبقة فى مصر من منظور علاقتها بالشريعة لوجدناها على أربع فئات. هناك فئة التشريعات النابعة من الشريعة الإسلامية، التى التزمت بها مصر من زمن، مثل قوانين الأحوال الشخصية بما فيها من زواج وطلاق وخلع وميراث. ويمكن تسميتها التشريعات النابعة من الشريعة. وهناك ثانياً فئة من التشريعات التى تعالج الفراغ التشريعى حيث لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ولكنها تدخل فى مساحة المصالح المرسلة التى لم تضع لها الشريعة نصاً حاكماً وإنما تركتها لتقدير مصالح العباد مثل قوانين البناء وقوانين الإسكان وقوانين المرور وقوانين الانتخابات وتنظيم عمل النقابات. وهذه القوانين هى من الشريعة بقدر التزامها بما قررته من عدالة، أى تحقيق المساواة بين الناس، والإحسان لضعفائهم، ومراعاة الصالح العام وليس مصالح فئة بذاتها. ويمكن تسميتها التشريعات التقديرية. وهناك فئة ثالثة من التشريعات المبدلة للعقوبة تعزيراً أو التى تتبنى وجهاً ضعيفاً من أوجه الفقه فى تفسيره لبعض نصوص الشريعة الإسلامية. ومثلها هى فئة التشريعات التى استبدلت عقوبات بعقوبات؛ فلا يوجد فى القانون الجنائى المصرى عقوبة قطع يد السارق، أو عقوبة الجلد، أو الرجم. كما أن المُجرَّم فى القانون المصرى هو الدعارة وليس الزنا إلا إذا كان له شروط معينة ترتبط بالمتزوجين. كما أن فوائد البنوك، التى يغلب على ظنى أنها لا تكتمل فيها أركان الربا المحرم، جزء من القانون التجارى المصرى، ويذهب أغلب العلماء إلى حرمتها. ويمكن تسميتها التشريعات المبدلة لأحكام الشريعة. وهناك فئة رابعة من التشريعات أزعم أنها غير موجودة فى مصر، وهى تلك التى تصادم الشرع الشريف بالكلية بمعاقبة الفضيلة أو تشجيع الناس على الإلحاد أو الفجور أو الرشوة أو إشاعة الفاحشة بين الناس وغيرها. ويمكن تسميتها التشريعات المتصادمة مع الشريعة. هذا تقسيم أوّلى ولكنه يصلح لرصد المعضلة التى تواجهنا وهى أن أغلب المصريين لن يتفقوا على أين يقع كل تشريع من التشريعات المعمول بها على أرض مصر فى أى من الفئات المشار إليها. وسيتدخل المتغير الشخصى والأيديولوجى والفقهى فيها. لو تصورنا أن بعضنا غير متدينين، وبعضنا متدينون، وبعضنا متشددون، وبعضنا متطرفون فإن كل شخص سيرى التصنيف مختلفاً. وسيعتبر بعضنا أن أى قانون يجعل عقوبة السجن بدلاً من عقوبة قطع يد السارق هو من القوانين المتصادمة مع الشريعة وليس من القوانين المبدلة لأحكام الشريعة وفقاً للتصنيف الأولى المقدم. وهكذا. نحن أمام معضلة تاريخية ولا أظن أنها ستحل فى زمن الأحياء منا لأن المقومات الأخلاقية والفكرية للارتقاء فوق الصغائر وبناء نظريات فكرية كبرى غير متوافرة. أتذكر أن الدكتور عبدالوهاب المسيرى استدعانى ذات مرة لأناقش معه بحثاً كتبته، عن كيف أن المسلمين لم ينجحوا بالقدر الكافى فى تبنى منطق الجدل الهيجلى، وبالتالى تطوير استجابات للتحديات التى تواجههم بما يجعلهم متصالحين مع دينهم منفتحين على واقع مختلف عن الواقع الذى ظهر فيه هذا الدين. وطلب منى مثلاً. قلت له نحن لا نطبق حد السرقة، وهناك أمر قرآنى بتطبيقه، ولكن هناك شروطاً تجعل تطبيقه شبه مستحيل إلا على السارق المحترف. طيب ماذا نفعل؟ لو كان الأمر بيدى لجعلت حد السرقة هو العقوبة الثالثة على السارق المحترف بعد أن يحاكم ويعاقب بعد أن يدان مرتين بالسجن ولكن فى المرة الثالثة، فلا مناص عن أن تكون العقوبة باتة ورادعة تماماً. أعجبنى رد فعل الرجل بأن فكّر فى الاقتراح وتوصّل إلى أن مراعاة واقع الناس لا تقل أهمية عن احترام نصوص الشرع الشريف. وهو ما سنحتاجه الآن. ولكن ليس فى هذه البيئة التى شرب فيها الناس من نهر الجنون. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشريعة والتشريع الشريعة والتشريع



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

GMT 04:05 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الدعم المصري السخي

GMT 04:01 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

للعبادة معنى أشمل

GMT 03:57 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

في الهوا سوا

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 02:58 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
  مصر اليوم - فيتو أميركي ضدّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon