القاهرة - هناء محمد
اعتبر خبراء أن رفع تذكرة مترو الأنفاق وسيلة النقل الأكثر استخدامًا في مصر، ليس القرار الأخير، متهمين الحكومة بأنها لا تعمل على خلق حلول جدية، ولا تفكر حال وقوع أي أزمة، إلا في فرض الضرائب، وإلغاء الدعم من دون البحث عن حلول حقيقية للأزمات. وعلى الرغم من أن المصريين لازالوا يعانون من تبعات قرار تعويم الجنيه، إلا أن الحكومة تمضي في خطتها مع صندوق النقد الدولي، التي ربما تحمل قرارات اقتصادية، لا تقل قسوة عن التعويم.
ومن ضمن خطتها، ينتظر المصريون 3 قرارات جديدة تزيد من الضربات المتلاحقة عليهم خلال الفترة الأخيرة، تتمثل في ارتفاع أسعار الكهرباء، وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 إلى 14%، والاتجاه نحو خفض جديد في دعم المواد البترولية وهو الأخطر، حسب محللين.
وتساهم هذه القرارات في زيادة تكلفة إنتاج السلع، وكذلك رسوم النقل ومن ثم يتحمل المستهلك الأسعار النهائية، كعبء جديد من تكاليف المعيشة المرتفعة بالفعل، جراء إجراءات إصلاحية سابقة في بلد يعاني 27 % من سكانه من الفقر. وقفزت معدلات التضخم في مصر خلال شهر فبراير/ شباط إلى 31.7% لتسجل أعلى نسبة خلال الثلاثة عقود الماضية، بعد تدابير حكومية ساهمت في الأزمة ومنها رفع أسعار الكهرباء 40% في أغسطس/آب، مع قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في تشرين الثاني/نوفمبر، ما أدى إلى انخفاض قيمته رسميا، وتوالي ارتفاع الأسعار.
وبعد ارتفاع سعر تذكرة المترو وأسعار الوقود والكهرباء والغاز والسلع الأساسية، لم يتبق سوى رغيف الخبز الذي لم يرتفع سعره حتى الآن، فهل سيكون عليه الدور؟ ويجيب عن ذلك الدكتور إبراهيم الأخرس عضو المكتب الفني لوزير التموين، الذي قال إن رغيف الخبز خط أحمر ولا يجوز التعدي عليه أو أن ننظر إليه لأنه الملاذ الأخير للفقراء ومحدودي الدخل.
وأضاف أن القيادة السياسية في مصر منذ عام 1989، وهي لا تزال تصرف رغيف الخبز للمواطنين بـ5 قروش وتتحمل الدولة التكلفة الفعلية التي تقدر بحوالي 60 قرشًا، لافتًا إلى أن ثقافة الاستهلاك في مصر، مازالت تخضع لرغيف الخبز على أساس الكم وليس الكيف. وأوضح عضو المكتب الفني لوزير التموين، أن التحول الذي من الممكن أن يطرأ على منظومة الخبز في مصر لن يكون في الوقت الجاري، لأنه لن يجروأ أحد على ذلك ولكن من الممكن أن نشهد في الفترة المقبلة تحول منضبط في طرق منحنية إلى الدعم النقدي على مراحل، بسبب المشاكل والتسريب الذي تشهده منظومة الخبز وخاصة في التوزيع.
وأشار الأخرس إلى أن التحول إلى الدعم النقدي، أفضل بكثير من الدعم العيني، لضمان وصول الدعم لمستحقيه، وإن هناك حوالي 7 إلى 10 مليار جنيه يتم تسريبها من مخصصات الدعم العيني. ووائل النحاس، الخبير الاقتصادي قال إن الحكومة كانت لديها نوايا لتعديل منظومة الخبز ورفع الدعم عنه تدريجيا بالإشاعة التي خرجت منذ أسابيع قليلة، بتخفيض نصيب الفرد من الخبز لـ3 أرغفة بدلا من 5، ولكن تراجعت عن ذلك بعد التظاهرات التي نظمها المواطنين في بعض المحافظات برفض القرار. وأضاف النحاس، أن الحكومة لن تستطيع الاقتراب من رغيف الخبز في الوقت الجاري، ولكنها ستعمل على هيكلة منظومة نقاط الخبز تدريجيا حتى تتوقف عنها تمام، مشيرا إلى أن هناك تغييرا شاملا في منظومة الخبز قبل شهر سبتمبر/أيلول المقبل بسبب اتجاه الدولة للتحول إلى الدعم النقدي بدلا من الدعم العيني.
وبيّن الخبير الاقتصادي، أن ذلك كله يأتي في ظل شروط صندوق النقد الدولي، التي تطالب بتخفيض وتطوير دعم الخبز والتحول إلى الدعم النقدي. وقال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، "الخوف من رد الفعل هو العامل الرئيسي فى عدم اقتراب الدولة حتى الآن من دعم رغيف العيش"، مشيرا إلى أن الحكومة تتخذ القرارات بناء على رد فعل الناس تجاهها، مضيفًا "الحكومة لو ضامنة رد فعل الناس على زيادة رغيف العيش هتزوده من بكرة".
وأوضح الدمرداش، أن الحكومة الحالية ما هي إلا حكومة "جباية" وأن ما يصدر عنها من قرارات تهدف بها جمع اﻷموال بأي طريقة حتى لو كانت على حساب الشعب، قائلًا "اللي اتعمل في موضوع رفع تذكرة المترو دوشة على الفاضي، واستهبال من الحكومة". واعتبر رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن زيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق، ليس بالقرار الأخير على عاتق المواطن البسيط، بل ينتظره الكثير، قائلًا "الحكومة ليس أمامها غير المواطن لتحصيل للضرائب والرسوم وزيادة الأسعار، لسد العجز الذي وقعت فيه بسبب قراراتها". وأشار إلى أن منظومة المترو في مصر تعاني من سوء الإدارة، ونقص الخبرات الاقتصادية في منظومة المترو للعمل، على استغلال الأمثل لموارد المترو، ليصبح ضمن الدخل القومي للدولة.
أرسل تعليقك