توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجنازتان المهيبتان

  مصر اليوم -

الجنازتان المهيبتان

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

فى الليالى الظلماء نبحث عن ضوء، وفى الأيام السوداء نبحث عن بارقة أمل ولم تشهد منطقتنا أياماً أكثر سواداً مما نعيشه الآن، بعد أن انغمس كثير من بلدانها، وقطاعات واسعة من شعوبها, فى حروب تعصب وكراهية وعنف وإرهاب. 

ولذا لا ينبغى أن يمر حدث تشييع السياسية المناضلة فاطمة إبراهيم فى السودان، والفنان المثقف عبد الحسين عبد الرضا فى الكويت، قبل أيام دون أن نلتمس منهما شيئاً من الأمل الذى ينبغى التمسك به حين نتأمل حالة منطقتنا ونفكر فى مستقبلها. 

جنازتان مهيبتان يقل مثلهما هذه الأيام فى الحجم، ويندر ما يشبههما فى تنوع المشيعين واختلاف انتماءاتهم وأفكارهم، وتناقض مواقفهم، جموع غفيرة شيَّعوا الفنان الكوميدى الكبير عبد الحسين عبد الرضا تحت درجة حرارة اقتربت من الخمسين إلى مثواه الأخير فى مقبرة الصليبيخات. مشاعر إنسانية فياَّضة تعلو الانتماء المذهبى الذى مازال التطرف فيه يصب الزيت على نار حروب، ويؤَّجج صراعات، فى المنطقة. لا أثر للانتماء المذهبى فى جنازة فنان شيعى. الكويتيون، والعرب الآخرون، الذين شيَّعوا عبد الرضا يحبونه فناناً وإنساناً أياً كان مذهبه. صور الجنازة تُظهر أن اللافتات الأكثر شيوعاً هى التى كُتب فيها «نحبك». ويالها من كلمة باتت شحيحة فى عصر الكراهية والبغضاء. 

لم يختلف المشهد كثيرا فى تشييع فاطمة إبراهيم فى اليوم نفسه إلى مثواها الأخير فى أم درمان، كان اليساريون الذين شيَّعوا رفيقتهم القيادية فى الحزب الشيوعى السودانى قلة وسط جموع المشَّيعين من مختلف الاتجاهات، كانت أعلام حزب الأمة بألوانها الخضراء والحمراء والسوداء، وأعلام حزب الاتحاد الديمقراطى بألوانها الخضراء والصفراء والزرقاء، ترفرف معاً إلى جانب أعلام الحزب الشيوعى الحمراء. 

حضور نسائى قوى، وغير معتاد فى تقاليد الدفن فى السودان، اعترافاً بفضلها فى الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها، الأمر الذى جعلها جديرة بأن تكون المرأة العربية الوحيدة التى رأست اتحاد النساء العالمى. 

مشهدان يساعدان فى التمسك بالأمل فى الخروج من الخنادق السياسية والدينية والمذهبية والعرقية التى يتخندق فيها معظم العرب اليوم، ويتحين هذا الفريق أو ذاك منهم الفرصة للانقضاض على آخر يكرهه. فما أشدها حاجتنا إلى البحث عن أى ضوء وسط الظلام المخيم على منطقتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنازتان المهيبتان الجنازتان المهيبتان



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon