توقيت القاهرة المحلي 08:46:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قطار الدروس الخصوصية في مصر

  مصر اليوم -

قطار الدروس الخصوصية في مصر

بقلم : أمير شفيق حسانين

تبدأ منظومة الدروس الخصوصية في مصر، في منتصف شهر يوليو من كل عام لطلاب الثانوية العامة، وتزداد انتشاراً في أول أغسطس لطلاب الابتدائية والإعدادية، ثم تتوقف لمدة شهر أو يزيد قليلاً مع الانتهاء من تأدية الطلاب للامتحانات، إلى أن يأخذوا قسطاً من الراحة والترفه والذهاب للمصايف، ثم يعاودون البدء في دروسهم المنزلية في ميعادها كالمعتاد..

ويتحرك قطار الدروس الخاصة من أولى محطاته برياض الأطفال مروراً بمحطة التعليم الأساسي بكلتا حلقتيه الابتدائية والإعدادية، وانتهاء بآخر محطاته، حيث التعليم الثانوي العام والفني بكافة أقسامه، والمعروف أن الهدف الأساسي والمقصود من الالتحاق بقطار الدروس الخاصة خارج المدرسة هو محاولة تقوية وتحسين الطلاب الذين يعانون من ضعف في المستوى العلمي والتحصيلي، أو هؤلاء الطلاب الذين لديهم بلادة واضحة في استيعاب ما يلقى عليهم داخل الفصل من شرح ومعلومات ومسائل، تحتاج لتفسيرها على مهل، بعيداً عن جو الفصول المزدحمة بمدارس مصر..

ولعلك تشاهد الإعلانات الورقية الملصقة على الجدران والحائط والأسوار في كافة شوارع مصر وعلى المباني والمحال التجارية، ويكثر انتشار الإعلانات في مناطق تجمع المواطنين للفت انتباههم، حيث تحمل تلك الإعلانات بيانات كل معلم، وتوضح مؤهلاته ومهاراته، بل وتوجد بالإعلانات عنوان وأرقام هواتف كل معلم للحجز والاستعلام، ويقوم كل معلم بإطلاق لقب ضليع على الإعلان الخاص به، فتقرأ مسميات مختلفة داخل كل إعلان مثل الكينج في الإنجليزية أو البروفيسور في الفرنسية أو الفيلسوف في الفلسفة، أو الإمبراطور في التاريخ، أو الفارابي في اللغة العربية، أو الخوارزمي في الرياضيات، وذلك من باب الدعاية والتفخيم لشأن ولخبرات كل معلم منهم..

وتراقب معلم الدرس الخاص، وهو يبدأ أولى خطواته العملية، بالذهاب إلى البيوت، بدراجة قديمة وصغيرة لإعطاء درس خاص لطلاب متوسطي الحال، ثم يستبدل الدراجة الهوائية، بدراجة بخارية لتوفر له المزيد من الوقت، ثم تمر السنوات، فتتحسن الحالة المادية من عائد الدروس الخصوصية، فيبادر بشراء سيارة ولو موديل قديم كي تحفظ هيبته أمام باقي المدرسين، أما القدامى من أباطرة الدروس الخصوصية فتجد منهم من يركب التمساحة، وآخر يستقل السيارة المرسيدس السوداء، أو الأوبل الفاخرة، والثالث يركب السيارة الأحدث موديل، والأغلى ثمناً، بل يكون في إمكانهم من يشتري أكثر من سيارة إذا أراد، وأكثر من شقة في أرقى الأحياء السكنية بما لديه من أموال وفيرة..

وكثيراً ما نجد فرقة من المعلمين، وقد فتح الله عليهم، بالأعداد الغفيرة من طلاب الدروس الخاصة، فيقومون بتقديم استقالتهم من مدارسهم أو الحصول على إجازة شبة مفتوحة، بأي سبب وهمي، حتى يتفرغون تفرغاً كاملاً لمزاولة مهنة الدروس الخصوصية دون قيود، فترى هؤلاء المدرسون يخرجون من بيوتهم، مع شروق الشمس، ويتنقلون من بيت إلى آخر لتغطية أكبر قدر من الدروس للطلاب، ولا يعودون لبيوتهم إلا عندما يحل سكون الليل المظلم، حتى أن أحد المعلمين أخبرني بأنه لا يجد وقتاً لخلع حذاءه عند العودة لبيته من شدة التعب اليومي.. حتى أن معلماً آخر، كان يعود إلى منزله في وقت متأخر كل ليلة، ليرتمي على أريكة صغيرة في مدخل البيت، ويضع بجواره دراجته البخارية، لا يتمنى إلا النوم والراحة من شدة التعب والإعياء..

ورغم كل هذا ، فالمعلم المصري وخاصة المعلمين المستقلين، الذين لا يعملون في أي مدرسة، يرغبون أن يقننوا أوضاعهم من حيث عملهم بمراكز الدروس الخصوصية التي تنوي الدولة إغلاقها، ومن ثم فلن يكون لهم دخل آخر ينفقون منه على أسرهم، فلعل وزير التعليم يسعى لمساعدة هؤلاء، ومثلهم من يعطون دروساً خاصة بالبيوت، فيكون ذلك الترخيص قانونياً مثله مثل عيادة الطبيب، وصيدليات الصيادلة، ومكاتب المهندسين، فلا دافع إذن، لمحاربة معلمي الدروس الخاصة الذين يسعون على أرزاقهم من تلك المهنة الشاقة، بدلاً من البطالة أو العمل في مهن أخرى تُحط من قدرهم، وتعليمهم الذي تعلموه!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قطار الدروس الخصوصية في مصر قطار الدروس الخصوصية في مصر



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:42 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

درس خصوصي.. حين مطلع الفجر!!

GMT 15:12 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تكنولوجية للنهوض بالتعليم

GMT 11:50 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تدني التعليم والدروس الخصوصية

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon