توقيت القاهرة المحلي 10:41:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل

  مصر اليوم -

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل

بقلم - علي حيدر

لم يكن إقرار رئيس «شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية» (أمان)، اللواء تامير هايمن، بأن سوريا «تسير الآن نحو الاستقرار» إلا وصفاً لواقع قائم أكثر منه ترجيحاً لمسار على آخر، وهي حقيقة تؤكدها هرولة المهزومين للعودة إلى دمشق، من دون أن يلغي ذلك إمكانية أن يكون جزءاً من خيار جديد لأهداف بديلة. بدا تقدير هايمن أنه إقرار بواقع كان أبعد ما يكون عن مروحة رهاناتهم، خصوصاً أنه أتى بعد سلسلة تقديرات فاشلة وسمت كل محاولات استشراف مستقبل سوريا آنذاك. بدأ مسلسل الفشل منذ اللحظات الأولى للأحداث السورية، عندما توقعت المؤسسة الإسرائيلية، بشقيها السياسي والاستخباري، (السمة الغالبة) سقوط الرئيس بشار الأسد خلال أسابيع، ومن استبعد قليلاً، تحدث عن أشهر .

بعد ذلك، توالت التقديرات البديلة التي حاولت استشراف مستقبل التطورات بالاستناد إلى رهاناتهم على الجماعات الإرهابية التي كانوا يرون أنه من الصعوبة القصوى نجاح محور المقاومة، حتى مع المساعدة الروسية (في بدايات التدخل)، في القضاء على سيطرتهم على الأراضي السورية. واستناداً إلى هذا المفهوم توقعوا في تل أبيب استنزاف حزب الله بما يؤدي إلى إضعافه، على أمل أن يساهم ذلك في تقييد الحزب في مواجهة إسرائيل، وتوفير الأرضية لخيارات وسيناريوات تسمح بتوجيه المزيد من الضربات إليه. انسحب هذا التقدير أيضاً على الرهان على إمكانية تحوّل سوريا إلى مستنقع للقوات الروسية بما يؤدي إلى تقسيم البلد في صيغة هي أبعد ما تكون عما هو قائم الآن.

على خط موازٍ، يرى التقدير الاستخباري الإسرائيلي السنوي، كما ألمح هايمن، أن «حضور إيران يساند هذا الاستقرار»، وهو ما يكشف عن جوانب أساسية من خلفية تركيز الخطاب السياسي الإسرائيلي على الوجود الإيراني في الساحة السورية، خصوصاً أنه أضاف: «يمكن أن يُحدث (ذلك الوجود) مستقبلاً تغييراً مهماً في 2019، لبناء قوتها (طهران) على نحو يمكن أن يمثل تهديداً مستقبلياً لإسرائيل». مرة أخرى تؤكد «أمان» رسمياً أن منبع مخاوفها تكمن في استعادة سوريا قدراتها العسكرية والصاروخية وتطويرها، وهو ما ترى فيه تل أبيب تهديداً لا تستطيع البقاء مكتوفة الأيدي إزاءه. وتكشف أيضاً عن أن التقويم الاستراتيجي لمجمل التطورات التي شهدتها سوريا هو أن إسرائيل خرجت خاسرة من هذه الحرب، وباتت أمام بيئة إقليمية تنطوي على تهديدات لم تكن لتخطر على بال أي من قادتها.

   «الاستخبارات الإسرائيلية»: 2019 عام بناء القوة لدمشق

يمهد هذا النوع من التقدير الاستخباري إزاء مستقبل سوريا المنظور لحقيقة أن إسرائيل عازمة على مواصلة اعتداءاتها في الساحة السورية، على أمل أن يساهم ذلك في الحد من المسار التصاعدي لدمشق ومحور المقاومة، وفقاً لما شخَّصه هايمن في كلمته. ومع أن كل اعتداء بات ينطوي على إمكانات تدحرجه (إلى مواجهة) لكن محدودية الخيارات تدفع تل أبيب إلى الإصرار على خيارها العدواني، وما ذلك إلا نتيجة قناعة راسخة بأن استكمال نهوض سوريا هو تهديد للأمن القومي الإسرائيلي، وتراجع لمكانة العدو الاستراتيجية على مستوى المنطقة.

مع ذلك، من الواضح أن القيادتين السياسية والعسكرية تدركان حجم القيود التي فرملت حتى الآن الكثير من السيناريوات، وأنها عندما حاولت تجاوز بعض المعادلات في نيسان/ أبريل الماضي (اعتداء مطار تيفور) كادت تتدحرج نحو مواجهة واسعة. كما تدرك تل أبيب الرسائل والمفاعيل الكامنة في الخيارات الانكفائية للولايات المتحدة، التي سوف تنعكس سلباً عليها، حتى لو حاولت المكابرة. والواقع أن عوامل متعددة تساهم في إحكام هذه القيود على مؤسسة القرار الإسرائيلي: بدءاً من استعادة النظام سيطرته على أغلب الأراضي، وإظهاره المزيد من الاستعداد للتصدي والمواجهة، إضافة إلى تطور قدرات محور المقاومة بصورة نوعية وغير مسبوقة في معادلات الصراع، وصولاً إلى استمرار الاشتباك السياسي مع موسكو، وهو ما ترى فيه تل أبيب عقبة رئيسية تحتاج المزيد من المعالجة.

برز كل ذلك في طيّات كلام هايمن: «هذا الحضور لإيران مع عودة الاستقرار إلى سوريا تحت المظلة الروسية أمر نتابعه بدقة». وفي مواجهة هذا الواقع المركب والمتعدد الأبعاد، تواصل تل أبيب مساعيها لتحييد الطرف الروسي والعودة معه إلى ما قبل الثامن عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، موعد سقوط الطائرة الروسية. ويحضر في هذا السياق الاعتداء الجوي الأخير على سوريا، الذي كان واضحاً أن أهدافه تتجاوز البعد العسكري، القائم بذاته، وإنما محاولة إيصال رسالة إلى «جهات عدة، ليس فقط طهران ودمشق وبيروت، وإنما موسكو».

وفق صحيفة «إسرائيل اليوم»، إن «روسيا غير راضية عن الهجمات الإسرائيلية، ليس لأنها مع إيران، وإنما لأنها ترغب في الهدوء للتمتع بثمار إنعاش الاقتصاد السوري. وفي نظرها المعادلة بسيطة: مواصلة الهجمات = فوضى = مال أقل»؛ ما قد يعني أن إسرائيل سوف تواصل اللعب على حافة التدحرج على أمل بأن يساهم ذلك في استدراج موسكو إلى التفاهم على صيغة تؤدي تحييدها كلياً وتدفعها إلى الضغط على الطرف الإيراني. لكن مشكلة هذا النوع من الرهانات أن تل أبيب لا تعتمد عليه انطلاقاً من قناعة راسخة بأرجحية تحققه، وإنما لأنه ليست لديها خيارات بديلة أكثر نجاعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل نهوض سوريا تهديد لإسرائيل



GMT 21:23 2019 السبت ,08 حزيران / يونيو

الثانوية الكابوسية.. الموت قلقا

GMT 19:55 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

تسارع استعادة السيطرة السورية على شرق الفرات ؟

GMT 19:52 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

سورية والعائدون إليها

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon