القاهرة - مصر اليوم
جلس الأب تنطلق من عينيه شرارات الغضب، تسري الدماء في عروقه سريان النار في الهشيم كلما اخترقت أذنيه كلمات شقيقته تتهم فيها فلذة كبده ابنة الـ17 عامًا بسرقة مشغولات ذهبية من شقتها.
وتوجه الأب بخطوات يشوبها غيظ وانتقام لمواجهة الابنة، حيث اصطحبها إلى شقته الخاصة تحت التشطيب، وبدلًا من أن يحتويها بعطف وحنان تحول إلى جلاد ونهرها ووجه لها السباب الذي سبقته يداه وصفعها على وجهها الذي كاد تنفجر منه الدماء.
انعقد لسانها، وتجمدت الدموع في عينيها عندما قام بتقييدها وشل حركتها لتبدو كحيوان أليف لا حول له ولا قوة، ليس ذلك فحسب بل انهال عليها بعصا "خرزانة" بأماكن متفرقة من جسدها، وتركها وحيدة، عقابًا لها، لتلقى مصيرها وسط حزن دفين وأنين، ولم يكن يعلم ماذا يخبئ له القدر.
عاد الأب المكلوم، ليجدها نائمة القرفصاء، ويعلو وجهها الشحوب والإعياء، ازدادت دقات قلبه، وتقطعت أنفاسه، وسارع بحملها وتوجه إلى شقيقه في محاولة لإنقاذها، لكن بدون جدوى حيث ماتت. لم يجد أمامه سوى التوجه إلى قسم شرطة والابلاغ عن نفسه، جلس الأب فى حالة جنون غير مصدق ماذا فعل في فلذة كبدة وعاد يسترجع شريط ذكرياته وأسبابه التي دفعته إلى ارتكاب جريمته.
بدأ الأب المكلوم بالدعاء على شقيقته منها لله هي السبب، انهمرت الدموع من عينيه حزناً على فقدان ابنته على قلبه ويحدث نفسه «ياريتنى إديتها فرصة تدافع عن نفسها»، لكن حزنى من فعلتها طغى على كل حواسى، وواصل كنا نعيش فى سعادة وسط تواجد أسرى يلحظه الجميع وحب يغمرهم، وكافحت كثيراً لتربية أبنائى لم أبخل عليهم يوماً ودائماً ما أحرص على توفير كل احتياجاتهم بدون تقصير، لكن كلمات شقيقتى كانت فى أذنى تتردد طوال الوقت بأن ابنتى قامت بسرقة بعض مشغولاتها الذهبية وهو ما أثار حفيظتى فلا نملك سوى الشرف والأمانة، وقبل أن أتأكد من تلك الاتهامات التى طالت ابنتى سحبتها إلى أعلى الشقة حتى لا يشعر بها أحد وأوسعتها ضرباً وتركتها تصارع الموت، دون أن يسمع قلبى أنين جراحها فأذني لم تسمع سوى الكلمات التي وقعت على قلبي كالصخر حتى طبقت على أنفاسي، أن ابنتي سرقت عمتها أما الآن وبعد أن فارقت ابنتي الحياة لا أملك سوى الندم على جريمتي وأتمنى أن تسامحني، فصورتها ما زالت تراود خيالي تأبى أن تفارقه وكلما ذكرت هيئتها وقت اعتدائي عليها أصابتني غصة في القلب كادت أن تقتله.
فقد كنت كالمجنون لا يرى سوى الانتقام، لكن الآن ما عاد ينفع الندم حتى لو أمطرت دموعي تراب قبرها وأرضي تمام بنصيبي من عقاب الدنيا انتظارًا ليوم الحساب. لا أعرف سيدي إذا كانت ابنتى فعلت ذلك أم لا؟ هل حقا سرقت مصوغات عمتها.. فقد ماتت ولم تستطع الدفاع عن نفسها، ماتت وهي متهمة بالسرقة أمام الجميع دفعت حياتها ثمناً لتهمة لم أعطها فرصة الدفاع عن نفسها فيها ولكن في النهاية أنا القاتل، أنا من قتلت ابنتي أنا من أزهقت روحها ولم أعطها فرصة الدفاع أو تبرئة نفسها.
أرسل تعليقك