توقيت القاهرة المحلي 20:20:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

  مصر اليوم -

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

المعتز بالله عبد الفتاح

أولاً: «هات يا ابنى مفتاح السيارة» يقول أحدهم، فيكون التفسير: إذن هو غالباً سيأخذ السيارة ويسافر ولن يعود إلى البيت مرة أخرى. ثانياً: «نريد أن نضع موعداً محدداً لنوم الأطفال من أجل تعويدهم على النظام» يقول أحدهم، فيكون التساؤل: كيف يمكن لأحد عاقل أن يفرض على الأطفال أن يناموا قبل صلاة المغرب كل يوم، هل هذا معقول؟ أرجو أن يكون واضحاً لحضراتكم ما فى العبارتين من مغالطة منطقية. والمغالطة المنطقية هى انحراف فى الاستدلال والتفكير إما بسبب سوء فهم أو بسبب وجود رغبة فى تشويه الكلام المكتوب أو المسموع. فى العبارة الأولى هناك انحراف واضح فى التفكير بسبب المبالغة فى استنتاج ما لا يحتمله المعنى أصلاً، فليس من المنطقى إن طلب أحدنا مفتاح سيارته أن نستنتج أنه قرر أن يغادر المنزل بلا عودة. ولكن هذه المغالطة عادة ما تشيع بسبب الأجواء المحيطة من مناخ التخوف والتشكك. ولهذا يطلقون عليها باللغة الإنجليزية «slippery slope» وهو معنى أقرب إلى «الانزلاق فى حفرة عميقة»، حيث يهوى الإنسان فى هذه الطريقة فى التفكير ويبدأ فى استنتاج ما لا يبدو منطقياً استنتاجه فى الظروف العادية. وأجد شيئاً من هذا عند مناقشة المواد الخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية وعدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية عند إلزام الدولة بالعمل على المساواة بين الرجل والمرأة فى كل المجالات. نجد أن بعض الأصدقاء من السلفيين ينظر لعبارة مبادئ الشريعة وكأنها مؤامرة من نوع ما تستهدف فى النهاية تخلى مصر عن احترامها والتزامها بالشريعة، وكأنها مقدمة لخروج المصريين على شريعة الإسلام. وينظر إليها بعض الليبراليين وكأنها السلاح النفاذ الذى سيستخدمه الإسلاميون لإقامة دولة كهنوت تقتل الحقوق والحريات وتدمر الديمقراطية. والحقيقة أنها ليست هذه ولا تلك. هى مادة تعبر عن هوية الدولة من ناحية وتخاطب المشرع، أى البرلمان، بألا يخالف أثناء التشريع ما هو قطعى الدلالة وقطعى الثبوت من أحكام الشريعة الإسلامية، وأما ما هو ظنى الدلالة (أى يحتمل أكثر من تفسير) فلينتقى منه ما يحقق الصالح العام. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، ذلك أن التحليل السابق يفترض رؤية معتدلة للأمور ليس فيها حسابات شخصية أو حزبية. وهنا تأتى المغالطة الثانية والتى مضمونها هو «صناعة الرجل القش» أو «Strawman» والفكرة ببساطة أن أحدنا يجد من مصلحته أن يضعف حجة الطرف الآخر بأن يعيد صياغة الجمل والكلمات على نحو يجعلها أكثر تطرفاً من الصيغة الأصلية حتى يمكن مهاجمتها. والمثال المشار إليه واضح، فمن المنطقى أن يطالب الأب بأن يكون هناك موعد متفق عليه لنوم الأطفال، ولكن من يرد أن يهاجم هذه الفكرة، لن يستطيع أن يهاجمها بذاتها، فيطور صيغة أخرى أكثر تطرفاً ويهاجم الصيغة المتطرفة على أنها الفكرة الأصلية. وهنا يكون الهجوم على أن ينام الأطفال قبل المغرب، فى حين أن هذا لم يكن أصلاً مطروحاً للنقاش. ألمس هذا عند مناقشة بعض مواد الدستور الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية وتحوير الأمر وكأن الرئيس يحظى بصلاحيات أكثر من التى كان يتمتع بها الرئيس فى ظل دستور 1971، وهذا غير صحيح بالمرة. وكل ما للرئيس من صلاحيات فى الشئون الداخلية هو إما يشترك فيها مع البرلمان أو مع رئيس الوزراء، وفقاً لما تقتضى به النظم المختلطة (مثل النظامين الفرنسى والبرتغالى). ولكن هناك من لا يرى فى مصلحته أن نرى الأمور بحجمها الحقيقى: فيرتدى العدسة المحدبة أحياناً، والعدسة المقعرة أحياناً، فيرى الجمل نملة، ويرى النملة جملاً أحياناً. أو ربما هى أجواء الترصد والتربص والتخوف والإقصاء والتى تقتضى الكثير من الحكمة والتجرد وإعلاء مصلحة الوطن.. أممكن؟ نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة



GMT 20:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 20:07 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الحكماء الثلاثة

GMT 20:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

لا مؤاخذة: الفستان

GMT 19:50 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فرصة ذهبية لاستعادة شعبية الحكومة

GMT 19:49 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

يومان فى بلد الأسطورة

GMT 04:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

. وماذا عن حجر رشيد؟!

GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon