توقيت القاهرة المحلي 21:39:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القرضاوى 1954 - 2014

  مصر اليوم -

القرضاوى 1954  2014

معتز بالله عبد الفتاح

منشور على موقع الدكتور يوسف القرضاوى هذا الجزء من مذكراته. من الذكريات المؤلمة التى لا أنساها: أن الإخوان كانت لهم نشرة سرية تصدر فى هذا الوقت تحت عنوان «الإخوان فى المعركة» تهاجم ثورة 1952 ورجالها بعنف، وتتضمن المنشورات الثورية التى تصدر عن قيادة الإخوان مثل منشور عنوانه: «هذه الاتفاقية لن تمر» (يعنى: الاتفاقية التى عُقدت مع الإنجليز) وآخر بعنوان: «خمسة وعشرون مليوناً يباعون فى سوق الرقيق». وكان ينسب إلى الأستاذ سيد قطب أنه محرر هذه المنشورات الثورية بقلمه. وقد أذاعت هذه النشرة نبأً قالت فيه: إن القرضاوى والعسال قد مرقا من الدعوة، وانضما إلى ركب الخونة، وعلى الإخوان أن يحذروا منهما! وقد استجاب الإخوان لذلك، حتى قابلنى بعض الإخوة الذين كانوا يُعتبرون من تلاميذى، فأعرضوا عنى، ونأوا بجانبهم: وبعضهم قال لى: لم يعد بيننا وبينك رباط. وهذا أمر شائع فى الإخوان، أذكر أنه حين صدر أمر بفصل الشيخ الغزالى والأستاذ صالح عشماوى، والدكتور محمد سليمان، والأستاذ أحمد عبدالعزيز جلال، وكنا فى معتقل العامرية، وكنت أتحدث مع أحد وعاظ الإخوان المعروفين، وجاء ذكر الأخ الشيخ الغزالى، فقال: الغزالى لم يعد أخاً لنا، لا هو ولا إخوانه المفصولون من الجماعة. قلت: لم يعد أخاً لنا فى الجماعة، ولكنه بقى أخاً لنا فى الإسلام. قال: إن عمله فصل ما بيننا وبينه. قلت: هل يهدم تاريخ الشخص وجهاده كله بزلة واحدة يزلها؟ إن الله سبحانه لو عامل الناس بهذه الطريقة لدخلوا جميعاً جهنم. إن الرسول الكريم علمنا أن الإنسان تشفع له سوابقه، وتغتفر له بعض سيئات حاضره من أجل مآثر ماضية. وقد قال لعمر فى شأن حاطب بن أبى بلتعة، وقد ارتكب ما يشبه الخيانة للرسول وجيشه: «ما يدريك يا عمر، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فإنى قد غفرت لكم». من أجل جهاده فى بدر غفر له ما اقترفه فى فتح مكة!وهذا ما يُعاب على الإخوان: أنهم إذا أحبوا شخصاً رفعوه إلى السماء السابعة، وإذا كرهوه هبطوا به إلى الأرض السفلى. والمفروض فى الإنسان المؤمن، لا سيما الداعية، الوسطية والاعتدال فى الحكم على الناس، فى الرضا والغضب، والمحبة والعداوة، فإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا رضى لم يدخله رضاه فى الباطل، وإذا أحب لم يحابِ من يحب بالكذب، وإذا عادى لم تبعده عداوته عن الصدق، كما قال تعالى: «وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ» (الأنعام)، «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» (النساء)، «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ» (المائدة). وقد كان من دعاء النبى، صلى الله عليه وسلم: «وأسألك كلمة الحق فى الغضب والرضا». على أن الكراهية هنا لا ينبغى أن يكون لها مورد، فإن اختلاف الناس فى السياسات والمواقف، كاختلافهم فى الأحكام والفقه، والواجب هنا: أن تختلف الآراء ولا تختلف القلوب، وأن يعذر الإخوة بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه. والمختلفون هنا يقال فيهم: مصيب ومخطئ، لا مؤمن ومنافق، أو صالح وفاسق، إذا حسنت النيات، وصفت القلوب، وهذا ما يظن بأهل الدعوة إلى الإسلام، وإن اختلف بعضهم مع بعض. فالمصيب منهم مأجور، والمخطئ معذور. بل المصيب مأجور أجرين، والمخطئ مأجور أجراً واحداً، إذا كان خطؤه ناشئاً عن اجتهاد. وفى القرآن الكريم: «عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (الممتحنة): وهذه وردت فى شأن المشركين المعادين، فما بالك بالمسلمين الموالين؟! انتهى كلام الشيخ، وأطلب منه أن يفعل كل ما فى جهده حتى لا تتحول مصر إلى سوريا أخرى. أرجوه أن يفكر فى الأمر من هذه الزاوية. وأرجو أن نطبق فقه الأولويات والموازنات وأزعم أن أولى الأولويات هى أن نحقن الدماء. وكل من له كلمة أو رأى أو قرار عليه أن يُعمله لحقن دماء المصريين، ولننقذ أنفسنا من أنفسنا. وعسى الله أن يجعل بيننا مودة. والله قدير، والله غفور رحيم. الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرضاوى 1954  2014 القرضاوى 1954  2014



GMT 20:48 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

معركة الاتحاد غير العادلة

GMT 20:42 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

المخادعون

GMT 20:41 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ نجم معرض أبوظبي للكتاب

GMT 20:40 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«النتيتة» والصواريخ وفيتامينات الشرح

GMT 20:39 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

من هم العلماء؟!

GMT 05:21 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

سوف يكون يوماً فظيعاً

GMT 05:15 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 19:13 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما
  مصر اليوم - دينا فؤاد تعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 19:04 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

GMT 11:04 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

"فورد" تستدعى 5234 سيارة فى الصين لمخاطر تتعلق بالسلامة

GMT 03:05 2024 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

5 ملايين زائر لمعرض القاهرة الدولي للكتاب

GMT 05:32 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دول غرب أفريقيا تتخذ إجراءات جديدة لإنقاذ الغابات

GMT 18:11 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

عودة ميسي ووصول لاعبو البارسا لمواجهة رايو فاليكانو الليلة

GMT 04:18 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"بي بي" تؤكد بدء إنتاج 50 مليون قدم من الغاز في مصر

GMT 16:41 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

كشف ملابسات مقتل سيدة بمنزلها ذبحًا في دمياط

GMT 08:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 أطعمة مهمة تساعدك في علاج الأرق المزعج

GMT 09:17 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التناقض عنوان المجموعة الشتوية الجديدة لزياد نكد

GMT 11:42 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر guess seducriv I am yours لإطلالة غامضة ومغرية

GMT 23:10 2016 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

مطار سوهاج يُجري تجربة طواريء لطائرة منكوبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon