توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إرث سورية الحضاري الغني مهدد بالفناء

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - إرث سورية  الحضاري الغني مهدد بالفناء

دمشق ـ وكالات

لم تؤد الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا الى قتل الآلاف وتشريد الملايين فحسب، بل أدت ايضا الى إحداث دمار لا يمكن إصلاحه لعدد من أثمن المواقع التاريخية في العالم. يقول المؤرخ دان سنو إن تدمير الآثار السورية أمر يجب ان يثير قلق الإنسانية جمعاء.ففي أغسطس آب 2012، إندلع حريق ضخم أتى على قلب مدينة حلب التاريخي، حيث أصيب سوق المدينة المسقف الذي شيد في العصور الوسطى بدمار شامل.يذكر ان حلب تعد موقعا من مواقع الإرث الحضاري العالمي، حسبما صنفتها منظمة اليونسكو، أي انها تشكل جزءا مهما من الارث الحضاري الإنساني. وكان مركز مدينة حلب قبل اندلاع الحرب الحالية محافظا عليه بشكل مذهل، وربما كان افضل نموذج من نوعه في العالم دون استثناء. أما الآن، فقد دمرت اجزاء مهمة منه بسبب القتال الذي ما زال دائرا في سوريا منذ اوائل عام 2011، والذي تسبب في قتل 50 الف شخص تقريبا واصابة اعداد كبيرة بجروح وسجن وتعذيب آلاف اخرى وتشريد الملايين.لقد عدت للتو من سوريا، حيث كنت أعد برنامجا يتناول تأثير التاريخ على الحرب الجارية حاليا. وقد اكتشفت اثناء وجودي هناك انه من الخطورة بمكان الوصول الى العديد من المواقع الأثرية.ولكن السوريين الذين التقيتهم تكلموا بحزن عن الدمار الواسع الذي لحق بإرث بلادهم الحضاري، فهم يعلمون جيدا ان هذا الإرث هو الذي يجعل سوريا بلدا فريدا. فسوريا والبلاد التي تجاورها هي مهد الحضارة الإنسانية، حيث طور الإنسان الزراعة للمرة الأولى ودشن الحياة الحضرية المتطورة واخترع حروف الهجاء. أما حلب، فهي واحدة من أقدم المدن المأهولة على وجه البسيطة.وضعت الجغرافيا سوريا في قلب التاريخ الإنساني، حيث تقع على طريق الحرير التجاري القديم الذي يربط الشرق بالغرب. فالتوابل والاقمشة والذهب والعاج وغيرها من البضائع الثمينة كانت تمر بالمدن السورية قبل ان تصل الى مبتغاها في الغرب او في الشرق. وتبع الغزاة التجار، فقد غزا المصريون القدامى والفرس والاسكندر المقدوني والروم والمسلمون والمغول والعثمانيون و - لاحقا - الفرنسيون والبريطانيون، هذه البلاد وأخضعوها لحكمهم. وقد ترك كل من هؤلاء الغزاة بصمته على سوريا، ولذا تزخر البلاد بالمواقع الأثرية الثمينة التي قل نظيرها في العالم، ففي سوريا قرى بنيت في فترة التحول من ما قبل التاريخ الى التاريخ، قرى تعلمنا كيف تحول الانسان من حياة الصيد الى الحياة الزراعية وهو واحد من اهم التحولات التي طرأت على الجنس البشري. وهناك مدن رومانية، واعظم القلاع في العالم وأجمل القصور والأسواق الإسلامية. ولكن السوريين انقلبوا على بعضهم في حرب أهلية دموية شرسة، وبينما من الصحيح ان يركز الاعلام على معاناة المدنيين السوريين، يجب الا ننسى بأن إرث سوريا الحضاري يتعرض هو الآخر قد يبدو من القسوة أن نتكلم عن الحجارة في وقت يموت فيه الأطفال بردا في مخيمات اللاجئين المكشوفة، ولكن الإرث الحضاري السوري يهم الانسانية جمعاء - ويهم السوريين بوجه الخصوص، حيث سيعتمدون على هذا الإرث كعنصر مهم في اقتصادهم بعد ان يحل السلام. تبدو قائمة الخسائر التراثية والأثرية مخيفة حقا. ففي سوريا عدة مواقع اعترفت بها منظمة اليونسكو كمواقع عالمية للإرث الحضاري. فبالاضافة الى حلب، هناك دمشق وبصرى وقلعة صلاح الدين وقلعة الحصن ومدينة تدمر الرومانية اضافة الى العديد من القرى التي يزخر بها شمال البلاد. ؤكد ايما كونليف، وهي اخصائية في الحفاظ على الارث الحضاري العالمي وباحثة في جامعة دورهام الانجليزية ومؤلفة كتاب حول تأثير الحرب على الآثار في سوريا، ان جميع المواقع الأثرية في البلاد دون استثناء قد تضررت مضيفة ان اجزاء من حلب اصابها دمار لا يمكن اصلاحه. هذا لوحده يعتبر كارثة، ولكن الدمار الذي لحق بحلب لا يمثل الا جزءا من الصورة الكبيرة القاتمة، إذ قالت لي كونليف إن ما تمكنت من تسجيله عن الدمار ملأ 200 صفحة. فقد تعرضت قلعة الحصن، وهي واحدة من أجمل القلاع في العالم، الى قصف بالمدفعية عندما كان الجيش السوري يحاول تطهيرها من القناصة الذين كانوا يستمكنون فيها، بينما احتل اللاجئون العديد من المباني والقرى الأثرية يعيثون بها ويسرقون آثارها.وتشير تقارير أصدرتها الحكومة السورية الى وقوع "أعمال تنقيب غير قانونية في بعض قبور تدمر غير المكتشفة"، ولكن في نفس الوقت هناك صور لدبابات الحكومة وهي تسير على الطريق ذي الأعمدة في تلك المدينة الرومانية القديمة.وكان المبعوث الأممي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي قد قال في تقرير نشره في سبتمبر / أيلول الماضي إن "جوامع وكنائس وأسواق قديمة ومهمة" في حمص "قد أحيلت الى أطلال" بما فيها كتدرائية أم الزنار التي يعود تاريخها الى فجر المسيحية في سنة 59 ميلادية. فهذه الكنيسة، التي ظلت مستخدمة بشكل متواصل لألفي سنة تقريبا، اصيبت بدمار كبير وهي مغلقة الآن. ويقع بالقرب من كتدرائية أم الزنار مسجد خالد بن الوليد الذي يعود تاريخه الى فجر الإسلام ويحوي قبر القائد الاسلامي الشهير. وقد اصاب هذا المسجد هو الآخر دمار كبير جراء القصف المدفعي. وتقول كونليف وغيرها من الخبراء إن دائرة الآثار الحكومية السورية تقوم بجهد جبار في سبيل إنقاذ ما يمكن انقاذه، ولكن حجم الدمار لا يتناسب مع الموارد المتواضعة المتوفرة لها. فقد قامت الدائرة بنقل القطع الأثرية من المتاحف الى سراديب وأماكن آمنة أخرى، ولكن الدائرة التي تفتقر الى التمويل الكافي حتى قبل الحرب لا يمكنها ان تسيطر على الموقف تحت الظروف الصعبة الراهنة.اضافة لذلك، فقدت الحكومة السورية السيطرة على جزء كبير من حدود البلاد، مما يسهل عمل مهربي الآثار، إذ يقول أحد التقارير إن مواد آثارية قيمتها ملياري دولار قد هربت فعلا من البلاد حتى الآن.إن الإرث الحضاري يعتبر اللحمة التي تربط بين طوائف الشعب المختلفة، فهي كالصور العائلية والحلي المتوارثة والقصص تشكل أرضية الذاكرة الجمعية للأمة. الكنوز الأثرية ضرورية اذا كنا نريد لروح سوريا أن تتعافى واذا كنا نريد لاقتصادها أن يزدهر. فالمواقع الأثرية ستلعب دورا مركزيا في جذب الزائرين.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرث سورية  الحضاري الغني مهدد بالفناء إرث سورية  الحضاري الغني مهدد بالفناء



GMT 06:03 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

«السياحة» تحتفل بالذكرى الـ121 لإنشاء المتحف المصري في التحرير

GMT 00:34 2023 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

وزارة الأوقاف المصرية تفتتح 17 مسجدًا فى عدد من المحافظات

GMT 07:13 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ترميم المومياوات باستخدام الذكاء الاصطناعي في مصر

GMT 07:12 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على 5 قبور جديدة تعود للعهد الروماني في غزة

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon