توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس خصوصي.. حين مطلع الفجر!!

  مصر اليوم -

درس خصوصي حين مطلع الفجر

بقلم : أمير شفيق حسانين

لعل من عجائب الأمور أن يطرق معلم باب تلميذته ، التي هى بالصف الرابع الإبتدائي ، في الخامسة والنصف صباحًا ، كي يُعطيها درسًا خصوصيًا ، ولعل ما أرغمه على ذلك ، افتقاره إلى أية أوقات أخرى للحضور لتعليم الطفلة ، بعدما انشغلت ساعات نهاره وليله ، بمواعيد دُروسه الخاصة ، التي يبدأها منذ باكورة الصباح وتنتهي بحلول ظلام الليل وسكونه !!

وكيف هو شعور أهل البيت عند استيقاظهم ، في ذلك الوقت الحرج ، لاستقبال معلم ابنتهم ، وماذا هو شعور المعلم نفسه ، وهو يزور بيت تلميذته في ذلك الميقات العجيب ، الذي يلي طلوع الفجر بقليل..

وحتمًا أن قدوم المعلم  في ذلك الوقت الباكر من الصباح ، يُعد مصدر قلق جسيم لدى أهل البيت جميعهم، وبخاصة أن التلميذة، ذو العشرة أعوام، ليست قادرة على إيقاظ نفسها فجرًا، لاستقبال معلمها، من دون مساعدة أي من الوالدين..

ولعل تلك الطفلة المسكينة، كانت تستيقظ باكية أو صارخة، وهي تتوسل لوالدتها أن تتركها لكي تنم مزيدًا من الوقت، لتستمتع بدفئ الفراش في جو الشتاء القارس مثل قريناتها، ولكنها ميقات درسها، هو الذي أجبرها لأن تنهض من فراشها ، قبل ميعاد درسها، ربما بساعة زمنية كاملة، لكي تغتسل وتفيق من نومها، ثم تتناول فطورها، وترتدي ملابس مدرستها، وتتهيأ للجلوس مع معلمها ، لتأخذ درسها ، وهي قلقة، خائفة تترقب أن يفوتها ميعاد الذهاب لمدرستها !!..

وما حال تلك الطفلة، وهى جالسة في مقعدها بحجرة الفصل، قليلة التركيز، بعدما حُرمت من أخذ قسط وافر من النوم، وربما يدفعها ذلك للدخول في حالة نوم عميق، يعقبه شخير عالي الصوت!!..

لم أسأل زميلي المعلم، هل كان يُعاقب تلميذته إذا قصرت في واجباتها، فيُسبب لها آثار نفسية ومعنوية سيئة ، فتذهب لمدرستها ، حزينة كارهة للمدرسة والتعليم معًا، رغم استقطاعها من وقت نومها وراحتها، لتُخصصه لأجل درسها، التي يُعقد في ميعاد غير مألوف، وربما أن زميلي المُعلم قد أحدث انفرادًا أو ابتكارًا لم يسبقه به أحد ، بابتداعه لذلك الميعاد القاسي ليُصبح كأي ميعاد لدرس خاص ، ويُصبح صديقي مُعلم الأوقات الصعبة!!..

وماذا لو نامت الطفلة متأخرًا، في ليلة ما، فكيف لها أن تستيقظ منتبهه لدرسها، إلا إذا ظلت، وهي في درسها ، تقاوم النوم وتُدلك عينيها بيديها من حين لآخر حتى لا يغلبها النوم، وماذا لو نام المعلم متأخرًا ، في إحدى الليالي، هل سيقدر على التركيز والشرح بكفاءة ، أم سيظل يتثاءب ويبدو وكأنه في حالة سُكر وشرود ذهني ؟!!..

كان عجبي لا يُوصف وأنا استمع لحديث زميلي ، الذي يحمل جسده فوق طاقته ، ويُهمل في صحته عظيم الإهمال، ويُجهد رِجليه بالذهاب والإياب مرات كثيرة يوميًا، لزيارة أكبر عدد من البيوت، لأجل الدروس المنزلية ، ليجمع المال لمواجهة غلاء المعيشة الفاحش .

كان صديقي المُعلم، دائم الشكوى من حالة اللغوب القاتل التي تلازمه، نتيجة الجهد الهائل جدًا، الذي يبذله ليلًا ونهارًا في دُروسه الخاصة، وكان الحزن دائمًا يرتسم وجهه، وهو يشتكي من أوجاع ظهره وآلام في رقبته وحاجته لإجراء جلسات علاج طبيعي بأمر الطبيب ، مُعترفًا بظُلمُه لنفسه ، حزينًا متحسرًا على حالة الخجل التي تفاجئه ، إذا أصابه النعاس وهو يُعطي درسًا لتلميذ ، فلا يتنبه من نُعاسُه إلا إذا أيقظه التلميذ ، وحينها لا يتمنى المُعلم كل أموال الدنيا ، وإنما تُصبح أعظم أمانيه ، أن يسمح له تلميذه بأن ينام قليلًا ليذهب الصداع الذي يكاد أن يُفجر رأسه ، ولكي يرتاح جسده ، الذي أصابه الوهن والوجع والمرض ، إنه جسد صديقي المعلم الذي لم يبلغ من عمره الثلاثين !!..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس خصوصي حين مطلع الفجر درس خصوصي حين مطلع الفجر



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 15:12 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تكنولوجية للنهوض بالتعليم

GMT 11:50 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تدني التعليم والدروس الخصوصية

GMT 23:10 2017 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

اختراع ..اكتشاف .. لا يهم.. المهم الفائدة

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه

GMT 04:46 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور لها

GMT 09:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

"أدنوك أبوظبي" يحتفل باليوم الوطني للإمارات

GMT 18:05 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"ويفا" يُعلن طرح مليون تذكرة إضافية لجمهور "يورو 2020"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon