توقيت القاهرة المحلي 23:38:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معرض "أساطير" يتضامن مع الرموز الأنثوية المغيبة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - معرض أساطير يتضامن مع الرموز الأنثوية المغيبة

أبو ظبي - وكالات

تعمل الفنانة الإماراتية الشابة وفاء إبراهيم الحوسني ضمن حقل بصري يتنفس وينهل مما يمكن أن نطلق عليه (رومانسيات الفقد) التي تستدعي، وفي أفق مفتوح على الذاكرة والإشراقات الداخلية، كل ما يحيل إلى ماض يحتفل بخصوصيته وعمقه وتجذّره في الحكايات الخضراء للأمهات، وفي المرويّات الزاهية بأقواس قزح، والمكسوة بشفافية البوح عند الجدّات المسترسلات بوجدهن الطاغي، وحنانهن الكثيف، خلف غيوم داكنة من الغيابات والنسيان القاحل. قدمت وفاء إبراهيم هذه الاقتراحات الذاتية والفنية الدافئة والمتضامنة مع رموز أنثوية مغيبة، في معرضها الأول بعنوان: (أساطير) الذي افتتح مساء أمس الأول برواق الفنون في المنطقة القديمة بالشارقة، ضمن فعاليات مهرجان صيف الفنون ومن تنظيم إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. شفافية النساء.. روح المكان اشتمل المعرض على ثلاثة أقسام اختلفت فيها تقنيات العمل على الخامة وعلى النص الأدبي المعزّز لفضاءات العمل، ولكنها اجتمعت في ذات الوقت على الاستئناس بفيض طاهر من التشكيلات الافتراضية لطعم ولون ورائحة المحبة، وفي حدودها القصوى التي لا تتوسّل المكاشفة، بقدر ما تنطوي على الإيحاء والرمز والدلالات المشبعة بصمتها العارم والأنيق أيضاً. ففي الغرفة الأولى التي أطلقت عليها عنوان: (سفيرة المعرض) صنعت الفنانة مجموعة من الملصقات الورقية المكدسة في صناديق ورقية صغيرة ملصقة بالجدار، حيث تجسّد هذه الملصقات صوراً لنساء ملفعات بالملابس التراثية والتقليدية الغنية بتشكيلاتها وزخارفها وتصاميمها المحلية، بحيث يمكن للزائر أن يأخذ هذه الملصقات معه، ويعيد عرضها في مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، لكي يكون هذا المتلقي أو الزائر شريكاً فاعلًا للترويج لأعمال المعرض والتفاعل الروحي والبصري معها، وفي الجهة المقابلة لغرفة العرض، تقدم الفنانة نصاً أدبياً باذخاً، وبصيغته الكاليغرافية والتزيينية المنتمية لفضاء المعرض والمنبعثة أيضاً من مكامنه السحرية والخيالية، ففي مقطع من نصها الطويل تقول الفنانة: «على سطح البحيرة، تطلّ إحدى الحوريات برأسها، فتسرق من الكون البهاء، كل النساء يطمحن لهذا الوضوح من الصفات، تحملهن الحوريات بين طيات قلوبهن، وأنا إحداهن، تتوالى السنوات بكل لحظاتها الكبيرة، لتشكل أسطورة الحياة والحب والألوان تحت سر هذا القاع الممتلئ بالأسرار». في الغرفة الثانية التي حملت اسم (شفافية النساء) تعرض الفنانة مجموعة من التكوينات الورقية المتشابكة والمتناوبة بين البياض المؤطّر بالفراغ، وبين الألوان المائية، والتشخيصات الأنثوية المكسوة بجاذبية مستترة، وزخارف وخطوط دقيقة تمليها طبيعة وخصوصية اللباس والأزياء الشعبية القديمة، التي لم تعد رائجة في زمننا، وتتناوب كل مجموعة من هذه التشكيلات الورقية البارزة في سرد حكايات منفصلة تشعّ في ثناياها مفردات العزلة والنوستالجيا وحميمية التواصل وفداحة الفراق وفردوس المسرّات العائلية، وقسوة الغياب ومرارته، وكأن هذه الملصقات تقدم لنا دراما الحياة، وجدلية الوجود الذي يبدأ من الأنثى كرمز للخصوبة والفرح، وينتهي بها أيضاً كأمثولة مطرزة بالحزن والجراحات الغائرة. في الغرفة الثالثة والأخيرة التي حملت اسم (روح المكان) قدمت الفنانة وفاء إبراهيم مناخاً بصرياً تتداخل فيه شيفرة المعنى واشتراطاته الخفية، مع شيفرة الحضور المجسم بكامل ثقله وتدفقه الفيزيائي الملحوظ والمتعيّن دون لبس أو شبهة، حيث توائم الفنانة هنا بين أصص النباتات المنزلية التي تستدعي روح الغابة واختلاجات المطر وموسيقى الطيور الخضراء المندسة بين العشب والأوراق الفارهة، وبين تشكيلات ورقية محايدة تحاول رغم عجزها البيولوجي أن تحاكي الطبيعة النابضة برقتها وشفافيتها وطغيانها الأليف، وكأن الفنانة هنا تحتفل بأنوثة الحياة ذاتها، عندما تتحول كل الكائنات والنباتات إلى قلوب راجفة وعيون شاخصة وآذان صاغية إلى مكامن الجمال والجلال والفتنة التي تمنحها الأنثى بسخاء متدفق وغير منقطع. توظيف مختلف وفي مدونة المعرض أشارت كلمة إدارة الفنون بـ «ثقافية الشارقة» إلى أن الفنانة وفاء إبراهيم «تقدم أعمالها الفنية المعتمدة على وقع وتأثير كلمة (أسطورة) ولكنها توظفها في سياق خاص ومختلف يتعلق بالنساء المبرقعات اللواتي يخفين قامات من الحب والحنان والعطاء، ضمن تقنية خاصة للفنانة تتحدث فيها عن شخصيات نسائية مختلفة وتحتفي بعطائهن من خلال شفافية الأوراق المرسومة والمنفذة بالألوان المائية والمتشابكة وسط طبقات منفصلة ومتداخلة في الوقت ذاته». وأشارت المدونة إلى أن «هناك جزءاً مهماً من المعرض يعتمد على تفاعل الجمهور ومشاركته في التواصل الذهني والعملي مع الأعمال المنفذّة، وعبّرت كلمة إدارة الفنون عن طموحها في أن يسهم هذا المعرض بتحقيق الأهداف المتعلقة بنشر الذائقة الفنية في المجتمع، والأخذ بيد المواهب التشكيلية الإماراتية الشابة، ووضعها في الطريق الصحيح، وأن يساهم المعرض في تنويع وإغناء المشهد الفني والتواصل المعرفي مع المتلقي، وأن يتفاعل معه بالشكل الذي يثري وينمّي ثقافته البصرية». تمرحلات وتبدلات وفي حوار مع (الاتحاد) أوضحت الفنانة وفاء إبراهيم أنها استوحت فكرة معرضها (أساطير) من المراحل والتبدلات التي تطرأ على حياة النساء بمختلف أعمارهن، وفئاتهن المجتمعية. وقالت إنها أعطت النمط الأنثوي القديم الذي تمثله الأمهات والجدات الجانب الأكبر والأكثر حضوراً في المعرض، نظراً لطغيان العادات الجديدة والتحولات الهائلة في منظومة المكان، والتي لم تعد تستوعب أو تتعاطى مع هذا النمط الأنثوي الآيل للانقراض، والذي ما زال مرتبطاً ولو بشكل مؤقت وعابر مع مخيلة وحنين وانتباه البعض، وخصوصاً الفنانين الذين يحاولون خلق فضاء مشترك بين ما هو عصري وحديث، ومع ما هو منسي ومهمل في ضباب الأيام البعيدة. وحول التقنيات والخامات والأساليب الفنية التي اعتمدتها في معرضها، قالت الفنانة وفاء إبراهيم إنها اعتمدت على خلق مستويات وطبقات متداخلة من الورق بحيث تعبر كل طبقة عن المراحل التي تمر بها الأنثى في حياتها، وبشكل بانورامي، يحكي قصصاً وروايات خاصة وعامة حول المرأة التي يمكن لها أن تتجاوز الواقع الصعب باللجوء إلى واقع افتراضي يزدحم بالأحلام والأساطير والروحانيات، وأضافت أنها استخدمت الألوان والبياض وتأثيرات الإضاءة والظل، لمنح تعبيرات بصرية متمايزة ومتصلة في ذات الوقت داخل النسيج العام للعمل الفني. وحول التيار الفني الذي تميل إليه والذي ترجمته وطبقته في معرضها الأول قالت الفنانة إنها مختصة ومهتمة أساساً بالتصميم الفني، كما أنها تميل لاستخدام الألوان المائية وتقنية الكولاج، ولذلك حاولت في هذا المعرض ومن خلال هذه التقنيات المختلفة أن تقدم مفاهيم ورؤى خاصة لنظرتها، وانتمائها، وانتصارها للمرأة التي قاومت ولا تزال تقاوم رياح التغيير الاجتماعي الذي طمس الكثير من جماليات الماضي وتفاصيله اللونية والتراثية والإنسانية المترنحّة بين اليأس والأمل. بطاقة تعريف الفنانة الإماراتية الشابة وفاء إبراهيم الحوسني، خريجة كلية الفنون الجميلة بالشارقة، عام 2009، وتعمل حالياً مدرسة للتربية الفنية، وفي نفس الوقت ما زالت مواظبة على إنتاج أعمال فنية جديدة، ومن الملاحظ في أعمالها، الاعتماد على السرد القصصي والحكائي، واستخدام الشخصيات المتميزة كمحور رئيسي للعمل، وباستخدام خامات مختلفة مثل اللون والحبر والمطبوعات الورقية والتعبير الأدبي والشعري المتجاوز لحدود الواقع وصرامته.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معرض أساطير يتضامن مع الرموز الأنثوية المغيبة معرض أساطير يتضامن مع الرموز الأنثوية المغيبة



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon