توقيت القاهرة المحلي 02:41:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البيئة الحاضنة

  مصر اليوم -

البيئة الحاضنة

بقلم : محمود حساني

ظاهرة التطرف الذي ابتلت به مصرنا الغالية منذ عزل جماعة "الإخوان" المحظورة عن حكم البلاد ، في اعتقادي ليس وليد الوقت الراهن ، كما يتصور البعض ، وإنما يعود إلى العقود الثلاثة الماضية ، حيث تربى وترعرع وأخذ في النمو ، إلى أن جاءت اللحظة التي خرج فيها بعد أن اكتمل نموه طوال الثلاثين سنة الماضية ، وهي فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

يُخطئ من يعتقد أن التطرف ، خرج علينا بين عشيةً وضحاها ، في ظل وجود الظروف والأسباب التي ساعدته على النمو ، والتي تُعرف في العلوم السياسية بمصطلح " البيئة الحاضنة ".

لم أُصب بالدهشة كغيري ، عندما توقفوا أمام الأسماء التي أعلنتها الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية ، وجاءت جميعها ، من محافظة واحدة في أقصى صعيد مصر، وهي محافظة قنا ، حيث الفقر والجهل وغياب التنمية وانعدام فرص العمل ، كل ذلك ساعد على توفير البيئة  اللازمة لخلق عناصر متطرفة ، ضف إلى ذلك أن الصعيد يُعد مركزاً لتواجد قيادات وعناصر الجماعات الإسلامية التي تتخذ من الجبال مخبأً لها تُمارس فيه أنشطتها ، وتستقطب عناصرها الجديدة ، وتُدربها على حمل السلاح ، كل ذلك بعيداً عن أعين الأمن .

هي جماعات صاحبة تاريخ دموي عنيف مع الدولة المصرية خلال فترة التسعينيات ، بلغت ذروة أعمالها المتطرفة ، باستهداف مديرية أمن أسيوط ، التي راح ضحيتها العشرات من رجال الشرطة .

إذن علينا أن ندرك تماماً ونحن في  الحرب التي نخوضها في مواجهة التطرف ، أن المواجهة ليست أمنية كما يتصور البعض ، بل هي مواجهة شاملة ، أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية ، فالمواجهة الأمنية وحدها ، لن تقضي على التطرف ، بقدر ما ستساعد على انتشاره ونموه واستقطاب عناصر جديدة .

لذا علينا أن ندرك تماماً ، دور التنمية في مواجهة التطرف ، فحان الوقت أن نلقي نظرة نحو  صعيد مصر وأهله ، الذي غاب عن نظر جميع الحكومات المتعاقبة ، خلال العقود الثلاثة الماضية ، وأصبح تركيزها منصبًا على محافظات الوجه البحري ، لذا لابد من تنمية حقيقية ، في صعيد مصر ، يشعر معها المواطن الصعيدي ، أنه ليس مواطن درجة ثانية أو مهمش ، محروم من أبسط حقوقه ، وهي الحق في الحصول على خدمة صحية جيدة ، والحق في الحصول على فرصة عمل مناسبة ، فبدون  القضاء على أسباب تواجد التطرف ، لن نتمكن من مواجهته ، وستذهب محاولاتنا هباءً.

فالتطرف لم يعد كما كان في الماضي ، يتم استقطاب العناصر الجديدة ، من خلال السيطرة على عقول الشباب ، وإجراء عمليات غسيل مخ ، واستغلال جهله وفقره ، وهي أمور بطبيعتها كانت تستغرق شهور ، حتى تنجح الجماعة الإسلامية ، في استقطاب عنصر جديد ، وإنما أصبح الأمر  في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ، لا يستغرق سوى دقائق ، لاستقطاب عنصر جديد .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيئة الحاضنة البيئة الحاضنة



GMT 13:32 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 22:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 10:24 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حق المنفعة في مخيمات اللجوء

GMT 17:51 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بوكرة شو" ابتسامة سعد للمستقبل

GMT 11:03 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مصر والقضية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:52 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يقضي على التهاب المفاصل بأطعمة متوافرة

GMT 03:14 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تنتقد التبذير في جهاز العرائس

GMT 14:30 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

"مايكروسوفت" تؤجل إعادة فتح مكاتبها بالكامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon